إيران تتحدى الغرب.. برنامجنا الصاروخي خط أحمر لا يخضع للتفاوض
إيران تتحدى الغرب.. برنامجنا الصاروخي خط أحمر لا يخضع للتفاوض

تشهد الساحة الدولية توترًا متزايدًا بين إيران والدول الغربية على خلفية رفض طهران القاطع لأي قيود على برنامجها الصاروخي، الذي تعتبره أحد أعمدة أمنها القومي، فيما تحذر الولايات المتحدة وأوروبا من أن استمرار تطوير الصواريخ الباليستية، إلى جانب تخصيب اليورانيوم، يفاقم خطر اندلاع أزمة نووية جديدة في المنطقة، حسبما نقلت مجلة "أتالايار" الإسبانية.
طهران ترفض التدخل في قراراتها الدفاعية
أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الإيرانية، العميد رضا طلايي نيك، أن بلاده لن تسمح بأي تدخل خارجي في قراراتها الدفاعية أو قدراتها الأمنية، مشيرًا أن تحديد سقف لبرنامجها الصاروخي أمر غير وارد تحت أي ظرف.
وفي السياق ذاته، شدد المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، العميد عبد الفضل شكارجي، على أن بلاده لا تحتاج إلى إذن من أي دولة لتطوير أسلحتها الدفاعية، معتبرًا أن قدراتها الصاروخية حق سيادي لا يمكن التنازل عنه.
وقالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني: إن طهران لن تتراجع عن تطوير برنامجها الصاروخي لأنها لن تضحي بأمن شعبها، مؤكدة أن الصواريخ تمثل جزءًا أساسيًا من منظومة الأمن الوطني الإيراني، وأن قضية الأمن هي جوهر المفاوضات الجارية مع الغرب.
قلق غربي من البرنامج النووي الإيراني
تخشى الدول الغربية أن يؤدي استمرار تخصيب اليورانيوم إلى تمكين إيران من إنتاج أسلحة نووية مستقبلًا، وهو ما جعلها تحاول إدراج هذه المسألة ضمن مفاوضات الاتفاق النووي الجديد، لكن طهران رفضت بشدة أي قيود إضافية.
انتقد الجنرال محسن رضائي، القائد الأسبق للحرس الثوري وعضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، المطالب الغربية التي تحاول تحديد مدى الصواريخ الإيرانية بأقل من 400 كيلومتر، معتبرًا أنها تجاوزت كل الحدود المقبولة.
أما نائب رئيس هيئة الأركان للعمليات، العميد محمد جعفر أسدي، فأوضح أن الصواريخ الإيرانية ستصل إلى المدى الذي تحتاج إليه، مشيرًا أن مداها الحالي البالغ 2000 كيلومتر يكفي للوصول إلى الأراضي الإسرائيلية.
الردع ضد التهديدات الإسرائيلية
قال أسدي: إن القدرات الردعية للجمهورية الإسلامية تشكل عنصرًا أساسيًا في مواجهة أعدائها، موضحًا أن أحد الأسباب الجوهرية لتطوير الصواريخ هو التحسب لأي هجوم جديد من قبل إسرائيل، خاصة بعد تصريحات لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أيال زامير، قال فيها إن المواجهة مع إيران لم تنته بعد.
أعلن وزير الدفاع الإيراني، عزيز نصير زاده، عن تطوير جيل جديد من الصواريخ يتمتع بقدرات تفوق النماذج السابقة، تحسبًا لأي هجوم إسرائيلي محتمل، مؤكدًا أن بلاده لا تواجه الجيش الإسرائيلي فحسب، بل أيضًا البنية اللوجستية والاستخباراتية الأمريكية الداعمة له.
مناورات عسكرية تحت شعار اقتدار 1404
وفي إطار استعداداتها العسكرية، أجرت إيران في أغسطس الماضي مناورات واسعة تحت اسم "اقتدار 1404"، شاركت فيها وحدات بحرية أطلقت صواريخ وطائرات مسيرة في المحيط الهندي.
ووفقًا للأدميرال عباس حسني، هدفت المناورات إلى تعزيز القدرات القتالية، وبث الثقة في الشعب الإيراني، ورفع كفاءة القيادة والسيطرة الميدانية، وتحقيق الردع بالاعتماد على الكفاءات المحلية.
ترسانة إيران النووية
تضم الترسانة الإيرانية مجموعة من الصواريخ المتنوعة، من بينها صواريخ "فاتح" و"فاتح 2" الفرط صوتية، وصاروخ "خيبر شكن" العامل بالوقود الصلب ويبلغ مداه 1400 كيلومتر، إضافة إلى صواريخ "قدس"، و"عماد"، و"شهاب".
وقد أشارت وكالة أسوشييتد برس إلى صور أقمار صناعية تظهر منشآت إيرانية لإعادة بناء الصواريخ، لكنها تفتقر إلى خلاطات الوقود الصلب اللازمة لإنتاج بعض أنواع الأسلحة.
ترى الولايات المتحدة وإسرائيل أن تعزيز التعاون الأمني بين طهران وبغداد يمثل خطرًا متناميًا، إذ يساهم في توسيع النفوذ الإيراني الإقليمي من خلال وكلائه في المنطقة مثل جماعة الحوثي في اليمن، والحشد الشعبي في العراق، وحزب الله في لبنان.
عقوبات أوروبية جديدة على خلفية البرنامج النووي والعسكري
ردًا على رفض إيران الالتزام بالقيود المفروضة في اتفاق 2015 وتقدمها في تطوير الصواريخ العابرة للقارات، أعادت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة فرض عقوبات أوروبية على طهران بعد اتهامها بانتهاك الاتفاق أمام الأمم المتحدة.
وشملت العقوبات حظرًا على السفن الإيرانية التي تحمل مواد محظورة أو أسلحة، ومنع أي تحويلات للبضائع أو التقنيات التي يمكن أن تسهم في تخصيب اليورانيوم. كما طالت العقوبات قطاعات الاقتصاد والتجارة والنفط والغاز الطبيعي.
موقف الأمم المتحدة والانقسام الدولي
من جانبها، فرضت الأمم المتحدة عقوبات جديدة على إيران بعد رفض مقترح روسي صيني لتمديد اتفاق 2015 لستة أشهر إضافية.
وأعرب السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، جيروم بونافون، عن أسفه لمواصلة إيران موقفها الرافض، قائلاً: إن المجتمع الدولي كان يأمل في خطوات ملموسة من طهران لكنها لم تقدم شيئًا حقيقيًا حتى الآن.
ورغم ذلك، أكد كل من السفير الفرنسي ونظيرته البريطانية باربرا وودوارد تمسك بلديهما بالحلول الدبلوماسية واستمرار الحوار.
أما المندوب الروسي ديمتري بوليانسكي فاتهم الدول الأوروبية بالنفاق، وأعلن أن موسكو تعتبر العقوبات الجديدة غير قانونية ولن تعترف بها، ما يعكس استمرار الانقسام الدولي حول كيفية التعامل مع الملف الإيراني.