الأحزاب الإيرانية تتحد في وجه الانتخابات الرئاسية: مقاطعة شاملة ودعوة للإصلاحات.. ماذا يحدث؟
الأحزاب الإيرانية تتحد في وجه الانتخابات الرئاسية: مقاطعة شاملة ودعوة للإصلاحات
في تصعيد لافت يشير إلى تزايد السخط الشعبي، أعلنت مجموعة من الأحزاب والمنظمات الإيرانية مقاطعتها للانتخابات الرئاسية المقبلة. يأتي هذا الإعلان ليعبر عن استيائهم من الأوضاع السياسية الراهنة واعتبارهم العملية الانتخابية مجرد "مسرحية" يديرها النظام.
*فخ الانتخابات*
أعلنت 16 حزبًا ومنظمة سياسية في إيران، في بيان مشترك، مقاطعتها للانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في نهاية يونيو. وصف الموقعون على البيان الانتخابات بأنها "مسرحية يديرها النظام"، مؤكدين أن المواطنين الإيرانيين لن يبيعوا أصواتهم بعد الآن.
وأشار البيان إلى أن الامتناع عن التصويت هو شكل من أشكال التعبير عن الإرادة الشعبية ورفض للانتخابات الصورية.
وقال البيان: إن الغالبية العظمى من الإيرانيين، الذين مروا بتجارب مريرة على مدى عقود طويلة، لن ينخدعوا مرة أخرى بما وصفوه بـ"فخ الانتخابات" الذي ينصبه النظام الإسلامي.
كما انتقد البيان الإصلاحيين، متهمًا إياهم بتضليل الشعب، إنهم قادوا المواطنين دائمًا إلى "سراب الاختيار بين السيئ والأسوأ"، واعتبر أن مشاركتهم في هذه الانتخابات تعني إدارة ظهورهم لمطالب الشعب.
وتطرق البيان أيضًا إلى وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية الشهر الماضي، واصفًا الحادثة بأنها "مشبوهة".
وأكد البيان على أن حكومة رئيسي قد فشلت في مجالات السياسة الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك في الأمور الداخلية والخارجية.
*احتجاج ضد هيكل السلطة*
من جانبه، يقول د. محمد محسن، الخبير في الشؤون الإيرانية، إن مقاطعة الانتخابات الرئاسية من قبل عدد كبير من الأحزاب والمنظمات السياسية تعكس بوضوح حالة عميقة من الإحباط واليأس من النظام السياسي الحالي في إيران.
وأضاف في حديثه لـ"العرب مباشر"، هذا القرار الجماعي بالمقاطعة ليس مجرد رفض للانتخابات بحد ذاتها، بل هو احتجاج قوي ضد هيكل السلطة والنظام الذي يرونه فاسدًا وغير شفاف.
وتابع الخبير في الشؤون الإيرانية، هذه المقاطعة قد تؤدي إلى تقليل شرعية الانتخابات بشكل كبير، مما يضعف من مصداقية العملية الانتخابية في نظر المجتمع الدولي والشعب الإيراني على حد سواء.
وتابع محسن، عندما تختار شرائح واسعة من المعارضة السياسية عدم المشاركة في الانتخابات، فإنها تسلط الضوء على عدم الثقة الكبير في قدرة النظام على إجراء انتخابات حرة ونزيهة، مضيفًا، هذا النوع من المقاطعة يمكن أن يكون له تأثيرات بعيدة المدى، حيث يزيد من الضغط الداخلي والخارجي على النظام الحاكم لإجراء إصلاحات حقيقية وملموسة.
وأضاف، النظام السياسي الإيراني قد يجد نفسه في موقف دفاعي، مجبرًا على تقديم تنازلات أو إصلاحات لاستعادة بعض من الشرعية والثقة المفقودة بينه وبين الشعب، بالتالي، هذه المقاطعة لا تعكس فقط استياءً من العملية الانتخابية الحالية، بل هي دعوة إلى تغيير أعمق في النظام السياسي الإيراني ككل، وهو ما قد يؤدي إلى تغييرات جوهرية في المستقبل إذا استمر الضغط الشعبي والسياسي بهذا الشكل المتصاعد.
*نقطة اللا عودة*
في السياق ذاته، يقول، هاني سليمان خبير الشئون الإيرانية: هذا التحرك المنسق من قبل عدة أحزاب ومنظمات سياسية يشير إلى تحول نوعي واستراتيجي في نهج المعارضة الإيرانية.
وأضاف سليمان، في السابق، كانت بعض الأحزاب تشارك في الانتخابات على أمل إحداث تغيير من الداخل أو على الأقل تقديم بدائل أفضل ضمن النظام الحالي، رغم اعترافهم بعيوبه العديدة، إلا أن هذا التحول إلى المقاطعة الكاملة يعكس تغييرًا جوهريًا في استراتيجيتهم، حيث لم يعودوا يرون جدوى في المشاركة في نظام يعتبرونه معيبًا وفاقدًا للشفافية والعدالة.
وتابع سليمان في حديثه لـ"العرب مباشر"، هذه المقاطعة الشاملة تعبر عن مستوى عميق من عدم الثقة بالنظام السياسي القائم. اختيار الامتناع عن المشاركة هو بمثابة إعلان صريح بأن المعارضة ترى أن المشاركة في الانتخابات تحت هذه الظروف لن تؤدي إلى أي تحسينات أو إصلاحات حقيقية، بدلاً من ذلك، يعتبرون أن المقاطعة هي الطريقة الأكثر فعالية للتعبير عن رفضهم الكامل للنظام ولإيصال رسالة قوية إلى المجتمع الدولي بأن الانتخابات تحت هذا النظام ليست سوى واجهة ديمقراطية زائفة.
بالتالي، هذا التحرك يعكس تصعيدًا في مواجهة المعارضة للنظام الحاكم ويشير إلى أن الفجوة بينهما قد وصلت إلى نقطة اللاعودة، المعارضة لم تعد تسعى فقط إلى التغيير من الداخل، بل تطالب الآن بإصلاحات جذرية وشاملة، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة الضغط على النظام للرد بجدية على هذه المطالب أو مواجهة تصاعد الاحتجاجات والاضطرابات السياسية.