إسرائيل توسّع بنك أهدافها.. الجماعة الإسلامية تدخل دائرة النار جنوب لبنان
إسرائيل توسّع بنك أهدافها.. الجماعة الإسلامية تدخل دائرة النار جنوب لبنان

بينما لم تجفّ بعد ذاكرة الجبهة الجنوبية للبنان من صدى الغارات التي استهدفت قادة في "حزب الله"، تأتي ضربة إسرائيلية جديدة لتضيف اسمًا آخر إلى قائمة المستهدفين، وهذه المرة من الجماعة الإسلامية، الحليف اللبناني لحركة "حماس".
اغتيال الدكتور حسين عزات عطوي، القيادي في "قوات الفجر"، الذراع العسكرية للجماعة، يشير إلى تحوّل نوعي في المقاربة الإسرائيلية التي باتت تستهدف أطرافًا كانت حتى الأمس القريب تعمل في الظل، وتتحرك خارج إطار المواجهة العلنية، الضربة، التي نُفذت بطائرة مسيّرة أثناء تنقل عطوي صباحًا في سيارته، لم تكن معزولة، إذ تلتها ساعات بعد ذلك غارة أخرى في بلدة الحنية، مما يشير إلى نمط تصعيدي متدرج، رغم اتفاق وقف إطلاق النار المعلن منذ نهاية نوفمبر، فهل تفتح هذه التطورات جبهة جديدة؟ أم أنها رسالة دقيقة ضمن معادلة الردع المستمرة بين تل أبيب وحلفاء طهران في لبنان؟
*حلفاء حماس*
في تطور لافت يُعد الأول من نوعه، استهدفت إسرائيل يوم الثلاثاء قياديًا بارزًا في "الجماعة الإسلامية" اللبنانية، ما يسلط الضوء على تحوّل محتمل في سياسة الاستهداف الإسرائيلي جنوب لبنان، من "حزب الله" وحده إلى طيف أوسع من الحلفاء العسكريين لحركة "حماس" داخل الأراضي اللبنانية.
الضربة الجوية، التي نُفذت بطائرة مسيّرة دقيقة التوجيه، استهدفت سيارة الدكتور حسين عزات عطوي في بلدة بعورتا، جنوبي بيروت، على بعد نحو 20 كيلومترًا فقط من العاصمة اللبنانية.
ويُعرف عطوي، الذي كان أستاذًا جامعيًا، بأنه أحد أبرز قادة "قوات الفجر"، الجناح العسكري للجماعة الإسلامية، وقد مثّل على مدى سنوات صلة الوصل بين حركتي "حماس" و"حزب الله"، في تنسيق العمليات من الأراضي اللبنانية ضد إسرائيل.
*صمت إسرائيلي*
إسرائيل لم تصدر بيانًا رسميًا يتبنى العملية، لكنها، كما درجت العادة، توجّه رسائل عبر الإعلام أو مصادر عسكرية مفادها أن كل من يشارك في دعم "البنية التحتية الإرهابية" في لبنان بات هدفًا مشروعًا.
وقد جاء هذا الاغتيال بعد أشهر من التوترات الحدودية والضربات المتبادلة، رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي.
لكن الهدوء النسبي لم يمنع إسرائيل من مواصلة تصفية خصومها، وإن عبر عمليات أكثر نوعية وانتقائية، فبعد ساعات من اغتيال عطوي، استهدفت طائرة مسيّرة أخرى سيارة بيك أب ودراجة نارية في بلدة الحنية جنوب لبنان، ما أدى إلى سقوط قتيل وعدد من الجرحى، في غارة لم تُعلن الجهة المستهدفة فيها بشكل رسمي، لكنها أتت ضمن سلسلة عمليات متكررة خلال الأسبوعين الماضيين.
المثير في هذا التصعيد أنه يطال لأول مرة الجماعة الإسلامية، والتي كانت قد تبنت في الأشهر الأولى من الحرب مع إسرائيل عمليات إطلاق صواريخ باتجاه مناطق شمال فلسطين المحتلة، من الأراضي اللبنانية، كجزء من تنسيق ميداني غير معلن مع "حماس" و"حزب الله".
هذا الانخراط جعل من الجماعة هدفًا مستقبليًا مرجحًا، خصوصًا بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلي مرارًا أنه سيلاحق "كل يد تمتد لدعم الإرهاب ضد إسرائيل"، حسب تعبيره.
*تفكيك بنى عسكرية لحزب الله*
في المقابل، يواصل الجيش اللبناني بدعم من قوات اليونيفيل تفكيك بنى عسكرية تابعة لـ"حزب الله" جنوب نهر الليطاني، تنفيذًا لاتفاق وقف إطلاق النار، ما يطرح تساؤلات حول فعالية هذا التنسيق في ظل تصعيدات إسرائيل المتكررة.
وقد أعلن الجيش اللبناني مؤخرًا، عن توقيف عدة أشخاص ينتمون لحركتي "حماس" والجماعة الإسلامية، يشتبه في تحضيرهم لعمليات إطلاق صواريخ جديدة تجاه إسرائيل.
مصدر أمني لبناني أكد، أن الجيش كثّف عملياته الاستخباراتية في الجنوب، في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية لتثبيت التهدئة ومنع أي تصعيد قد يُفجّر الوضع مجددًا.
ومع ذلك، تبقى إسرائيل هي من يتحكم بإيقاع التصعيد عبر عملياتها الجوية التي يبدو أنها تستهدف أكثر من البنى العسكرية، بل تسعى لإعادة تشكيل خريطة القوى المقاومة على الأراضي اللبنانية.
الرسالة الإسرائيلية، تتجاوز الردع الكلاسيكي، لتصل إلى مرحلة "تفكيك التحالفات"، عبر استهداف كل من ينخرط فعليًا في محور "حماس – حزب الله – إيران"، في أي نقطة جغرافية تعتبرها إسرائيل ساحة تهديد.