محمد الشارخ.. رحيل عملاق الحواسيب العربية ومؤسس شركة صخر
محمد الشارخ.. رحيل عملاق الحواسيب العربية ومؤسس شركة صخر
في خبر أحزن العالم العربي والإسلامي، توفى رجل الأعمال والمبتكر الكويتي محمد الشارخ، الذي قاد ثورة تقنية في مجال الحواسيب العربية، وأسس شركة صخر الشهيرة، أمس الأربعاء، عن عمر ناهز 82 عامًا، وهو مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة صخر لبرامج الحاسوب الآلي، وأول من أدخل العربية على الحواسيب، وترجم برامج مختلفة من أهمها القرآن الكريم، إضافة إلى إنجازاته في "أرشيف الشارخ"، الذي يضم المجلات العربية، والمعجم العربي، ومشروع كتاب في جريدة.
*الميلاد والنشأة*
ولد الشارخ عام 1942 في الكويت، ونشأ فيها، وحصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة عام 1965، ثم أكمل دراسة الماجستير في كلية ويليامز بولاية ماساتشوستس في الولايات المتحدة الأميركية بتخصص التنمية الاقتصادية.
بدأ حياته العملية نائبًا للمدير العام للصندوق الكويتي للتنمية سنة 1969 وبقي في مركزه 4 سنوات، ثم أصبح نائب المدير التنفيذي للبنك الدولي للأعمال والتنمية في واشنطن منذ عام 1973 وحتى عام 1975. ترأس بعدها مجلس إدارة البنك الصناعي الكويتي منذ عام 1975 وحتى عام 1979.
وعمل نائبًا لرئيس جمعية الاقتصاديين العرب، وقد أسس شركة "الشارخ" العالمية للإلكترونيات في الكويت والسعودية، ويعد الشارخ أحد المساهمين في تمويل "مركز دراسات الوحدة العربية" و"المنظمة العربية للترجمة"، كما أنه أحد المساهمين في تأسيس "معهد العالم العربي" في باريس.
*صخر: علامة فارقة في تاريخ اللغة العربية*
بدأت استثمارات الشارخ في برامج ألعاب الأطفال، أو ما كان يعرف حينها باسم "الأتاري" عام 1982، ثم اتجه لإصدار برامج الأطفال على الكمبيوتر تحت اسم "صخر إم إس إكس"، وقد نجح المشروع على المستوى العربي، فكان دافعا لتطويره تحت اسم منتج "صخر بي سي".
وقد استوحى الشارخ اسم مشروعه من المثل العربي "العلم في الصغر كالنقش على الحجر" فاختار كلمة صخر لتكون تمثيلا ورمزا للمشروع، أنشأ الشارخ شركة "صخر" لبرامج الحاسوب عام 1982، وهي شركة كويتية تابعة للشركة العالمية للإلكترونيات.
*إنجازات رائدة*
ثم استعان بالعالم المصري الدكتور نبيل علي لوضع أسس اللغة العربية وقواعدها لتمكينها في الحواسيب، واستطاع من خلال شركته إدخال اللغة العربية إلى الحواسيب، فأصبح "صخر" أول حاسوب عربي.
وقد صاحب دخول العربية على الحواسيب حزمة من البرامج المترجمة، من أهمها برنامج "القرآن الكريم" وكتب الحديث التسعة باللغة الإنجليزية للكمبيوتر، وأرشيف المعلومات الإسلامية، لحقتها برامج التعرف الضوئي على الحروف العربية، ومن ثم برنامج "ترجم". ليكون بذلك أول من أدخل اللغة العربية على الحواسيب في التاريخ.
وبعد الغزو العراقي على الكويت نقل الشارخ مقر شركته صخر من الجابرية في الكويت إلى القاهرة سنة 1990، واضطرت الشركة إلى إعادة هيكلة أنشطتها، وإيقاف برنامج إنتاج الأجهزة، لتعتمد على الذراع البرمجي للمؤسسة، وبالتعاون مع اليونسكو أسس الشارخ مشروع "كتاب في جريدة" عام 1997.
كما أنشأ المعجم العربي المعاصر عام 2019، ووفره على الانترنت مجانًا، ويحتوي على 125 ألف معنى وتركيب، وقاعدة بيانات للمترادفات والمتضادات بلغت 35 ألف مترادف ومتضاد، كما يضم الموقع 3 من أشهر المعاجم التراثية: القاموس المحيط، وتاج العروس، ولسان العرب.
وحصلت شركة "صخر" على 3 براءات اختراع من مكتب الولايات المتحدة لبراءات الاختراع، وهي التعرف الضوئي على الحروف "أو سي آر"، والترجمة الآلية من العربية للإنجليزية، والنطق العربي.
*أرشيف الشارخ.. إرث ثقافي ضخم*
بدأ الشارخ عام 2016 مشروعه الكبير الذي سماه “أرشيف الشارخ” وهو مشروع لجمع المجلات الأدبية الثقافية العربية ورفعها على شبكة الإنترنت، بهدف الحفاظ على التراث الثقافي العربي وجعله متاحا وميسرًا للباحثين والطلاب، ويتميز الأرشيف بسرعة أدائه ودقة الوصول إلى المعلومة، مما يوفر الوقت والجهد.
ويضم الأرشيف نسخا من المجلات العربية القديمة والحديثة العريقة، فقد بلغ عدد المجلات فيه 272، توفر منها 15 ألفا و824 عددا، كما وصل عدد المقالات إلى 325 ألفا و625 مقالة، وكذلك يحتوي الأرشيف على نحو 52 ألف كتاب عربي وأجنبي.
وقد حظي مشروع الشارخ بتقدير وإشادة من قبل العديد من الشخصيات الثقافية والأكاديمية العربية والعالمية، وحصل على جوائز وتكريمات عدة، منها جائزة الشيخ زايد للثقافة عام 2020، وجائزة الأمير نايف للمجلات العربية عام 2021، وجائزة اليونسكو للتراث الرقمي عام 2022.
وقد ترك الشارخ وراءه إرثا ثقافيا وتقنيًا هامًا، وأسرة متميزة في مجالات الأعمال والاستشارات والأكاديمية، ومحبين ومعجبين بأعماله وإنجازاته في العالم العربي والإسلامي والعالمي.