في عيد اتحاد الإمارات.. 50 عامًا من التنمية والإنسانية والإنجازات
تحتفل الإمارات العربية المتحدة بعيد الاتحاد الخمسين
على مدار نصف قرن، قدمت نموذجًا رائعًا ومبهرًا للعالم أجمع في الاتحاد، لتغيير حياة أبنائها وتضيف قمرًا بازغًا في سماء العروبة، يكمل الصف، وينساب نوره في النفوس ممثلاً لروح الاتحاد، وينير درب جيل تِلْو الآخر، من خلال دولة الإمارات العربية المتحدة.
اتحاد الإمارات
في 2 ديسمبر، من كل عام تحتفل الإمارات، بيومها الوطني الخالد، بذكرى اتحادها الذي تأسس عام 1971، حيث بدأت تلك الانطلاقة التاريخية باتفاق حكام الإمارات السبع، وهم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حاكم أبو ظبي، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم دبي، والشيخ صقر بن محمد القاسمي، حاكم رأس الخيمة، والشيخ خالد بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، والشيخ محمد الشرقي حاكم الفجيرة، والشيخ أحمد المعلا حاكم أم القيوين، والشيخ راشد بن حميد النعيمي، حاكم عجمان، على الاتحاد فيما بينهم، وإقرار دستور مؤقت ينظم الدولة ويحدد أهدافها.
وفي يوم 18 يوليو 1971، أعلن حكام إمارات الستة، تكوين دولة الإمارات العربية المتحدة، ليتم تدشينها رسميا في 2 ديسمبر من العام نفسه كدولة اتحادية مستقلة ذات سيادة، لتنضم لهم إمارة رأس الخيمة لاحقا في ١٠ فبراير 1972، ليكتمل بذلك عقد الإمارات السبع في إطار واحد، ليبدؤوا معًا رحلة غنية بالتكامل والاندماج القوي، ويصنعوا نموذجا مشرفا ومبهرا للعالم أجمع.
إرث من الإنجازات
واحتفالاً بتلك المناسبة الهامة، أكد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، أن دولة الإمارات تنطلق بإرث من الإنجازات اليوم، نحو الخمسين عامًا القادمة برؤية إستراتيجية شاملة بعيدة المدى، منهجها التميّز والتفرّد والريادة.
وقال الشيخ خليفة، في كلمة بمناسبة اليوبيل الذهبي لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وجهها عبر مجلة درع الوطن: "لقد اتخذ آباؤنا المؤسسون من التنمية الشاملة منهجاً لبناء هذه الدولة، وجعلوا من الواقع الإماراتي، في مكوناته البشرية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية مرتكزاً لإرساء القواعد الدستورية والتنظيمية والهيكلية للدولة، والتأسيس لوظائفها الإدارية والإنتاجية والخدمية، فكانت مسيرة حافلةً بالبسالةِ والإقدامِ والإنجاز، رسخ خلالها آباؤنا الاتحاد؛ روحاً، وتشريعاً، ومؤسسةً، وجيشاً وطنياً، وجعلوا من بناء الإنسان هدفاً إستراتيجياً وأولويةً قصوى، وبالإرادة الصلبة، والرؤية الثاقبة، أثمرت المرحلة منجزات تنموية مشهودة مهدت الطريق لتجربة اتحادية رائدة، جسدت قيم التفاهم والتنسيق بين المستويين الاتحادي والمحلي، وعززت من قيم العمل والعطاء والمشاركة، وعمقت مشاعر الفخر بالوطن، ووثقت الارتباط بدوائر انتمائه الخليجي والعربي".
كما أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، أن دولة الإمارات تمضي نحو المستقبل وفق إستراتيجية متكاملة أساسها الإنسان الذي هو رأسمالنا الحقيقي وأهم عناصر ثروتنا.
وتابع، في كلمته بمناسبة عيد الاتحاد الــ50 لدولة الإمارات، أن: "ما يعزز ثقتنا بالمستقبل هو انطلاقنا من أرضية صلبة بنيناها عبر أعوام طويلة من العمل والتخطيط جعلتنا نمتلك كل مقومات النهضة والريادة"، مشددا على أن دولة الإمارات تسعى لأن تكون إحدى أفضل دول العالم بحلول الذكرى المئوية لقيامها في عام 2071.
وأشار إلى أن "احتفالنا هذا العام يكتسب أهمية خاصة، حيث تكمل بلادنا الغالية 50 عاماً من تاريخها الحافل والمشرف بكل ما تزخر من دروس ومعان ودلالات كبيرة للحاضر والمستقبل".
أرقام مضيئة
وخلال تلك المسيرة، تمكن العديد من المؤسسات في الإمارات، من تحقيق مجموعة من الأرقام القياسية بالعالم، بتسجيلها بأحرف من نور في موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية، منها: "أكبر علم يرفرف خلال قفزة حرة من طائرة، وأكبر عدد جنسيات على متن طائرة واحدة، وأكبر سجادة زهور طبيعية في العالم، وأكبر صورة لصاروخ فضائي يشكلها بشر، وأكبر عدد جنسيات ينشدون سلاما وطنيا".
كما كشف المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء عن بيانات وأرقام رصد بها مدى التطور المسجل في أبرز القطاعات الحيوية خلال 50 عاما، منها السكان، والصحة، والتعليم، والبنية التحتية، والمرأة، والقوى العاملة، والأمن الغذائي والمائي، والاتصالات.
وفيما يخص الصحة، حققت الدولة قفزات نوعية وإنجازات كبيرة تتناسب مع حجم المتطلبات والتحديات الصحية الناجمة عن الزيادة السكانية التي شهدتها خلال تلك الفترة، وتطور عدد المستشفيات في الدولة عام 2020 ليصل إلى 173 مستشفى (56 حكوميًا - و117 خاصًا)، مقارنة بـ 16مستشفى: (15 حكوميًا، و1 خاص) في عام 1975، بنسبة زيادة بلغت981 في المائة، فيما بلغ عدد الأطباء 26,106 في عام 2020، مقارنة بـ 2,359 طبيبا عام 1985، بنسبة زيادة بين العامين وصلت إلى 1007 في المائة.
كما حصل قطاع التعليم خلال مسيرة الاتحاد على اهتمام فائق جسدته أرقام التطور الكبير في عدد المدارس ومؤسسات التعليم العالي والطلاب والخريجين، حيث قفز عدد المدارس من 227 مدرسة في عام 1975، ليصل إلى 2,670 مدرسة في عام 2020 بنسبة زيادة بلغت 1076 في المائة، بينما بلغ عدد مؤسسات التعليم العالي في الدولة اليوم نحو 134.
وعملت الإمارات من خلال إستراتيجية متكاملة على تطوير البنية التحتية بما يخدم المواطنين والمقيمين على أرضها والحفاظ على ديمومة الاستقرار والرفاهية التي يعيشونها، حيث بلغت أطوال الطرق المعبدة وغير المعبدة في الدولة حسب آخِر إحصائية لعام 2020 حوالَيْ 83,476 كيلومترا، فيما شملت محفظة الموانئ في الدولة 12 منفذاً بحرياً تجارياً، (عدا الموانئ النفطية)، و310 مَرَاسٍ بحرية بحمولة تصل إلى 80 مليون طن من البضائع.
وعززت المرأة في الإمارات خلال الخمسين سنة الماضية حضورها في كافة المجالات والذي بات مساويًا لحضور الرجال، حيث تشكل نسبة 50 في المائة من عضوية المجلس الوطني الاتحادي في الدولة، فيما تمثل الإناث نسبة 60 في المائة من أعضاء مجلس الإمارات للشباب والمجالس المحلية للشباب، ونسبة 24 في المائة من أعضاء مجالس الإدارات في الجهات الاتحادية والمحلية.
ووضعت قيادة الإمارات رؤية إستراتيجية غير مسبوقة نحو المستقبل، فأطلقت عام 2001 خدمات إلكترونية الأولى من نوعها حتى إعلان إطلاق الحكومة الإلكترونية عام 2011 ثم الحكومة الذكية عام 2013 وبعدها إطلاق الإستراتيجية الوطنية للحكومة الرقمية لدولة الإمارات 2025 ضمن 6 محاور هي المنصة الرقمية الموحدة، والممكنات الرقمية المشتركة، والبِنْية التحتية والخدمات الرقمية، والمشاركة الرقمية، والقوانين والسياسات والمقاييس، والقدرة الرقمية، مؤكدة أهمية استشراف المستقبل وصناعته بشكل عملي.
وركزت رؤية الإمارات على الاستثمار في الكوادر البشرية لريادة مسارات تصميم المستقبل وصناعته، وأطلقت المبادرات النوعية الداعمة لتمكين قيادات المستقبل، كما في مبادرة "مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل".
أضخم تشريعات
وانطلاقًا من مبادئ حقوق الإنسان والمساواة، حرصت الإمارات على إجراء تغييرات تشريعية نوعية هي الأكبر في تاريخها، ضِمن مسيرتها الخاصة بـ"مئوية الإمارات 2071" التي تركز على "بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم" وتوفير أفضل مستويات الحياة للمجتمع.
ولذلك، اعتمد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، منذ أيام، أضخم مشروع لتطوير التشريعات والقوانين الاتحادية في الدولة، وذلك بهدف تعزيز البيئة الاقتصادية والبِنْية الاستثمارية والتجارية في الدولة.
وتتضمن التغييرات أكثر من 40 قانونًا ذات علاقة بالقطاعات الاستثمارية والتجارية والصناعية، وقوانين الشركات التجارية، وتنظيم وحماية الملكية الصناعية، وحقوق المؤلف، والعلامات التجارية، والسجل التجاري، والمعاملات الإلكترونية وخدمات الثقة والتعليم العالي، بالإضافة لقوانين تتعلق بالتخصيم، وقانون دخول وإقامة الأجانب وقانون القواعد العامة الموحدة للعمل بالإضافة إلى القوانين ذات العلاقة بالمجتمع وأمن أفراده مثل قانون الجرائم والعقوبات، وقانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية ومكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية.
نموذج للإنسانية
وفي خمسينيتها تظهر الإمارات كشابة عفيّة فتيّة بما تملكه من آمال ومشروعات ضخمة تصل عنان السماء، خاصة بعد أن رَسَا مسبارها للأمل على سطح المريخ لاستكشاف الفضاء.
وحرصت الإمارات على احتضان فعاليات "التحالف العالميّ للتسامح" و"قمّة الأديان"، وإطلاق وثيقة "الأخوة الإنسانية" التي قام عليها البابا فرنسيس والدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، لتكون منهاجًا يهدي البشرية، فضلاً عن توقيع الاتفاق الإبراهيمي الذي يعد الإنجاز الدبلوماسي الأضخم لصالح فلسطين والعالم العربي.
ومع جائحة فيروس "كورونا" المستجدّ، شهد العالم قوافل الخير الإماراتية من الغذاء والدواء والرعاية الصحية تطير إلى مختلف بقاع الأرض، حتى وصلت لأبعد نقطة في العالم، حيث غابات الأمازون في قلب أميركا اللاتينية.
ولتلك الجهود البارزة، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" اعتماد اليوم الوطني للإمارات، الثاني من ديسمبر، يومًا عالميًا للمستقبل، وهي خطوة تكلل الجهود الدولية والمبادرات الإستراتيجية لدولة الإمارات كرائد عالمي في مجال استشراف المستقبل.