محلل سياسي: السودان يواجه خطر التفكك إذا استمرت الحرب دون تسوية
محلل سياسي: السودان يواجه خطر التفكك إذا استمرت الحرب دون تسوية

تتواصل معاناة الشعب السوداني في ظل الحرب المستمرة منذ أكثر من عام ونصف بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث دخلت البلاد في واحدة من أعقد الأزمات الإنسانية والسياسية في تاريخها الحديث. ومع غياب أي بوادر لحل شامل، يعيش السودانيون تحت وطأة أزمات متلاحقة من النزوح والجوع وانهيار الخدمات الأساسية.
وبحسب تقديرات منظمات دولية، تجاوز عدد النازحين داخليًا وخارجيًا 10 ملايين شخص، ليصبح السودان أكبر أزمة نزوح على مستوى العالم حاليًا. فيما يعاني الملايين من انعدام الأمن الغذائي، وسط تحذيرات من مجاعة وشيكة قد تضرب مناطق واسعة، خاصة في إقليم دارفور وكردفان والخرطوم.
القطاع الصحي بدوره يواجه انهيارًا شبه كامل، إذ توقفت مئات المستشفيات والمراكز الطبية عن العمل بسبب القصف أو نقص الإمدادات والأدوية وفي الوقت ذاته، تفاقمت الأوضاع مع انتشار الأوبئة والأمراض في بيئات النزوح المزدحمة، ما يزيد من حجم الكارثة الإنسانية.
سياسيًا، تظل محاولات التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار متعثرة، رغم الوساطات الإقليمية والدولية، وسط اتهامات متبادلة بخرق الاتفاقات الجزئية. وفي ظل غياب رؤية واضحة للمستقبل، يخشى مراقبون من أن يؤدي استمرار القتال إلى تفكك الدولة وانزلاقها إلى صراعات أوسع.
وفيما يصف محللون ما يجري بأنه "حرب منسية"، يبقى المدنيون هم الخاسر الأكبر، إذ يواجهون يوميًا مأساة البحث عن مأوى وغذاء وأمان في بلد أنهكته الحرب، ولا يزال بعيدًا عن أي تسوية سياسية تنهي دوامة العنف المستمرة.
وحذر المحلل السياسي السوداني الدكتور محمد عبدالله من أن استمرار الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أكثر من عام يضع السودان أمام مخاطر جسيمة قد تصل إلى حد تفكك الدولة وانهيار مؤسساتها بالكامل، في ظل الأزمات الإنسانية المتفاقمة.
وقال عبدالله -في تصريحات للعرب مباشر-: إن المشهد الحالي يعكس مأساة إنسانية غير مسبوقة، حيث يعيش ملايين السودانيين تحت ظروف قاسية بين النزوح والجوع وانعدام الخدمات، مضيفًا أن "الحرب لم تعد مجرد صراع على السلطة، بل تحولت إلى كارثة وجودية تهدد بقاء السودان كدولة موحدة".
وأشار المحلل السياسي، أن استمرار غياب الإرادة السياسية الحقيقية للتفاوض، والتشبث بالحلول العسكرية، لن يؤدي سوى إلى إطالة أمد الحرب وزيادة معاناة المدنيين. كما دعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته والضغط الجاد على أطراف الصراع للجلوس على طاولة حوار شامل يضع حدًا للنزيف المستمر.
وشدد عبدالله على أن "السودانيين دفعوا ثمنًا باهظًا من دمائهم ومعاناتهم اليومية، ومن غير المقبول أن يظلوا رهائن لحسابات ضيقة وصراعات مسلحة"، محذرًا من أن أي تأخير في التوصل إلى تسوية سياسية سيفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر خطورة، من بينها تفتيت البلاد وتوسع رقعة الصراع في المنطقة.