إيران بين الاختبارات العسكرية والنفي الرسمي.. برنامج الصواريخ يثير قلق إسرائيل

إيران بين الاختبارات العسكرية والنفي الرسمي.. برنامج الصواريخ يثير قلق إسرائيل

إيران بين الاختبارات العسكرية والنفي الرسمي.. برنامج الصواريخ يثير قلق إسرائيل
البرنامج النووي الإيراني

تشهد إيران حالة من الغموض والارتباك بشأن برنامجها للصواريخ الباليستية، وسط مخاوف إسرائيلية متزايدة من إعادة بناء قدراتها العسكرية بعد الضربات الإسرائيلية في حرب يونيو الماضي. 

فقد أفادت وسائل إعلام مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، المشرف على البرنامج، بإجراء اختبارات صاروخية في مختلف أنحاء البلاد، لكن محطة البث الرسمية الإيرانية نفت هذه التقارير بسرعة، مشيرة إلى أن الصور المتداولة كانت مجرد آثار تلاحق طائرات ركاب عالية الارتفاع، حسبما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

تناقضات إعلامية

وتأتي هذه التناقضات الإعلامية في ظل زيارة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى فلوريدا ولقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث احتل ملف الصواريخ الباليستية الإيراني أولوية على جدول الأعمال. 

وقد استهدفت إسرائيل قدرة إيران الصاروخية خلال حربها في يونيو، لكن مسؤولين إسرائيليين أعربوا عن مخاوفهم من أن طهران تعيد بناء قوتها الصاروخية، وهو ما يشكل تهديدًا متناميًا للأمن الإسرائيلي.

وأفاد موقع "فارس نيوز"، التابع للحرس الثوري، أن اختبارات صاروخية واسعة النطاق جرت في البلاد، مستندًا إلى "ملاحظات ميدانية وتقارير عامة". 

كما نشرت صحيفة "همشهري" التابعة لبلدية طهران مقاطع فيديو تظهر آثار الصواريخ، لكن لم يتم التحقق من صحة هذه اللقطات بشكل مستقل. 

في المقابل، نفى البث الرسمي الإيراني حدوث أي اختبارات، مشيرًا إلى مصادر مطلعة، واعتبر أن الصور المتداولة تعود فقط لآثار طائرات ركاب.

 ويشرف على البث الرسمي مجلس يضم ممثلين عن الرئاسة والقضاء والبرلمان، ويعين رئيسه من قبل المرشد الأعلى علي خامنئي.

سخرية إيرانية ورسائل رسمية

وبدا أن النفي الرسمي للاختبارات أصبح مادة للسخرية داخل إيران، حتى على شاشات التلفزيون الرسمية. فقد سخِر محلل الشؤون الدولية مصطفى خوشچشم خلال برنامج تلفزيوني من مقاطع الفيديو التي تظهر آثار الصواريخ، واصفًا إياها بأنها "رحلة عمودية لطائرات ركاب تعمل بالوقود الصلب".

ويشير الخبراء، أن الرسائل الرسمية الإيرانية غالبًا ما تكون متناقضة بسبب الهيكل الحكومي المعقد الذي يجمع بين عناصر دينية وجمهورية؛ ما يؤدي إلى تضارب الصلاحيات بين مختلف الأجهزة. 

وفي حين أن الحكومة الإيرانية تميل إلى الترويج للاختبارات الناجحة لإرسال رسائل استراتيجية أو تعزيز الردع، فإنها تقلل من شأن الاختبارات الفاشلة، وهو ما قد ينطبق على الحالة الأخيرة، حسب تحليل حميد رضا عزيزي، الباحث في السياسة الأمنية الإيرانية.

ويضيف عزيزي، أن الاختبارات الأخيرة قد تكون تقنية بحتة وليست موجهة لإرسال رسائل خارجية، مشيرًا إلى أن القوة الفضائية للحرس الثوري تتجه نحو نظام أكثر لامركزية ربما استعدادًا لصراع محتمل مع إسرائيل.

 ويعتقد فارزين نادي مي، الباحث في المعهد الأمريكي بواشنطن والمتخصص بالشؤون العسكرية الإيرانية، أن مقاطع الفيديو تشير إلى اختبارات ميدانية لإصلاحات أو تحسينات في قوة الصواريخ، وليس إلى تمرين شامل.

الاختبارات الثانية

ومن الممكن أن تكون هذه الاختبارات الثانية منذ حرب يونيو، حيث أفادت وكالة أسوشيتد برس في سبتمبر الماضي أن إيران أجرت على الأرجح اختبار صاروخي غير معلن استنادًا إلى صور الأقمار الصناعية وتحليل الخبراء. 

خلال حرب يونيو، استهدفت القوات الإسرائيلية قواعد إيرانية وصواريخ الدفاع، وقتلت قيادات عسكرية وعلماء نوويين، وردت إيران بإطلاق صواريخ نجحت في اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية عدة مرات.

 وفي نهاية الصراع، شاركت الولايات المتحدة بقصف ثلاث منشآت نووية رئيسية، ما أسفر عن أضرار كبيرة في مرافق التخصيب النووي الإيراني، وما تزال معظم هذه المنشآت متضررة بشكل كبير وفق تحليل نشره معهد العلوم والأمن الدولي.

ورغم الضربات المدمرة، يواصل المسؤولون الإسرائيليون اعتبار برنامج إيران للصواريخ الباليستية تهديدًا، وسط غموض حول حجم هذا التهديد المتبقي، حسب تقرير لمعهد الدراسات الاستراتيجية الدولية. 

وتشير تحليلات إلى أن إسرائيل قد تضطر لشن هجمات إضافية خلال الأشهر المقبلة لتعطيل أي تقدم في إعادة بناء البرنامج، في حين يؤكد المسؤولون الإيرانيون، أن خط إنتاج الصواريخ ما زال نشطًا ولم يتوقف حتى بعد الحرب القصيرة التي استمرت 12 يومًا.

وأكد المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شيخ الرحي، أن خطوط إنتاج الصواريخ الإيرانية لم تتوقف لحظة واحدة، فيما وصف إسماعيل باقائي المتحدث باسم وزارة الخارجية برنامج الصواريخ بأنه دفاعي وغير قابل للتفاوض.

 وأشار محمد علي جعفري، القائد السابق للحرس الثوري، أن جميع قواعد الصواريخ تحت الجبال لم تتعرض لأضرار، معتبرًا أن إيران لا تحدها أي قيود على قدرتها الصاروخية.