محلل سياسي مغربي: مظاهرات جيل زد رسالة قوية تدعو لمراجعة أولويات الحكومة
محلل سياسي مغربي: مظاهرات جيل زد رسالة قوية تدعو لمراجعة أولويات الحكومة

شهدت عدة مدن مغربية -خلال الأيام الماضية- موجة من الاحتجاجات الشبابية قادها جيل "زد"، للتعبير عن رفضهم لما وصفوه بـ"اختلال أولويات الحكومة"، وذلك عقب تركيز الإنفاق على تنظيم الأحداث الرياضية وبناء الملاعب، مقابل تراجع الخدمات في قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والتشغيل.
ورفع المحتجون شعارات أبرزها: "المستشفيات قبل الملاعب" و"التعليم أولا"، في محاولة لإيصال رسائل مباشرة إلى صناع القرار بضرورة مراجعة السياسات الاقتصادية والاجتماعية.
وقد تميزت المظاهرات بحضور شبابي واسع وتنسيق ملحوظ عبر منصات التواصل الاجتماعي، ما يعكس نمطًا جديدًا من الحراك يعتمد على التكنولوجيا في التعبئة والتنظيم.
ويرى محللون، أن ما جرى يمثل مؤشرا على بداية "وعي سياسي متجدد" لدى الشباب المغربي، خاصة الفئة العمرية بين 18 و25 عامًا، التي تشكل نسبة كبيرة من سكان البلاد.
ويؤكد هؤلاء أن مطالب الجيل الجديد لا تقتصر على تحسين ظروف المعيشة فقط، بل تمتد إلى المشاركة في صياغة السياسات العامة وضمان الشفافية في اتخاذ القرار.
الحكومة المغربية من جانبها لم تصدر ردود فعل مباشرة على المظاهرات، لكن مصادر برلمانية أشارت إلى وجود نقاش داخلي حول كيفية التعامل مع مطالب الشارع، خصوصًا في ظل الضغوط الاجتماعية والاقتصادية المتزايدة التي فرضتها جائحة كورونا وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب.
ويحذر خبراء من أن تجاهل هذه الأصوات قد يعمق فجوة الثقة بين الشباب والمؤسسات الرسمية، بينما قد يمثل فتح قنوات حوار واستجابة تدريجية للمطالب فرصة لتعزيز الاستقرار ودعم مسار الإصلاح.
وبينما يترقب الشارع المغربي الخطوات المقبلة، يبقى السؤال مطروحًا: هل تتحول مظاهرات جيل "زد" إلى نقطة انطلاق لإصلاحات حكومية واسعة، أم ستظل مجرد موجة احتجاجية عابرة ضمن سياق أوسع من الحراك الاجتماعي في المنطقة؟
وقال المحلل السياسي المغربي الدكتور يوسف العلوي: إن المظاهرات الأخيرة التي قادها جيل "زد" في عدد من المدن المغربية تمثل رسالة قوية للحكومة بضرورة مراجعة سياساتها وأولوياتها الاقتصادية والاجتماعية، معتبرًا أن استمرار التركيز على تنظيم التظاهرات الرياضية وبناء الملاعب مقابل إهمال قطاعات الصحة والتعليم بات يثير استياءً واسعًا في الشارع.
وأوضح العلوي - في تصريحات للعرب مباشر-، أن الشباب الذين خرجوا إلى الشوارع " لا يحملون أجندات سياسية تقليدية، بل يعبرون عن مطالب معيشية مباشرة مرتبطة بالحق في التعليم الجيد، والرعاية الصحية، وفرص العمل"، مضيفًا أن هذه الموجة تكشف عن وعي جديد لجيل يتقن استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل للتعبئة والتأثير.
وأشار إلى أن الحكومة أمام اختبار حقيقي في التعامل مع هذه المطالب، فإما أن تنفتح على حوار جدي يقود إلى إصلاحات ملموسة، أو تواجه خطر اتساع فجوة الثقة بينها وبين فئة شبابية تمثل أكثر من ثلث المجتمع المغربي.
وشدد العلوي على أن "التعامل الأمني وحده لا يكفي، بل إن المطلوب هو معالجة جذرية للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية"، محذرًا من أن تجاهل هذه التحركات قد يفتح الباب أمام تصاعد الاحتقان الشعبي، بينما الاستجابة الإيجابية لها يمكن أن تتحول إلى فرصة لتعزيز الاستقرار وترسيخ المشاركة المجتمعية.