سباق نحو الهاوية.. كوريا الشمالية وروسيا من يشعل فتيل الحرب النووية
سباق نحو الهاوية.. كوريا الشمالية وروسيا من يشعل فتيل الحرب النووية
مع تزايد التوترات الإقليمية والدولية، بات العالم اليوم أكثر قربًا من احتمال اندلاع حرب نووية مما كان عليه منذ نهاية الحرب الباردة.
تصاعد الصراعات العالمية، إلى جانب السباق المستمر نحو التسلح النووي، يعيد إلى الواجهة الكوابيس القديمة حول مستقبل قد يكون فيه استخدام الأسلحة النووية خيارًا ممكنًا بل وحتميًا في الصراعات التقليدية.
*مؤشرات خطر متزايد*
تتصاعد التهديدات النووية اليوم على عدة جبهات حول العالم، التوترات المتصاعدة بين روسيا والغرب بسبب الحرب في أوكرانيا، وتزايد خطر نشوب حرب نووية في الشرق الأوسط على خلفية النشاطات النووية الإيرانية، والتهديدات المستمرة من كوريا الشمالية، كلها عوامل تشير إلى مرحلة جديدة من عدم الاستقرار النووي.
علاوة على ذلك، قد تعود الولايات المتحدة إلى إجراء التجارب النووية إذا عاد دونالد ترامب إلى سدة الحكم في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو ما يزيد من زخم الأزمة.
على الرغم من الجهود الدولية لفرض معايير للحد من انتشار واستخدام الأسلحة النووية، إلا أن تلك المعايير بدأت تضعف أمام التحديات المتزايدة. هذه التطورات تعيد إلى الأذهان التساؤلات حول مدى استقرار النظام النووي العالمي الذي أُسس منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
*النظام النووي*
على الرغم من وجود مؤسسات دولية واتفاقيات تهدف إلى منع انتشار الأسلحة النووية مثل معاهدة منع الانتشار النووي لعام 1968 ومعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية لعام 1997، فإن تآكل هذا النظام يشكل خطرًا حقيقيًا.
فهذه المعاهدات لم تعد كافية للحد من التصعيد النووي، بل إن الأخطر من ذلك، أن هناك جهات فاعلة دولية تسعى إلى تقويض هذه المعايير، بما في ذلك زعماء وصفهم بعض المحللين بـ"الاستبداديين" الذين يرون في النظام الدولي الحالي عائقًا لتحقيق طموحاتهم العسكرية والسياسية.
ما يثير القلق هو أن المعايير النووية تحكم ثلاثة مجالات رئيسية: الاستخدام، الانتشار، والاختبار، ومع تزايد الانتهاكات لهذه المعايير، تتضاعف المخاوف بشأن انهيار شامل للنظام النووي العالمي.
ففي حين كانت هذه المعايير تتمتع بدعم أخلاقي وسياسي واسع النطاق، فإنها الآن تتعرض لتحديات حادة، على سبيل المثال، تجربة كوريا الشمالية النووية الحرارية في عام 2017 تعد من أخطر الانتهاكات، إلى جانب تهديدات بيونغ يانغ المستمرة بإجراء اختبارات جديدة.
*المخاطر المتزايدة*
وفقًا لدراسات حديثة، فإن احتمال استخدام الأسلحة النووية في صراعات تقليدية آخذ في الازدياد، تقديرات استخباراتية أمريكية صرحت بأن خطر استخدام روسيا للأسلحة النووية في أوكرانيا قد يصل إلى 50٪، وهو مؤشر مخيف على مدى هشاشة الوضع.
في ذات السياق، ما يزال خطر تفكيك معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية قائمًا بسبب غياب حظر قانوني ملزم على التجارب النووية، رغم أن الغالبية العظمى من الدول الموقعة (187 دولة) تلتزم بمنع التجارب النووية، إلا أن المعاهدة لم تدخل حيز التنفيذ بالكامل بعد، وذلك بسبب رفض بعض الدول القادرة على إنتاج الأسلحة النووية التصديق عليها، مما يثير الشكوك حول مستقبلها.
*عواقب انهيار المعايير النووية*
انهيار النظام النووي العالمي سيجعل العالم مكانًا أكثر خطورة. التجارب النووية المتكررة قد تكون لها عواقب إنسانية وبيئية مدمرة. في عام 1954، أدى اختبار نووي أمريكي في جزيرة بيكيني أتول إلى تدمير ثلاث جزر وتلويث 15 جزيرة أخرى، ما تسبب في مشاكل صحية مروعة للسكان المحليين. هذا المثال يظهر التأثير المدمر الذي يمكن أن يحدث إذا تم تجاهل معايير الحظر النووي.
مع تزايد الصراعات الإقليمية، وغياب الضمانات التي تمنع استخدام الأسلحة النووية، يمكن أن تتطور هذه الصراعات إلى كوارث إنسانية مروعة. وكلما زاد عدد الدول التي تسعى لتطوير ترساناتها النووية أو تتجاهل القوانين الدولية، كلما أصبح العالم أقرب إلى كارثة نووية.
*تحديات غير مسبوقة*
الانتهاكات المتزايدة للمعايير النووية تتضمن الاختبار الكوري الشمالي لسلاح نووي حراري في عام 2017، إضافة إلى التهديدات الروسية المستمرة باستئناف التجارب النووية. هذه الانتهاكات تعزز من خطر عودة سباق التسلح النووي، وتزيد من احتمالات تحول الصراعات التقليدية إلى حروب نووية.
بالإضافة إلى ذلك، ترفض الولايات المتحدة التصديق على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية منذ عام 1999، وهو ما يضعف الجهود العالمية للحد من التهديدات النووية. هذه الانتهاكات، إلى جانب تصاعد التوترات العالمية، تجعل من الصعب الحفاظ على النظام النووي الحالي. لا يمكن لأي دولة بمفردها أن تتحمل مسؤولية حماية النظام العالمي، لكن على المجتمع الدولي أن يتكاتف لمواجهة هذه التحديات.