التفوق الروسي على أوكرانيا يثير القلق في أوروبا.. هل تكون إستونيا المحطة التالية؟
التفوق الروسي على أوكرانيا يثير القلق في أوروبا
يقع مجلس مدينة نارفا في إستونيا على بُعد خطوات قليلة من المعبر الحدودي مع روسيا، في ساحة تحمل اسم الإمبراطور الروسي بطرس الأكبر، ويتحدث الجميع تقريبًا في ثالث أكبر مدينة في إستونيا اللغة الروسية كلغة أم، ويحمل واحد من كل ثلاثة سكان الجنسية الروسية بدلاً من الجنسية الإستونية، حيث أصبحت المخاوف من أن يكون مصير إستونيا مثل أوكرانيا هي المشاعر السائدة.
قلق غربي
وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، فقد وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مدينة نارفا التي يبلغ عدد سكانها 53 ألف نسمة، بأنها جزء من الأراضي الروسية تاريخيًا، وأصدرت حكومته منذ ذلك الحين مذكرة اعتقال بحق رئيسة الوزراء الإستونية كاجا كالاس بسبب أوامر حكومتها بإزالة المعالم الأثرية للقوات السوفيتية، وهي الزعيمة الأجنبية الوحيدة المعروفة بوجودها على قائمة المطلوبين لدى الكرملين.
وتابعت، أنه بالرغم من أن قليلين يتوقعون أن تقوم روسيا بضرب إستونيا عسكريًا في المستقبل القريب، فإن الحكومات الأمريكية والأوروبية تشعر بقلق متزايد من أن بوتين يخطط لاختبار التصميم الغربي من خلال تحدي أعضاء حلف شمال الأطلسي، وخاصة دول البلطيق الثلاث التي كانت تحكمها موسكو، إذا نجح في إنهاء الحرب في أوكرانيا بشروط مواتية.
وأضافت: أن هذا القلق كان سببًا رئيسيًا وراء قيام رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون، في تحدٍ للمقاومة بين زملائه الجمهوريين، بتمرير حزمة مساعدات بقيمة 60 مليار دولار لأوكرانيا.
وقال جونسون: "سيواصل فلاديمير بوتين مسيرته عبر أوروبا إذا سُمح له بذلك"، موضحًا دعمه للتمويل، الذي وقع عليه الرئيس الأمريكي جو بايدن الأسبوع الماضي ليصبح قانوناً، بعد موافقة مجلس الشيوخ عليه.
تفوق روسي
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أن بوتين رفض التحذيرات من هجوم روسي محتمل على أعضاء في حلف شمال الأطلسي مثل إستونيا، و وصفها بأنها "محض هراء"، وفي أوائل عام 2022، استخدم الكرملين لغة مماثلة للسخرية من التحذيرات الأمريكية من أن روسيا تخطط لغزو أوكرانيا، ولكن يبدو أن التفوق الروسي في أوكرانيا أصبح أمر مثير للقلق بل والذعر في أوروبا.
وقال جوناتان فسيفيوف، الأمين العام لوزارة الخارجية الإستونية: "التهديدات ليست محتملة أو نظرية، ولم تخف روسيا أهدافها في هذه الحرب، التي تتمقل في إنها السيطرة على أوكرانيا بأكملها وإعادة تشكيل البنية الأمنية الأوروبية بشكل أساسي من خلال إنشاء نوع من المنطقة العازلة على حدودها الغربية، في عملية تدمير حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي باعتبارهما منظمتين أمنيتين فعاليتين".
وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أنه من الاستثمارات في الجيش إلى الجهود الدبلوماسية والاستخباراتية، يقول المسؤولون الإستونيون -وغيرهم من دول البلطيق-: إنهم يعملون على مواجهة التحدي الذي يلوح في الأفق.
وقال الميجور جنرال إلمار تام، قائد رابطة الدفاع الإستونية، وهي منظمة شبه عسكرية من شأنها أن تكمل الجيش النظامي في حالة الحرب، والتي زادت من تجنيدها وتدريبها: "لسنا التاليين لأننا نستعد دائمًا لتجنب أن نكون التاليين، إنه ليس مجرد رد على روسيا، ولكنه إعداد منطقي لما يتعين علينا القيام به على أي حال.
استعدادات أوروبية
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فقد تم نشر قوات من أعضاء الناتو الآخرين، بما في ذلك الولايات المتحدة، في دول البلطيق منذ عام 2017 وتم تعزيزها بعد حرب أوكرانيا، ويبلغ عددهم الإجمالي حوالي 5000 جندي، وهم عدد قليل جدًا بحيث لا يمكنهم مقاومة هجوم عسكري واسع النطاق.
ويقول مسؤولون غربيون: إن أماكن مثل نارفا والمناطق الريفية المحيطة بها في شرق إستونيا هي من بين الأهداف الأكثر وضوحًا للتحقيق الروسي، وكذلك "ممر سووالكي" بين بولندا وليتوانيا، والمناطق الناطقة بالروسية في شرق لاتفيا.
وبينما قارن بوتين نفسه ببطرس الأكبر في يونيو 2022، قائلاً: إن كلا الحاكمين كانا في مهمة لاستعادة الأراضي الروسية التاريخية، فقد ذكر على وجه التحديد نارفا، موقع معركتين كبيرتين بين روسيا والسويد في أوائل القرن الثامن عشر.
وادعى أيضًا في سيرته الذاتية أن والده تعرض للخيانة للنازيين على يد القرويين الإستونيين خلال الحرب العالمية الثانية.
حذر أنطون هوفريتر، رئيس لجنة الشؤون في البوندستاغ الألماني في الاتحاد الأوروبي، من أن صعود الأصوات الانعزالية في الولايات المتحدة، بما في ذلك تصريحات الرئيس السابق دونالد ترامب بأنه سيدعو روسيا لغزو الحلفاء الأوروبيين الذين لا يدفعون ما يكفي لحماية الناتو، قد أدى بالفعل إلى تآكل قوة الردع في التحالف.
وقال هوفريتر: "أشعر بالقلق من أنه بسبب الإشارات غير الواضحة من الغرب، قد نقوم بتضليل بوتين وجعله يعتقد أنه يستطيع الهجوم دون عواقب وخيمة، لنفترض أنه سيهاجم نارفا ويقول في اليوم التالي إنها الآن " النووية الروسية.. فماذا ستفعل الآن؟
وقد تعرضت "إستونيا" بالفعل لسلسلة من الهجمات الإلكترونية الروسية التي تهدف إلى شل بنيتها التحتية، وتسبب تشويش نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) الروسي في الأيام الأخيرة في إلغاء رحلتين تابعتين لشركة Finnair للهبوط في مطار تارتو والعودة إلى مسارهما.