الجارديان: ضحايا كأس العالم في قطر أولى ببعض رواتب ديفيد بيكهام
كشفت صحيفة الجارديان مواصلة قطر انتهاك حقوق العمال
وجهت صحيفة "الجارديان" البريطانية انتقادات حادة لدولة قطر، وذلك على خلفية توقيعها عقدا مع اللاعب الإنجليزي ديفيد بيكهام بملايين الدولارات، في حين أكلت الدوحة أموال ومستحقات العمال المهاجرين الذين راحوا ضحية إنشاءات كأس العالم في الإمارة الخليجية الصغيرة.
واستعرضت الصحيفة البريطانية عددًا من القصص المأساوية للعمال المهاجرين الذين لقوا حتفهم أثناء العمل في إنشاءات كأس العالم في قطر، وأسرهم البائسة بعد ضياع عائلهم.
توفي زوجها وأكلوا حقوقه
واستهلت الصحيفة قائلة: "أشك إذا كانت نيرمالا باكرين تعرف من هو ديفيد بيكهام، لكنها سمعت عن قطر التي توفي فيها زوجها روبشاندرا رومبا، 24 عامًا من نيبال، في عام 2019، وهو يلهث لالتقاط أنفاسه في مخيم بائس للعمال في ضواحي الدوحة، عندما كان يعمل لدى مقاول في أحد ملاعب كأس العالم الجديدة".
وأضافت الصحيفة: أن "باكرين تلقت بعض التعويضات من برامج التأمين التي أخذها زوجها قبل مغادرته المنزل، لكن صاحب العمل في قطر دفع لها أقل من 1500 جنيه إسترليني".
ووصف محرر الجارديان الوضع المأساوي للأسرة التي توفي عائلها في قطر، وقال: "قمت بزيارتها قريبا وكانت تعيش في غرفة صغيرة في ضواحي كاتماندو مع ابنها نيراج البالغ من العمر ست سنوات، والذى ظل يسأل سؤالاً واحداً: أين أبي؟".
مبالغ فلكية لبيكهام
وقالت الصحيفة: إنها كانت تتوقع أن يفكر بيكهام مرتين قبل الموافقة على تمثيل دولة مثل قطر، في إشارة إلى سجل الدوحة الممتلئ بالانتهاكات بحق البشر، إلا أن كابتن إنجلترا السابق الذي زار قطر خلال شهر أكتوبر الجاري، وافق على صفقة ليكون سفيرًا للدوحة مقابل مبالغ فلكية.
عمال في ظروف قاتلة دون أجور
وقال كاتب التحقيق في الجارديان: إن بيكهام يحاول تجميل صورة قطر على حساب الحقائق، لافتًا إلى أنه زار قطر هذا الشهر أيضًا، وعلى مدار 8 سنوات من تغطية إنشاءات كأس العالم وغيرها، ومر على العديد من منشآت كأس العالم التي شيدها عمال من الهند ونيبال وسريلانكا، وبعضهم لم يحصل على حقوقه وأجر مقابل عمله منذ أشهر.
وأضاف التحقيق: أنه على حافة المدينة مر بمعسكرات العمل حيث رأى عمالًا مكتظين بـ 10 في غرفة، حيث يتقاسم المئات عددًا قليلاً من المراحيض والمطابخ التي ينتشر فيها الذباب.
وذكر تقرير الجارديان العمال الذين قابلتهم الصحيفة هناك في عام 2014، والذين قالوا إنهم يتقاضون رواتب قليلة. وبعد أربع سنوات، التقت الصحيفة عائلة تيج نارايان ثارو المنكوبة، العامل النيبالي الذي توفي أثناء عمله في إنشاءات الملعب.
6500 ضحية لقطر
وكان ثارو واحدًا من بين أكثر من 6500 عامل من جنوب آسيا ماتوا في قطر منذ أن مُنحت حق استضافة كأس العالم. لم يكونوا جميعًا عمال بناء، لكن 70% من هذه الوفيات لم يتم التحقيق فيها بشكل صحيح، وفقًا لبحث أجرته منظمة العفو الدولية.
وأضاف التقرير: أنه وقعت 38 حالة وفاة في مشاريع بناء كأس العالم، صنّف المنظمون 35 منها على أنها "غير مرتبطة بالعمل".
وقالت الجارديان: "لم يكن بيكهام يرى أيًا من هذا. وبدلاً من ذلك، تم تصويره وهو يسير في سوق واقف، وهو بازار ومكان لتناول الطعام يحظى بشعبية لدى الزوار، طالما أنهم ليسوا عمالاً مهاجرين من جنوب آسيا"، مضيفة أنه "في عام 2016، قمنا بتصوير هؤلاء العمال وهم يُبعدونهم بقوة الشرطة".
طرد العمال ذوي الأجور الضعيفة
وأضاف كاتب تقرير "الجارديان": أنه حتى في الشهر الماضي شاهدت المزيد من العمال المهاجرين ذوي الأجور المنخفضة يتم طردهم من حديقة أسباير ومن جناح "كبار الشخصيات" في مركز تجاري.
وذكرت الصحيفة بقصة حارس الأمن الكيني مالكولم بيدالي، الذي كتب مقالات تصف سوء المعاملة الجسيم الذي عانى منه هو وآخرون. في مايو، تم احتجازه لمدة شهر تقريبًا، بتهمة نشر "أخبار كاذبة" وغرامة قدرها 25000 ريال (حوالي 5000 جنيه إسترليني).
وأضافت الصحيفة: عندما سألنا أحد حراس الأمن النيباليين في مشيرب عما إذا كان يرغب في مشاهدة مباراة في كأس العالم، هز كتفيه وقال: "أرغب في ذلك، ولكن كيف يمكنني شراء تذكرة؟ كأس العالم ليست لنا".
نظام الكفيل مستمر
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من ادعاءات قطر بأنها ألغت نظام الكفالة، إلا أنه على أرض الواقع رفض أصحاب الأعمال السماح لـ100 ألف عامل بتغيير وظائفهم خلال الأشهر الأخيرة فقط، ما يعني أن نظام الكفيل ما زال مستمرًا في التطبيق العملي ولم يتم إلغاؤه إلا في التصريحات الإعلامية لغسيل سمعة قطر.
قال أحد حراس الأمن الهنود في فندق فخم: "شركتي ترفض السماح لي بالرحيل". "إنهم يهددوننا قائلين إنهم سيقتطعون تكلفة غرفتنا والفراش من راتبنا ويرفضون دفع مكافأة نهاية الخدمة إذا حاولنا المغادرة. نحن ما زلنا تحت سيطرتهم".
أجور متدنية
وأشارت الصحيفة إلى أن الإصلاح الرئيسي الآخر الذي زعمت قطر أنها نفذته هو إدخال الحد الأدنى للأجور في مارس 2021، ولكنه كان معيبا بنفس القدر. فقد تم تحديد الحد الأدنى للأجور بـ1000 ريال (200 جنيه إسترليني) في الشهر، بالإضافة إلى الطعام والمأكل. إذا لم يتم توفير الطعام والمأكل، يجب أن يحصل العمال على بدل إضافي قدره 300 ريال للطعام و500 ريال للطعام.
وأوضحت الصحيفة أن الأجر الشهري يبلغ 1 جنيها إسترلينيا في الساعة. بدل الطعام يعني أن العمال يحصلون على 2 جنيه إسترليني في اليوم لإطعام أنفسهم.
وما يثير الصدمة هو أن بعض هيئات حقوق العمال الرائدة في العالم -منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الدولي لنقابات العمال- أيدت أجر الفقر.
مطالب بتعويض العمال
وقالت الجارديان: إنه يجب على قطر وداعميها استكشاف طرق لتعويض جميع العمال الذين أُجبروا على دفع رسوم توظيف غير قانونية، والذين تم دفع أجورهم متأخرًا أو لم يتم دفعها على الإطلاق، والذين عانوا من رواتب منخفضة بشكل مخيف.
هذا لا يعني أنه لم يكن هناك تقدم. يبدو أن مصادرة جوازات السفر أقل شيوعًا ويبدو أن معظم العمال (باستثناء بعض حراس الأمن) يتلقون على الأقل الحد الأدنى للأجور.
في حين أن الرواتب لا تزال منخفضة بشكل صادم، إلا أنها أعلى مما كانت عليه عندما بدأت تقديم التقارير من قطر لأول مرة في عام 2013، على الرغم من تكاليف المعيشة أيضًا.
كأس عالم مبنية على الاستغلال
وقالت الصحيفة: إنه حتى لو صدقنا التصريحات الرسمية القطرية، فإن هذه الإصلاحات قليلة جدًا بعد فوات الأوان. تم الانتهاء تقريبًا من جميع البنية التحتية الرئيسية لكأس العالم بحلول نهاية عام 2020. أيًا كانت الطريقة التي تنظر إليها، ستكون هذه الكأس مبنية على الاستغلال.
وتساءلت الصحيفة: إذن ما الذي يجب أن يفعله لاعبو كرة القدم مثل بيكهام؟ مطالبة اللاعب الإنجليزي بأن يحذو حذو زملائه الآخرين.
وأشارت الصحيفة إلى أن السويد ألغت معسكرا تدريبيا في قطر بسبب مخاوف بشأن حقوق العمال. ورفض ليفربول البقاء في فندق حيث اكتشفت مزاعم عن سوء المعاملة في العمل.
كما قال لاعب كرة القدم النرويجي وساوثامبتون محمد اليونوسي في مقابلة حديثة مع صحيفة الجارديان: "لا يمكنك الدخول والتحدث عن هذا البلد فقط إذا لم تكن لديك معرفة بهذا البلد أو كيف يعمل." وحث الناس على الاستماع إلى منظمات مثل منظمة العفو.. أعتقد أنه من الجيد الاستماع إليهم، فلدينا صوت وأعتقد أنه من الجيد أن نتمكن من استخدامه من أجل الصالح العام".