الزر الخفي.. كيف جمعت حماس أسرار الميركافا وقادت هجوم 7 أكتوبر؟

الزر الخفي.. كيف جمعت حماس أسرار الميركافا وقادت هجوم 7 أكتوبر؟

الزر الخفي.. كيف جمعت حماس أسرار الميركافا وقادت هجوم 7 أكتوبر؟
حرب غزة

تُواصل تداعيات هجوم 7 أكتوبر 2023 إلقاء ظلالها الثقيلة على المشهدين الإسرائيلي والإقليمي، بينما تتكشف بين الحين والآخر معلومات جديدة تعيد رسم الصورة المعقدة لذلك اليوم، فبعد أشهر طويلة من التحقيقات ومحاولات الفهم، خرجت الإذاعة العسكرية الإسرائيلية بتفاصيل توصف داخل إسرائيل بأنها “الأخطر والأكثر إحراجًا” للمؤسسة الأمنية منذ عقود، إذ تكشف المعطيات الجديدة أن حركة حماس لم تعتمد فقط على عنصر المباغتة أو الهجمات البرية المكثفة، بل بنت خطتها على معرفة تقنية دقيقة بدبابات “ميركافا 4” التي تعتبر عماد سلاح المدرعات الإسرائيلي وأكثرها تطورًا، المعطيات المثيرة التي جرى كشفها تُظهر أن الحركة لم تصل إلى هذه المعلومات بالمصادفة، بل عبر عملية طويلة ومنهجية اعتمدت على جمع معلومات استخبارية على مدى سنوات، وتحليل سلوك الجنود، واستخدام الصور والفيديوهات وحتى مواد تدريب عسكرية حساسة، هذه الحقائق الجديدة تفتح الباب أمام أسئلة أعقد حول مدى عمق الثغرات الأمنية الإسرائيلية، وكيف أمكن لفصيل مسلّح محاصر أن يبني خطة بهذا الحجم والدقة.

تعطيل الميركافا.. ثغرة غير متوقعة


فجّرت الإذاعة العسكرية الإسرائيلية، في تقرير مطوّل نُشر الأحد، ما وصفته بـ"أحد أكثر أسرار هجوم السابع من أكتوبر إثارة للذهول"، مؤكدة أن حركة حماس تمكّنت قبل العملية من بناء معرفة تفصيلية حول تشغيل وتعطيل دبابة “ميركافا 4”، التي تُعدّ جوهرة الصناعات العسكرية الإسرائيلية.


التقرير الجديد أعاد إلى الواجهة سؤالًا محوريًا لم تتوقف الأوساط العسكرية والسياسية في إسرائيل عن ترديده منذ ذلك اليوم: كيف استطاعت حماس تجاوز إحدى أهم ركائز التفوق العسكري الإسرائيلي؟


تشير تفاصيل التقرير إلى أن مقاتلين من نخبة حماس تلقوا تدريبات خاصة مكّنتهم من التعامل مع الميركافا 4 بشكل شبه احترافي، ووفق الإذاعة، فإن الحركة اعتمدت على هؤلاء العناصر في تنفيذ الجزء المتعلق بالاختراق المدرع خلال الهجوم، حيث شُوهد بعضهم وهم يقتربون من الدبابات في مواقع الغلاف، ثم يتعاملون معها بطريقة أوحت بأنهم يعرفون بنيتها الداخلية.


وتؤكد نتائج التحقيقات الإسرائيلية أن الحركة تمكنت بالفعل من تعطيل عدد من الدبابات خلال الساعات الأولى من الهجوم، وما أثار صدمة الجيش، وفق وصف التقرير، هو أن المسلحين عرفوا مكان “زر سري” داخل الدبابة يؤدي الضغط عليه إلى تعطيلها مؤقتًا، ما يجعلها غير قابلة للاستخدام أو التحرك. هذا الاكتشاف اعتُبر في حينه مؤشرًا على وجود تسريب داخلي، قبل أن تبيّن التحقيقات لاحقًا أن العملية كانت أكثر تعقيدًا من مجرد تسريب.

رحلة الوصول إلى المعلومة


تُظهر الرواية الإسرائيلية الجديدة أن حماس لم تحصل على هذه المعرفة عبر مصدر واحد، بل من خلال عملية تراكمية طويلة، ويقول مراسل الإذاعة العسكرية، دورون كادوش، إن الحركة تابعت على مدى سنوات عشرات الآلاف من الجنود الإسرائيليين عبر الإنترنت ومن خلال مراقبة محتوى ينشره الجنود أنفسهم خلال التدريبات والأنشطة الروتينية.


هذا المحتوى من صور داخل الدبابة، ولقطات مصورة لمقصورات القيادة، وحتى محتويات من قواعد تدريب سلاح المدرعات، شكل مع الوقت صندوق معلومات واسعًا، مكّن الحركة من إعادة بناء صورة شبه كاملة عن الدبابة الأكثر تقدمًا في المنظومة العسكرية الإسرائيلية.


وتشير الإذاعة إلى أن الحركة استخدمت برامج تحليلية وخبراء في إعادة تركيب المعلومات، فجمعت القطع الصغيرة المتناثرة لتشكل رؤية واضحة حول آلية العمل، ونقاط الضعف، وطرق التعطيل الممكنة.

بناء قوة مدرعات مصغّرة


واحدة من أكثر النقاط لفتًا للانتباه في التقرير هي الإشارة إلى أن حماس أنشأت ما يشبه قوة دبابات داخل صفوف النخبة، فقد قامت الحركة، بحسب المعلومات الجديدة، ببناء نماذج بالحجم الحقيقي لدبابات ميركافا داخل غزة، إضافة إلى استخدام برامج محاكاة متقدمة تُدرّس عادة في المعاهد العسكرية، لتدريب عناصرها على خطوات التشغيل، الحركة، والتعامل مع أنظمة الدبابة.


هذا المستوى من التدريب غير مسبوق بالنسبة لفصيل مسلّح يعمل في بيئة محاصرة، وهو ما يعكس بحسب تعبير الإذاعة تخطيطًا استراتيجيًا طويل المدى، واتساعًا في قدرات الحركة الاستخبارية يتجاوز التقديرات الإسرائيلية السابقة.

رمز لفشل استخباري أوسع


ظل سؤال كيف عرفت حماس بوجود زر كهذا؟ لغزًا معقدًا للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية لأشهر، لكن المعلومات الجديدة تُظهر أن الأمر لم يكن بحاجة إلى مخبر أو خيانة داخلية، بل إلى تساهل وانضباط منخفض لدى بعض الجنود الذين نشروا صورًا من داخل الدبابات أو من ساحات التدريب، دون إدراك أن تلك اللقطات قد تتحول لاحقًا إلى ثغرات قاتلة.


التقرير يشير أيضًا إلى أن حماس استفادت من المواد الموجودة في قواعد التدريب التي تسلل البعض إليها أو تم الحصول على نسخ منها عبر طرق غير مباشرة، ومع تراكم هذه المواد، تمكّن خبراؤها من تحليل بنية النظام الداخلي للدبابة، وفهم آليات معينة كانت تُعتبر أسرارًا عسكرية.