ما حكاية المدينة القبرصية "فاروشا" التي أثارت أطماع أردوغان؟
احتل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مدينة فاروشا القبرصية
حالة جديدة من الغضب بالعالم، أثارها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بسبب أطماعه في البحر الأبيض المتوسط، عبر السيطرة على حي فاروشا بقبرص.
رفض دولي واسع
نددت عدة دول بإعلان أردوغان السيطرة على حي "فاروشا" بقبرص، أدان وزير الخارجية الأميركي، "أنتوني بلينكن"، على نقل أجزاء من بلدة مهجورة في قبرص إلى سيطرة القبارصة الأتراك، وإعادة فتح فاروشا، مدينة الأشباح الواقعة في شرق قبرص، بعد أن هجرها سكّانها الأصليون منذ حوالي نصف قرن.
وأكد بلينكن، في بيانه، أنّ "واشنطن تعتبر ما يقوم به القبارصة الأتراك في فاروشا بدعم من تركيا استفزازياً وغير مقبول ولا يتّفق مع الالتزامات التي قطعوها في الماضي للمشاركة بطريقة بنّاءة في محادثات سلام"، مضيفًا: "نحضّ القبارصة الأتراك وتركيا على التراجع عن القرار الذي أعلنوا عنه اليوم وعن جميع الخطوات التي اتّخذت منذ أكتوبر 2020" .
وأشار إلى أنّ "الولايات المتحدة تعمل مع شركاء يشاطرونها رأيها لإحالة هذا الوضع المقلق إلى مجلس الأمن الدولي، وسنحثّ على استجابة قوية"، موضحا: "نؤكّد على أهمية تجنّب الأعمال الاستفزازية الأحادية الجانب التي تزيد التوتّرات في الجزيرة وتعيق الجهود المبذولة لاستئناف محادثات تسوية قبرص وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي".
وعلى غراره، أبدى جان إيف لودريان، وزير الخارجية الفرنسي، دعمه لقبرص، موضحا أنه سيثير الأمر في الأمم المتحدة، حيث اتهم أردوغان بـ"الاستفزاز"، لافتًا إلى إن "فرنسا تأسف بشدة لهذه الخطوة الأحادية التي لم يتم التنسيق لها وتمثل استفزازًا، وأن باريس تقوض استعادة الثقة الضرورية للاستئناف العاجل للمفاوضات من أجل حل عادل ودائم للقضية القبرصية".
ماذا قال أردوغان؟
وبالأمس، أطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال زيارة للشطر الشمالي من قبرص في الذكرى الـ47 للاجتياح التركي الذي أدى إلى تقسيم الجزيرة المتوسطية، عدة تصريحات استفزازية، حيث أعلن تمسّكه بحلّ يقوم على دولتين في قبرص، حيث قال: "ليس لدينا 50 عاما لنضيعها"، بعد فشل توحيد الشطرين اليوناني والتركي القبرصي من الجزيرة.
وتابع: "لا يمكن إحراز تقدُّم في المفاوضات من دون التسليم بوجود شعبين ودولتين، فلا يمكن استئناف عملية تفاوض جديدة إلا بين دولتين"، متهما السلطات القبرصية اليونانية بـ"قطع الطريق على أيّ حلّ" واتباعها "نهجاً متطرفاً... منفصلاً عن الواقع".
كما أبدى رفضه لتصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين بأن بروكسل سترفض حلّ الدولتين في قبرص.
مدينة "فاروشا"
تعتبر مدينة "فاروشا" القبرصية مهجورة، منذ حرب في عام 1974 بشأن تقسيم الجزيرة، بعد غزو الجيش التركي لجزئها الشمالي بذلك الوقت، حيث انضمّت جمهورية قبرص إلى الاتحاد الأوروبي، في عام 2004، لتقتصر مكتسباته على الشطر الجنوبي من الجزيرة.
ويسكن ذلك الجزء قبارصة يونانيون، حيث يتبعون سلطة وحيدة معترف بها في الأمم المتحدة، ولكن في الشمال، تعترف تركيا فقط بـ"جمهوريّة شمال قبرص التركيّة".
وكانت "فاروشا" وجهة للسياح من أجل الاستمتاع بالمناظر الطبيعية الجذابة والمياه الصافية والأمسيات الصاخبة، ولكنها منذ 50 عاما، أصبحت مدينة مهجورة ومقفرة محاصرة بالأسلاك الشائكة، وبات إعادة فتحها خطًّا أحمر بالنسبة للسلطات القبرصية اليونانية، فيما فتح الجيش التركي شاطئها العام الماضي، قبل أسابيع من انتخاب تتار.