غزة بين خيار الهدنة والتهديد بالاحتلال.. اتفاق هش يُواجه شروط نتنياهو التعسفية
غزة بين خيار الهدنة والتهديد بالاحتلال.. اتفاق هش يُواجه شروط نتنياهو التعسفية

شهد ملف الحرب على غزة تطورًا لافتًا هذا الأسبوع بعدما أعلنت حركة حماس موافقتها على مقترح جديد لوقف إطلاق النار مع إسرائيل، وذلك في ظل ضغوط متصاعدة من حكومات عربية ومن فصائل فلسطينية أخرى، وسط مخاوف جدية من غزو إسرائيلي وشيك لمدينة غزة، حسبما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
تحركات دبلوماسية وضغوط عربية
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن إعلان حماس جاء بعد جولة مكثفة من المباحثات في القاهرة شارك فيها وسطاء مصريون وقطريون، حيث نجحوا في انتزاع موافقة الحركة على المقترح الذي لا تزال إسرائيل تدرسه.
ويقضي الاتفاق بوقف إطلاق نار مبدئي لمدة ستين يوماً يتخلله الإفراج عن أكثر من نصف الرهائن المحتجزين في غزة مقابل إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين، إضافة إلى إدخال مساعدات إنسانية عاجلة عبر الأمم المتحدة والمنظمات الدولية. كما ينص الاتفاق على بدء مفاوضات حول وقف دائم وشامل للقتال منذ اليوم الأول للهدنة المؤقتة.
ويُعد موقف بعض الدول العربية لافتًا، إذ خرجت للمرة الأولى بشكل علني تُؤيد فكرة نزع سلاح حماس في حال اقترن ذلك بإنهاء الحرب المستمرة منذ 22 شهرًا وبالتقدم نحو إقامة دولة فلسطينية، وهو ما اعتبره مراقبون تحولًا في الموقف العربي يُضيف ضغوطًا على قيادة الحركة.
انقسام داخلي وضغط شعبي
وأضافت الصحيفة أنه على الساحة الفلسطينية، اجتمعت فصائل سياسية متعددة مع وفد من حماس في القاهرة، بينها ممثلون عن التيار الإصلاحي في حركة فتح بقيادة محمد دحلان، وحثت الحركة على قبول الاتفاق لتجنيب المدنيين مزيدًا من الدمار.
وتابعت أنه بالتزامن مع ذلك، تستعد نقابات مهنية وصحافيون ورجال أعمال وزعماء عشائر في غزة لتنظيم اعتصام في المدينة تحت شعار لا للحرب، لا للتهجير، أنقذوا غزة، في محاولة للضغط على حماس لإنهاء الحرب.
موقف إسرائيل وتصعيد عسكري
وفي المقابل، تُواصل إسرائيل استعداداتها لعملية عسكرية واسعة تستهدف احتلال مدينة غزة، إذ وافق الجيش على خطط القتال بانتظار تصويت مجلس الوزراء الأمني.
واعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن موافقة حماس الأخيرة جاءت نتيجة الخوف من إصرار إسرائيل على اجتياح القطاع.
وتشير بيانات مراكز الرصد الدولية إلى أن قدرات حماس العسكرية تراجعت بشكل كبير، لكن الحركة لجأت إلى أسلوب حرب العصابات وزرع العبوات الناسفة محلية الصنع. ومع ذلك، يؤكد محللون أن شبكة الأنفاق تحت غزة تمنحها قدرة على الاستمرار بالمقاومة لفترة أطول.
كارثة إنسانية متفاقمة
وبلغ الواقع الإنساني في غزة مستويات كارثية، إذ تشير بيانات وزارة الصحة في القطاع إلى مقتل أكثر من 62 ألف شخص منذ بدء الحرب، في وقت يُعاني فيه السكان من الجوع والأوبئة والنزوح شبه الكامل نتيجة تدمير واسع للبنية التحتية، وحذرت الأمم المتحدة من أن الأوضاع قد تصل إلى نقطة الانهيار إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق فوري.
وفي الداخل الإسرائيلي، يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضغوطًا متعارضة؛ فبينما يطالبه حلفاؤه من اليمين بالمضي قدماً نحو احتلال غزة وإعادة الاستيطان فيها، يطالب جزء واسع من الرأي العام بإنهاء الحرب وإتمام صفقة تبادل الأسرى. وشهدت تل أبيب ومدن أخرى تظاهرات حاشدة الأحد الماضي شارك فيها مئات الآلاف للمطالبة بوقف الحرب وإعادة الرهائن.
شروط إسرائيلية صارمة
وأضافت الصحيفة الأمريكية، أنه رغم الحديث عن هدنة، تصر إسرائيل على أن أي اتفاق نهائي يجب أن يتضمن خمسة شروط أساسية: نزع سلاح حماس، إعادة جميع الرهائن سواء أحياء أو أموات، نزع سلاح غزة بالكامل، فرض السيطرة الأمنية الإسرائيلية على القطاع، وإقامة إدارة جديدة لا تتبع لا لحماس ولا للسلطة الفلسطينية.
وبينما تواصل الأطراف الإقليمية والدولية جهودها لتجنب الانفجار الكبير، يبقى مستقبل الاتفاق رهنًا بموافقة إسرائيل والولايات المتحدة اللتين لم تعلنا حتى الآن دعمًا واضحًا للمسار الجديد.