المهاجرون الأفارقة في تركيا.. معاناة معتادة و"كورونا" حوّل حياتهم "جحيماً"
العنصرية التركية ضد الأجانب أصبحت ظاهرة تتفاقم يومًا بعد يوم، وتزداد حدتها من شعب إلى آخر، فالأتراك أشد عنصرية ضد العرب والأفارقة، في حين تختفي تلك العنصرية عند التعامل مع الأوروبيين والأميركان والإسرائيليين، خاصة مع تشجيع النظام التركي الحاكم للمواطنين على ممارسة شتى أنواع العنصرية ضد العرب والسوريين تحديدًا، أما الأفارقة فمعاناتهم ضد العنصرية التركية يرافقها شعور بالخوف من إقامتهم غير الشرعية، حيث يقيم في اسطنبول ما يقترب من 100 ألف مهاجر إفريقي بصورة غير شرعية.
السلطات لا ترحمهم والشعب يحملهم مسؤولية تدهور الاقتصاد
يقول "خالد المحمدي"، 34 عاماً موريتاني الجنسية ويقيم في اسطنبول، أعمل ضِمن مؤسسة تساعد المهاجرين الأفارقة في تركيا، ومحاولة تذليل العقبات أمامهم، خاصة مع تفشي وباء "كورونا" في تركيا وحصده لأرواح الآلاف، فالمستشفيات ترفض استقبال الأفارقة وفي الوقت نفسه لا يملكون القدرة على العلاج في المستشفيات الاستثمارية ولا تعترف بهم الدولة.
كثير من العرب والمسلمين يمولون المؤسسة التي أعمل بها لدعم المهاجرين الأكثر فقرًا في ظل كراهية غير مبررة لكل الأفارقة، فالسلطات لا ترحم من يقع أمامها، والمواطنون يتعاملون بتعجرف مُبالَغ فيه، ويعتقدون حسب ما تحاول حكومتهم إيهامهم به أن المهاجرين هما سبب التدهور الاقتصادي وانهيار الليرة التركية، رغم أن هؤلاء المهاجرين لا يحصلون على أي دخل من الدولة ويعملون بمهن متواضعة يرفض الجميع العمل بها، مضيفًا، زادت أحوالهم سوءًا بسبب تفشي وباء "كورونا"، فمعظمهم يعمل بمهن يومية ومنذ فرض حظر التجوال يعيشون في ظروف صعبة للغاية فنحاول تخفيف حدة معاناتهم قدر ما نستطيع، فنوزع مواد غذائية ومواد مطهرة وكمامات وقفازات، وغيرها من الاحتياجات الضرورية للحياة.
نقتصد في الطعام.. ونخشى العيش في الظلام بسبب الفواتير
أما سعد محمد، 40 عاماً سوداني يقيم في اسطنبول بشكل غير شرعي، فيقول، أصبح الوضع أكثر صعوبة بكثير، كنا نعاني العنصرية ورفض أهل اسطنبول قبولنا في أي أعمال أو حتى تأجير أماكن للسكن، ولكن مع تفشي وباء كورونا، اكتشف معظمنا أن العنصرية الشديدة أمر محتمل إذا ما قارناه بما نعيشه الآن.
وأضاف محمد، التباعد الاجتماعي شيء مستحيل فنحن نعيش 3 أسر في منزل واحد، ومنذ الأزمة لم نستطع كسب ليرة واحدة، فنأكل بحذر شديد لأن ما لدينا من طعام لا يكفينا إذا ما تعاملنا معه بشكل طبيعي، والمساعدات التي نحصل عليها يجب أن نقتصد فيها فلا أحد فينا يعرف متى تنتهي تلك الأيام، أما أكثر ما يثير رعبنا هو عجزنا عن سداد فواتير الكهرباء والغاز والمياه فالجميع لا يعمل.
السلطات لا تجيب علينا إذا أبلغنا عن إصابة أحدنا.. يردون في الموت فقط
في السياق ذاته، يقول إدريس عمر، صومالي يعيش في اسطنبول، كنا نشعر بالرعب مع بداية الإجراءات الحكومية لمواجهة تفشي وباء كورونا خاصة مع توفي أحد أصدقائي من تشاد في منزله بعد إصابته بفيروس "كورونا" ورفض السلطات نقله إلى أي مستشفى حتى مات على فراشه وقتها فقط جاء الإسعاف لدفنه بعيدًا ولا نعرف حتى أين تم دفنه، إلا أن بعض الأشخاص والمؤسسات الإنسانية بدأت مد يد المساعدة لنا، مما طمأننا بعض الشيء.
وأضاف، إلا أن غياب الدعم الحكومي لنا يشعرنا بالخوف من احتمالية إصابة إحدانا بفيروس "كورونا" فنحن على يقين أن المستشفيات سترفض استقبالنا فهذا ما كان يحدث قبل "كورونا" ولم يحدث ما يستدعي تغييره اللهم إلا إذا ما شعروا بالخوف من أن ننشر العدوى.
وتابع عمر، فقدت وظيفتي في أحد المصانع بسبب تفشي "كورونا" ، وكنا نعيش أنا وأسرتي من راتبي الشهري الذي يكفيني بالكاد، فلا نملك أي مدخرات تكفينا للعيش أسبوعا واحدا، ونعتمد الآن على مساعدات المؤسسات والأفراد، ولكن مع كل يوم يمر يزداد شعورنا بالرعب من استمرارية الأجواء المحيطة بتفشي فيروس "كورونا" من جهة، ومن خوفنا من احتمالية يأس المؤسسات والأفراد من مساعدتنا فلا نعرف كيف سنعيش إذا ما استمر هذا الوضع في ظل تجاهل حكومي تامّ.