سوريون يروون معاناتهم في تركيا بعد تفشي "كورونا"
يعيش اللاجئون السوريون في تركيا ظروفا مؤلمة فرضتها عليهم الحرب الدائرة في وطنهم من جهة، وعنصرية وكراهية النظام التركي ومؤيديه من جهة أخرى، إلا أن الصعوبات ما قبل تفشي وباء "كورونا" المستجد، لا تقارن بالوضع الحالي للسوريين في تركيا، إذ يؤكدون أنهم يعيشون حياة لم يتخيلوها في أسوأ كوابيسهم، ولولا حالة الإغلاق العالمية لفضلوا العودة لنيران الحرب في وطنهم بدلًا من الذل للأتراك حتى يستطيعوا الحياة فقط.
رغم حصولها على مليارات.. حكومة أردوغان تترك السوريين لـ"الموت"
السلطات التركية استمرت في الإغلاق التام، في محاولاتها لاحتواء تفشي فيروس كورونا، فوجد مئات الآلاف من السوريين أنفسهم بلا عمل ولا دعم من أي نوع فالدعم الحكومي للأتراك فقط، وكذلك الدعم الإنساني خاصة مع عمل معظم السوريين في مهن ذات أجر يومي.
حكومة أردوغان قررت صرف إعانة عاجلة لجميع العمال الأتراك الذين تم الاستغناء عنهم (العمالة غير المنتظمة) 1200 ليرة شهريًا حتى زوال الأزمة، إلا أن مئات الآلاف من السوريين لم تضعهم الحكومة في حسبانها رغماً من عشرات المليارات من الدولارات قدمها الاتحاد الأوروبي مقابل فتح الأراضي التركية للسوريين.
فأظهرت الحكومة أبشع وجوه الاستغلال والوحشية، تركت الأسر البسيطة وأطفالها فريسة للموت بفيروس كورونا أو جوعًا، وبدأت عرض المساعدات المالية والصحية فقط على الأطباء السوريين وكل من سيقدم خدمة للأتراك في هذا الوقت العصيب، خاصة مع اتفاق الخبراء على أن أضرار تفشي فيروس كورونا لم تصل إلى الذروة بعد في تركيا.
أوامر سيادية لمديريات الصحة بالتضحية بالأطباء السوريين أولًا
ووضعت الحكومة الأطباء السوريين في خطوط المواجهة الأولى ليسقط العشرات منهم مصابين بفيروس كورونا مقابل حماية الأطباء الأتراك.
الحكومة التركية أجبرت كل سوري لديه خبره في المجال الطبي على العمل في قطاعها الصحي، وأجبرت أكثر من 300 طبيب سوري على النزول إلى الشوارع دون وسائل حماية ووقاية كافية في مدينة غازي عنتاب لفحص الشعب التركي بشكل يضمن سلامة الطبيب التركي أولًا.
ومع نجاح الفكرة، قامت السلطات التركية بتعميمها في مختلف الولايات التي تشهد كثافات سورية، وعلى رأسها إسطنبول وأنقرة وأورفا وكيليس، وتم التشديد على وضعهم تحت أمرة مديريات الصحة والتنبيه بوضعهم في الخطوط الأولى للمواجهة حرصًا على حياة الطبيب التركي.
بعد إنقاذه للعشرات.. إدارة مستشفى العزل في إسطنبول "قتلت شقيقي"
يقول محمد عماد الدين، 44 عاما عامل نسيج، سوري يعيش في اسطنبول، أحلم باللحظة التي استطيع فيها العودة إلى سوريا، أو أي دولة في العالم والخروج من تركيا إلى الأبد، خاصة بعد أن تسبب النظام التركي في وفاة شقيقي الأصغر.
وأضاف، شقيقي يعمل ممرض، وتم إجباره على العمل في أحدى مستشفيات العزل، مقابل صرف إعانة شهرية لأسرته وأسرتي، وبعد عمله بـ 24 يوم فقط، سقط أرضًا وتظهر عليه أعراض الإصابة بفيروس كورونا، وأثبتت التحاليل إيجابية المسحة التي أخذت منه، ورغم إصابته أثناء خدمته لمواطنين أتراك إلا أن إدارة المستشفى أمرته بالعودة إلى منزله وعزل نفسه وعدم الخروج نهائيًا وإلا تعرض للمساءلة القانونية.
وعندما أخبرهم بأن إصابته تستوجب عزله في المستشفى التي يعمل بها حرصًا على حياة أسرته هددوه بقطع الإعانة إذا ما بقى في المستشفى، وذهب إلى المنزل ليلقى حتفه بعد 3 أيام فقط.
ولم يسمح لنا حتى بدفن شقيقي الذي جاءت قوة من الأمن ومعها أطباء وقاموا بأخذ جثمانه ودفنه في مكان مجهول.
الهلال الأحمر التركي لا يختلف عن الميليشيات الإرهابية في سوريا
في السياق ذاته، يقول هاشم حافظ، 43 عاما، عامل بمصنع ملابس، منذ بداية تفشي الوباء في تركيا، أدركنا أن الأوضاع ستزيد سوءًا عما هي عليه، فمنذ اليوم الأول أخبرني رئيسي في العمل أنني في إجازة مفتوحة حتى انتهاء الأزمة، وأن تلك الإجازة بالطبع غير مدفوعة.
ذهبت لزوجتي وطفلي 5 سنوات، لا أعرف ماذا سأفعل ومن أين سأطعمهم، خاصة أنني خلال السنوات الماضية أعمل في أحد مصانع الملابس وأحصل على مبلغ يومي لا يتجاوز الـ 10 دولارات، أما الآن فأنا أعيش على مساعدات بعض السوريين والعرب هنا الذين يحاولون مساعدتنا،
وأضاف، ظننا أن الإنسانية لا تفرق بين "تركي وغير تركي" وانتظرنا قرارًا من الحكومة ينقذنا من الموت ففوجئنا بوزارة العمل التركية تعلن من خلال المتحدثة الرسمية أن العمال الأتراك فقط هم من يمكنهم الحصول على المساعدات، مؤكدين أن السوريين يكفيهم ما يحصلون عليه من دعم من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وهذا غير صحيح فلا نحصل على مبلغ من مساعدات الأمم المتحدة دون أن تحصل السلطات التركية على 100 ضعف هذا المبلغ.
وتابع، ثم عرفنا أن الاتحاد الأوروبي سيرسل مساعدات عبر الهلال الأحمر التركي للاجئين وعندما حاولت التأكد أخبروني أن المساعدات للأسر التي تملك 3 أطفال أو أكثر، وليس بها رجال في سن العمل، فهل تموت أسرتي لأنني أملك طفلا واحدا، وهل أنا رجل في سن العمل وأرفض العمل وأرغب في الذل؟ أين هذا العمل نحن نأكل من القمامة منذ أسبوع كامل، مضيفًا أتمنى اليوم قبل الغد لو تفتح الطرق للعودة إلى بيتي المتهدم في سوريا، فالهلال الأحمر التركي لا يقل قسوة عن الميليشيات المسلحة ولكن إذا كان هنا موت وهناك موت فأفضل الموت في وطني.