2024.. العقوبات الدولية تشلّ شرايين التمويل الحوثي وتضرب نفوذه الإقليمي

2024.. العقوبات الدولية تشلّ شرايين التمويل الحوثي وتضرب نفوذه الإقليمي

2024.. العقوبات الدولية تشلّ شرايين التمويل الحوثي وتضرب نفوذه الإقليمي
ميليشيا الحوثي

في عام 2024، شهدت مليشيات الحوثي اليمنية عامًا استثنائيًا من العقوبات الدولية التي استهدفت شريانها المالي وشبكاتها الإقليمية والدولية، الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، صعّدت من ضغوطها على الجماعة، مستهدفة قياداتها وكياناتها العابرة للحدود، ومع تصاعد الهجمات الحوثية في المنطقة، اتخذت العقوبات شكلًا أكثر حزمًا، في مسعى دولي لمحاصرة المليشيات التي زعزعت الأمن الإقليمي والدولي، تجلّت قوة هذه العقوبات في تأثيرها الكبير على شبكات التمويل والتسليح؛ مما ألقى بظلاله على أنشطة الحوثيين في اليمن وخارجها. 

ومع نهاية العام، بدا واضحًا أن سلسلة العقوبات الأمريكية والدولية تركت آثارًا عميقة على المليشيات، في خطوة تهدف لتجفيف منابع الإرهاب الحوثي وكبح نفوذه المتزايد.

*تضييق الخناق المالي*


بعد تصاعد الهجمات الحوثية على السفن التجارية والنفطية في البحر الأحمر وباب المندب منذ نوفمبر 2023، أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية عشرات الأفراد والكيانات والشركات في قائمة العقوبات.


هذا التصعيد استهدف تقويض التدفقات المالية التي تعتمد عليها المليشيات في شراء الأسلحة ودعم عملياتها. 


أبرز هذه الأسماء كان سعيد الجمل، المسؤول المالي الأول للحوثيين، الذي نالت شبكته النصيب الأكبر من العقوبات.


في أكتوبر 2024، شملت العقوبات 18 شركة وسفينة وأفرادًا منخرطين في تجارة النفط غير المشروعة لتمويل الجماعة.
وأكدت الخزانة الأمريكية، أن شبكة الجمل ما زالت توفر الأموال لتمويل الهجمات الحوثية، بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيّرة المستخدمة ضد السفن. 

*ضربات متتالية لشبكات التسليح*


خلال عام 2024، فرضت واشنطن نحو عشر جولات من العقوبات، استهدفت شبكات تسليح وكيانات تسهّل تدفق الأموال والمعدات إلى الحوثيين.


وبلغ إجمالي الأفراد والكيانات المدرجة على لوائح العقوبات 105 منذ بدء الحملة في يونيو 2021.


في أكتوبر 2024، تم إدراج شركات وسفن تابعة لشبكات دولية تدعم المليشيات في شراء الأسلحة المتطورة.


كما شملت العقوبات قيادات حوثية بارزة، مثل أحمد الشهاري وماهر الكينعي، بالإضافة إلى شركاتهم المنتشرة في صنعاء وخارجها.

*استهداف دولي متزايد*


بالتوازي مع العقوبات الأمريكية، انضمت دول أخرى مثل كندا ونيوزيلندا إلى حملة تجفيف مصادر تمويل الحوثيين.


كما أعادت واشنطن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية عالمية في بداية العام، وهي خطوة دفعت دولًا مثل أستراليا لاتخاذ إجراءات مشابهة؛ مما يعكس تحولًا في الموقف الدولي تجاه الجماعة.


الحكومة اليمنية من جانبها استمرت في دعوة المجتمع الدولي لتصنيف الحوثيين جماعة إرهابية عالميًا، بهدف محاصرتهم سياسيًا واقتصاديًا وتجفيف أصولهم المالية.

*تأثير العقوبات على نفوذ الحوثيين*


مع تشديد الخناق على الموارد المالية والتسليحية، بدأ نفوذ الحوثيين يتقلص تدريجيًا. العقوبات الأمريكية الأخيرة ضربت شبكة عالمية تمتد إلى إيران ودول آسيوية أخرى، مثل الصين وهونغ كونغ.


شركات مثل "شينزين بوي"، و"جميني مارين" و"شينزين رييون" كانت في صلب هذه الشبكات، ما يبرز الجهود الدولية في تتبع وتعطيل مسارات تمويل الجماعة.

*تنسيق دولي*  


بينما نجحت العقوبات في عزل الحوثيين ماليًا وضرب شبكاتهم اللوجستية، تبقى التساؤلات مفتوحة حول مدى استمرار الضغط الدولي في ظل تعقيدات المشهد اليمني.


من جانبه، يقول المحلل السياسي اليمني، عبدالستار الشميري العقوبات المفروضة على مليشيات الحوثي في 2024 تُمثل تصعيدًا نوعيًا في إطار الجهود الدولية لمحاصرة هذه الجماعة ماديًا ولوجستيًا. 


وأضاف - في حديثه لـ"العرب مباشر"-، استهداف قيادات مالية مثل سعيد الجمل وشبكاته، يكشف عن إدراك المجتمع الدولي للعلاقة الوثيقة بين التدفقات المالية واستمرار العمليات العسكرية الحوثية.
هذه العقوبات تضرب في الصميم قدرة الجماعة على استيراد الأسلحة عبر شبكات معقدة تمتد من إيران إلى آسيا.


ومع ذلك، ينبغي الإشارة أن الحوثيين أظهروا قدرة على التكيف مع الضغوط، حيث استفادوا في الماضي من الثغرات في أنظمة العقوبات الدولية واستغلال الأسواق السوداء. لذلك، لا يمكن الاعتماد فقط على العقوبات لشلّ حركتهم.


وتابع الشميري، على المدى القصير، ستؤدي هذه الإجراءات إلى تضييق الخناق على الحوثيين، لكنها قد تدفعهم لتصعيد العمليات العسكرية كوسيلة ضغط. 


وأضاف: المطلوب الآن هو تنسيق دولي أكبر لسد أي فجوات، مع تعزيز الجهود الدبلوماسية لدفع الحوثيين نحو طاولة المفاوضات. 
وأكد المحلل السياسي اليمني، أن نجاح هذه العقوبات يعتمد بشكل كبير على قدرة المجتمع الدولي على ضمان تنفيذها بصرامة وتوسيع نطاقها لتشمل مزيدًا من الأطراف الداعمة للجماعة.