خارطة القاهرة لإدارة غزة.. محاولة للموازنة بين مطالب تل أبيب ومرونة حماس

خارطة القاهرة لإدارة غزة.. محاولة للموازنة بين مطالب تل أبيب ومرونة حماس

خارطة القاهرة لإدارة غزة.. محاولة للموازنة بين مطالب تل أبيب ومرونة حماس
حرب غزة

في قلب التحولات الدراماتيكية التي يشهدها قطاع غزة، تُواصل القاهرة حراكها الدبلوماسي المكثف بحثًا عن مخرج من دوامة التصعيد العسكري، واستعادة التهدئة الهشة التي انهارت منتصف مارس، وبينما تتوالى اللقاءات بين مسؤولين مصريين وممثلي الفصائل الفلسطينية، وبينما تتقاطع الاتصالات مع واشنطن وتل أبيب، بدأت تتشكل ملامح "خطة مصرية جديدة" تهدف إلى ترتيب اليوم التالي للحرب، بما يشمل آلية لإدارة القطاع المدمر وإعادة بنائه، ضمن توافقات تتجنب الانفجار الإقليمي وتستوعب شروط الأطراف المتناقضة، لكن تفاصيل الخطة لم تُعلن بعد، مما فتح الباب أمام تكهنات وتسريبات، قابلتها مصادر فلسطينية بالتكذيب، مشيرة أن المقترح لا يزال في طور البلورة، وإن حمل إشارات أولية على قبول جزئي من حماس. ومع غياب موقف واضح من إسرائيل حتى اللحظة، تبقى القاهرة تراهن على لحظة توازن دولي تسمح بإخراج خطتها إلى النور، على وقع زيارة نتنياهو إلى واشنطن.

مقترح مصري جديد


في ظل تصاعد الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة واستمرار الانهيار الإنساني، تكثف القاهرة جهودها لتثبيت هدنة شاملة.

مصدر دبلوماسي مصري أكد وجود مقترح جديد يجري تداوله في أروقة السياسة الإقليمية والدولية، إلا أن بنوده لم تُنشر رسميًا حتى الآن. 

المقترح المصري يسعى إلى إعادة بناء الثقة بين الأطراف، وتحديدا بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، عبر ترتيب مرحلة "اليوم التالي" للحرب، وذلك من خلال تشكيل لجنة فلسطينية مدنية تشرف على إدارة شؤون القطاع، تكون برعاية حكومة التوافق الفلسطينية، مع إشراف غير مباشر من الدول الضامنة، وعلى رأسها مصر. 

مصادر مطلعة أوضحت أن وفداً من حركة فتح يتواجد في القاهرة لإجراء مشاورات موسعة حول هذا التصور.

كما أشارت أن هناك استعدادًا مبدئيًا داخل أروقة حماس للتعاطي مع المقترح، خصوصًا مع تصاعد الضغوط الدولية وتدهور الأوضاع المعيشية في القطاع، في ظل استهداف متكرر للمنشآت والبنى التحتية. 



مبادرات لتحسين ظروف الحياة


ورغم أن بعض التسريبات تحدثت عن بنود مثل نزع سلاح حماس أو ترحيل قادتها من غزة، نفت مصادر فلسطينية مطّلعة هذه الادعاءات، مؤكدة أن الحركة تعتبر ذلك خطًا أحمر.

لكنها في الوقت ذاته تبدي مرونة بشأن صيغ لتقاسم السلطة وإدارة القطاع ضمن ترتيبات أمنية وسياسية شاملة.

ما يميز الطرح المصري الحالي، وفقًا لمحللين، هو محاولته الجمع بين ما تعتبره إسرائيل ضروريًا لضمان "عدم تهديد أمنها"، وبين مطالب الفصائل الفلسطينية برفع الحصار وضمان تمثيل سياسي غير إقصائي.

وتتضمن الخطة إشراك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول إقليمية في آلية التمويل والإشراف على إعادة الإعمار، إلى جانب مبادرات لتحسين ظروف الحياة في غزة وتخفيف القيود على المعابر.

القاهرة التي لطالما لعبت دور الوسيط المركزي في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي تستند في تحركها الراهن إلى شرعية تاريخية، لكنها تواجه تحديات كبيرة.

أبرزها تحفظ إسرائيل المتكرر على عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، وتمسكها بشروط قاسية أبرزها نزع سلاح المقاومة.

توقيت حرج


يأتي هذا بينما تستعد واشنطن لبحث الملف خلال لقاء مرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في خطوة قد تحدد مدى دعم الإدارة الأميركية لخطة القاهرة. 

وكانت مصادر إعلامية قد كشفت عن اتصال هاتفي بين الرئيس السيسي وترامب تناول تطورات الملف الفلسطيني، ما يعكس محورية الدور المصري في إعادة ترتيب أوراق الصراع.

محللون يرون، أن التحركات المصرية تأتي في توقيت حرج، فالوضع في غزة ينذر بانفجار إنساني، فيما تعاني إسرائيل من ضغط داخلي لعدم التورط في إدارة القطاع، وتعاني السلطة الفلسطينية من تآكل شعبيتها.

وفي ظل انسداد الأفق السياسي، فإن صيغة "الانتقال الهادئ" لإدارة مدنية فلسطينية بدعم إقليمي قد تكون المسار الأقل تكلفة.