صفيح ساخن تحت أقدام الإخوان في الأردن.. ما الذي ينتظر الجماعة الإرهابية؟
صفيح ساخن تحت أقدام الإخوان في الأردن.. ما الذي ينتظر الجماعة الإرهابية؟

تبدو جماعة الإخوان الإرهابية في الأردن اليوم على صفيح ساخن، وسط تصعيد غير مسبوق من قبل الدولة، التي وجهت عبر رئيس وزرائها جعفر حسان، من تحت قبة البرلمان، رسائل نارية تنذر بتغير جذري في طبيعة التعامل مع الجماعة المصنفة إرهابية في عدة دول عربية.
حسان، بلغة سياسية غاضبة وصريحة، حذر من توظيف الدين أو الشارع لأهداف سياسية، في إشارة لم يخطأها المراقبون إلى جماعة الإخوان التي تتصدر مشهد الاحتجاجات المؤيدة لغزة منذ أشهر.
وقال رئيس الوزراء الأردني: "لن نتهاون مع أي جهة تمس أمن الأردن أو تهدد سلامة مواطنيه"، مؤكدًا أن "السياسات الوطنية يحددها الأردنيون فقط، ولا مجال لأي تدخل خارجي مهما كانت طبيعته".
التصريحات جاءت متوافقة مع مواقف واضحة أطلقها رئيسا مجلسي النواب والأعيان، في موقف موحد يعكس توجهًا رسميًا أكثر حزماً في التعامل مع الجماعة.
ورغم أن حسان لم يذكر الإخوان بالاسم، إلا أن توقيت الحديث وسياقه السياسي والاجتماعي لا يترك مجالاً للشك، فالجماعة، التي فقدت كثيرًا من حضورها السياسي خلال العقد الأخير، تحاول اليوم استعادة نفوذها عبر قيادة الشارع، مستغلة التعاطف الشعبي مع غزة، لتوجيه البوصلة السياسية نحو أجنداتها القديمة.
تحت المجهر الأمني والقانوني
التحركات الإخوانية لم تمر مرور الكرام على الدولة الأردنية، فالجماعة التي قادت إضرابات ودعت إلى العصيان المدني مؤخرًا، باتت تواجه اتهامات مباشرة بتأجيج الشارع وتوظيف العاطفة الشعبية حول القضية الفلسطينية لخدمة مشروع سياسي بات محل رفض رسمي وشعبي متزايد.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن الأجهزة الرسمية تدرس اليوم اتخاذ خطوات قانونية وإدارية حازمة تجاه الجماعة، تشمل تجميد نشاطاتها، وملاحقة أفرادها المتورطين في التحريض على مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها الجيش والأجهزة الأمنية.
كما لا يستبعد أن ترفع دعاوى قضائية في مواجهة قيادات الجماعة، بتهم تتعلق بالإرهاب والتحريض، وهو ما قد يمثل بداية النهاية لوجودها القانوني في البلاد.
الإخوان من الاستثمار في الدين إلى التحريض على الدولة
لطالما عرفت الجماعة الإرهابية بتكتيك "الخطاب المزدوج"، فهي أمام الرأي العام تحاول الظهور كمدافع عن القضايا العادلة، بينما في الواقع تسعى لزعزعة الاستقرار وتغذية الانقسام الاجتماعي والسياسي.
ومنذ اندلاع الحرب في غزة، وجدت الجماعة فرصة لمحاولة العودة إلى المشهد، عبر تنظيم مظاهرات تحولت في بعض الأحيان إلى منصات للهجوم على مؤسسات الدولة.
هذا السلوك لم يعد مقبولاً لدى الدولة الأردنية، التي تقرأ في تحركات الجماعة محاولة مكشوفة لإحياء مشروعها المأزوم على حساب أمن الوطن واستقراره، ومن هنا جاء الرد الرسمي أكثر وضوحًا وشدة، معلنًا أن أمن الأردن ليس محل مساومة، وأن زمن التغاضي عن تحريض الجماعة الإرهابية قد ولى.
الواضح أن المرحلة المقبلة ستشهد تصعيدًا رسميًا في مواجهة جماعة الإخوان في الأردن. ليس فقط على مستوى الخطاب، بل من خلال إجراءات ملموسة قد تشمل تجفيف منابع التمويل، وتشديد الرقابة على الجمعيات التابعة للجماعة، وملاحقة خطاب الكراهية عبر المنصات التابعة لها.
ويقول الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية سامح عيد: إن "الإخوان المسلمين في الأردن تمر بواحدة من أكثر المراحل حساسية منذ تأسيسها، إذ فشلت في التكيف مع التحولات السياسية الداخلية والإقليمية، وما تزال تراهن على خطاب تعبوي يتجاوز الدولة ويستفز مؤسساتها".
ويضيف عيد -في تصريحات خاصة للعرب مباشر -، أن التحركات الأخيرة للجماعة تكشف بوضوح رغبتها في العودة إلى المشهد من بوابة القضية الفلسطينية، لكن ذلك يتم من خلال تأجيج الشارع وتوسيع هوة الثقة بين المواطن والدولة، وهذا نمط سلوك معروف عن الجماعة الإرهابية في كل الدول التي تنشط فيها.
ويرى أن التصريحات الحكومية الأخيرة "تشكل تحذيرًا صريحًا بأن الدولة لم تعد في وارد السكوت عن أية جهة تمس بالسلم الأهلي، خصوصًا عندما يكون ذلك عبر عباءة دينية مزيفة تستهدف تفكيك الاستقرار الوطني".