عيد الفطر في غزة.. فرحة غائبة وسط أنقاض الحرب وذكريات الفقدان

عيد الفطر في غزة.. فرحة غائبة وسط أنقاض الحرب وذكريات الفقدان

عيد الفطر في غزة.. فرحة غائبة وسط أنقاض الحرب وذكريات الفقدان
العيد في غزة

مع حلول عيد الفطر المبارك، سمة آمال كبرى في قطاع غزة من انتهاء الحرب وعدم استئنافها مرة أخرى، خصوصًا وأن إسرائيل استأنفت الحرب قبل عيد الفطر بأيام قليلة ووقفت دخول المساعدات الإنسانية، في ظل مساع مصرية مكثفة لوقف الحرب في القريب العاجل.

وتسعى الجهات الوسيطة، إلى التوصل إلى اتفاق قبل اليوم الأول من عيد الفطر، وسط تصاعد حالة التفاؤل بإمكانية تحقيق ما يُطلق عليه "هدنة العيد"، بشرط أن تستجيب كل من حماس وإسرائيل بشكل إيجابي للمقترح المطروح حاليًا، حسبما نقلت مجلة "ذا ناشونال" الدولية.

مقترح قطري- أمريكي لتحقيق تقدم في المفاوضات 

بحسب ما أوردته قناة 12 الإسرائيلية، فإن الدوحة وواشنطن تعملان على صياغة مقترح يتضمن أن تقوم حركة حماس بإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي-الأمريكي إدين ألكسندر، مقابل إصدار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نداءً علنيًا وصريحًا يدعو فيه إلى بدء مفاوضات مباشرة بشأن وقف إطلاق النار.

وفيما نفت رئاسة الوزراء الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، تلقيها أي مقترح رسمي بهذا الشأن، لم تصدر حركة حماس حتى الآن تعليقًا رسميًا على هذا التقرير.

من جانبه، أعرب باسم نعيم، القيادي البارز في المكتب السياسي لحركة حماس، عن أمله في أن تحمل الأيام المقبلة تقدمًا ملموسًا في الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب بشكل كامل وليس في العيد فقط.

وأشار أن هذه الجهود ركزت على وقف إطلاق النار، فتح المعابر الحدودية، تسهيل دخول المساعدات الإنسانية، والأهم من ذلك، استئناف المفاوضات ضمن مرحلة ثانية تهدف إلى وقف شامل للحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة.

مطالب حماس والضمانات المطلوبة 


مصادر رفيعة المستوى في حركة حماس، مطلعة على تفاصيل المفاوضات، أوضحت أن الحركة تعمل بالتنسيق مع الوسطاء، بمن فيهم الولايات المتحدة، على تطوير مقترح مشترك يضمن التزام الجانب الإسرائيلي بتعهداته.

وأكدت هذه المصادر، أن حماس أبلغت الوسطاء بأنها لا تعترض على عدد الرهائن الذين سيتم إطلاق سراحهم، سواء كان العدد خمسة أو أكثر، ولا على عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم مقابل ذلك.

ومع ذلك، شددت المصادر على أن جوهر المشكلة يكمن في أن العروض السابقة كانت تقتصر على إطلاق سراح الرهائن مقابل وقف محدود لإطلاق النار لا يتجاوز 40 يومًا، إلى جانب تقديم مساعدات إنسانية محدودة، دون وجود أي ضمانات حقيقية تضمن الانتقال إلى المرحلة التالية من المفاوضات أو تأمين وقف دائم للحرب.

بناءً على ذلك، أصرت حركة حماس على ضرورة تقديم ضمانات واضحة بوقف إطلاق النار قبل الدخول في تفاصيل إضافية، بما في ذلك تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق للسماح بإدخال المعدات الثقيلة، الخيام، الكرفانات، ومواد البناء الضرورية لإعادة إعمار البنية التحتية الأساسية مثل المدارس والمستشفيات.

وأوضحت المصادر، أن حماس أظهرت مرونة كبيرة للتوصل إلى اتفاق، إلا أن الموقف الإسرائيلي ما يزال العقبة الأساسية التي تعرقل إحراز تقدم حقيقي.

موقف حماس من إدارة غزة والمصالحة الوطنية 


أكدت مصادر مطلعة، أن قيادة حماس أبلغت الوسطاء بأنها لا تتمسك بالسلطة، وأنها منفتحة على أي ترتيبات سياسية من شأنها دعم إعادة بناء الوحدة الوطنية الفلسطينية.

وكشفت هذه المصادر لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، أن حماس لم تُبدِ أي معارضة مؤخرًا إزاء مقترح يقضي بأن يتولى وزير من حكومة محمد مصطفى الفلسطينية رئاسة لجنة دعم مجتمعي مقترحة لإدارة الشؤون المدنية في غزة.

وبموجب هذا الترتيب، سيتولى الوزير رئاسة اللجنة، بينما سيتم تعيين نائب له من غزة يتم اختياره بتوافق بين جميع الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك حركة فتح.


محاولة خلق أجواء العيد رغم المعاناة 


بينما أكدت الشبكة الأمريكية، أن إسرائيل استأنفت هجماتها على قطاع غزة الأسبوع الماضي، بعد توقف دام شهرين، وذلك في منتصف شهر رمضان المبارك. 

وأسفرت هذه الموجة الجديدة من القصف عن مقتل 896 شخصًا، ما خلف حالة من الحزن العميق في وقت يُفترض أن يكون مخصصًا للصلاة والتأمل والتواصل العائلي.

وتابعت، أنه مع حلول عيد الفطر، يسعى أهالي غزة، رغم المعاناة والدمار، إلى إضفاء أجواء العيد على حياتهم، وخاصة من أجل أطفالهم، في محاولة لبث الأمل وإعادة بعض من مظاهر الحياة الطبيعية.

نهى أبو هاني، البالغة من العمر 47 عامًا، والتي نزحت من مخيم جباليا وتعيش حاليًا في مخيم تابع للأونروا، قررت هذا العام، ولأول مرة منذ عامين، أن تصنع حلويات العيد.

وتحدثت نهى قائلة: "قبل الحرب، كان عيد الفطر في غزة مناسبة مليئة بالعادات الجميلة، وأهمها صناعة الكعك والمعمول، حيث كانت الشوارع تمتلئ في الأيام الأخيرة من رمضان برائحة الحلويات الشهية. كان ذلك وقتًا للفرح والاجتماع العائلي".


وأضافت: "في العام الماضي، لم يكن بإمكاننا التفكير في أي مظهر من مظاهر الفرح. كنا عالقين في شمال غزة، نفتقد كل شيء، من المكونات الأساسية وحتى الأمان لنجتمع كعائلة".

معاناة اقتصادية وتحديات معيشية  


وتابعت الشبكة الأمريكية، أن أسعار المواد الغذائية والمستلزمات الأساسية شهدت ارتفاعًا حادًا نتيجة استئناف الحصار الإسرائيلي على دخول البضائع منذ الأول من مارس. 

وأضافت الشبكة الأمريكية، أنه رغم هذه المعاناة، أكدت نهى أنها شعرت بالامتنان لقدرتها على شراء بعض المكونات الأساسية لإعداد الحلويات. 

وتابعت نهى: "لقد قررت الخبز، ليس لأنني أشعر بفرحة العيد، ولكن لأذكر أطفالي بأن الحياة ما تزال مستمرة حتى وسط هذا الدمار".

محمد السواركة، فلسطيني يبلغ من العمر 44 عامًا فقد ثلاثة من أطفاله في غارة إسرائيلية، أوضح أن عيد الفطر بات في غزة ذكرى مؤلمة أكثر من كونه مناسبة سعيدة.

وقال السواركة: "العيد لم يعد لنا. أطفالنا لم يعد لهم عيد. بالكاد أستطيع توفير ما يسد رمقهم، فكيف أفكر بشراء ملابس جديدة أو حلويات؟".

وأضاف بصوت يملؤه الحزن والأسى: "العيد في غزة أصبح كابوسًا. لا توجد احتفالات لأن الجميع جرحى أو مشردون أو يعيشون في ظل فقدان دائم. أينما نظرت، ترى آثار الدمار والموت والخراب".

واختتم حديثه قائلاً: "هذه المدينة قد لا تعرف الفرح مجددًا إلا إذا حدثت معجزة تعيد لها الحياة".