أردوغان والدبيبة واتفاقية الحدود البحرية.. أهداف وتداعيات
يزور رئيس الحكومة الليبية الجديد دبيبة تركيا ويعقد جلسة مباحثات مع رجب طيب أردوغان
في تحرك مشبوه جديد للنظام التركي في الأزمة الليبية والذي سعى من خلاله لتحقيق مصالح جديدة، استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء الليبي عبدالحميد الدبيبة، ليواصل أردوغان التدخل في ليبيا والذي استمر لسنوات حصل بها الليبيون مرارة الحرب.
زيارة الدبيبة
وصل رئيس الحكومة الليبية الدبيبة، أمس، تركيا رفقة وفد يضم 14 وزيرا، لبحث ملفات مشتركة يتصدرها خروج المرتزقة من ليبيا.
ووفقًا للمكتب الإعلامي للحكومة الليبية، فإن الدبيبة والرئيس التركي أردوغان ترأسا الاجتماع الأول للمجلس الليبي التركي للتعاون الاستراتيجي رفيع المستوى، والذي تأسس باتفاق بين البلدين عام 2014.
اليسير: ضخامة الوفد الليبي في تركيا «غريب» لأن دور الحكومة محدود
وأعرب الدكتور عبدالمنعم اليسير، رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني العام الليبي سابقا، في تصريحات لقناة «الغد»، عن استغرابه من هذا الوفد الضخم، وإبرام العقود والاتفاقيات بين الحكومة الانتقالية وأنقرة، باعتبار أن دور الحكومة محدود، فهو يقتصر على إدارة المرحلة الانتقالية، لحين إجراء الانتخابات المقررة في ديسمبر القادم، وليس التوسع في إبرام الاتفاقيات والمعاهدات مع الدول.
وقال اليسير: إن الشعب الليبي ينظر إلى تركيا على أنها دولة استعمارية، دعمت الفوضى في ليبيا واستعانت بالمرتزقة من أجل السيطرة على الموارد الليبية، فكيف تبرم الحكومة هذا الكم من الاتفاقيات.
اتفاقية ترسيم الحدود
من أبرز ما أسفر عن الاجتماع كان الاتفاق على الإبقاء على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين ليبيا وتركيا.
وفي نوفمبر 2019، أعلنت تركيا توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية في البحر الأبيض المتوسط مع الحكومة السابقة برئاسة فايز السراج، بالإضافة إلى اتفاق حول التعاون الأمني والعسكري الموسع، وبموجبه أرسلت أنقرة نحو 20 ألف مرتزق سوري و10 آلاف متطرف من جنسيات أخرى إلى طرابلس.
إلا أن الدائرة الإدارية بمحكمة الاستئناف في مدينة البيضاء الليبية، قضت أواخر يناير الماضي، بإلغاء قراري ما يسمى "المجلس الرئاسي" لحكومة الوفاق بشأن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع تركيا، بالإضافة إلى اتفاقية للتعاون الأمني والعسكري. ولم تتخذ السلطات التنفيذية الليبية قرارا بإيقاف العمل بهذه الاتفاقات حتى اليوم.
مطالبات بالإلغاء
وقبل أيام، أعلن رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، أن ليبيا أبدت استعدادها للدخول في مفاوضات مباشرة مع اليونان حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، لافتًا إلى أنه أبلغ المسؤولين الليبيين، خلال زيارته الثلاثاء الماضى إلى «طرابلس»، بأن المذكرة «التركية- الليبية» لترسيم الحدود البحرية غير شرعية، وليست لها أي قوة قانونية، وتنتهك الحقوق السيادية لليونان، مطالبًا بإلغائها.
وطالبت أثينا السلطات الليبية بالتخلي عن اتفاقية الحدود البحرية مع تركيا، والعمل على خروج القوات الأجنبية والمرتزقة، وقالت المتحدثة باسم الحكومة اليونانية، أريستوتيليا بيلوني: «اليونان تدعم الحكومة الليبية الجديدة، ومن الضروري لليبيا التخلُّص من تواجد القوات الأجنبية والمرتزقة على أراضيها، ومن النصوص والاتفاقيات التي لا أساس لها، والتي تنتهك القانون الدولي».
أهداف أردوغان
اتجاه أردوغان إلى ليبيا كان محاولة أخيرة، لتحقيق حلمه في أن تصبح بلاده مركزاً إقليمياً للطاقة، حيث إن السيطرة على الحكومات تأتي من خلال التحكم في موارد الطاقة، بالإضافة إلى أن الحلم التركي بنقل الغاز الإيراني إلى أوروبا عبر سوريا أو عبر إيران نفسها تبدد بعد التطورات الأخيرة على الأراضي السورية، ولذلك يحاول أردوغان البحث عن منفذ له في المتوسط، وفقًا لما نقلته قناة "العربية" الإخبارية.
ونقلت القناة عن الدكتور توفيق حميد الباحث المتخصص في الإسلام السياسي: "إن أردوغان كان يريد استغلال نقل الطاقة والغاز للتحكم في أوروبا، ولكن حلمه أجهض لسببين، الأول هو القرارات الأميركية بفرض عقوبات على إيران، وبالتالي لا يمكنه نقل الغاز الإيراني سواء منها أو عبرها، والثاني اتفاقيات مصر واليونان وقبرص بشأن ترسيم الحدود البحرية وتحول مصر لمركز إقليمي لنقل الطاقة إلى أوروبا عبر المتوسط، بدلاً من تركيا، ما أغلق أبواب الحلم التركي الأردوغاني.
كما أوضح أن "تركيا ولتحقيق مطامعها فكرت في نقطة تتسلل منها إلى مناطق نقل الغاز في المتوسط، فكان الاختيار ليبيا، لسببين الأول هو تواجد ميليشيات إخوانية فيها، إلى جانب حكومة موالية للإخوان الحليف الاستراتيجي لتركيا، والثاني هو قرب الحدود البحرية الليبية من مناطق نقل الغاز وهو ما يتيح لأردوغان موطئ قدم فيها، يمكنه من المساومة حتى ينال نصيبه من الكعكة التي كان يريد التهامها بمفرده"، مشيرًا إلى وجود سبب آخر وراء محاولة أردوغان السيطرة على ليبيا، وهو وضع يده على ثروات البلاد النفطية لتعويض خسائره المتوالية في معركة الغاز.