من مصر للمغرب.. كيف لفظت شعوب المنطقة العربية الإخوان؟
لفظت الشعوب العربية جماعة الإخوان وأسقطتهم
بعد أن حاولوا الصعود قبل أكثر من ٩٠ عاما، للوصول إلى الحكم والسيطرة على المنطقة العربية وتحقيق مصالحهم، تلقى التنظيم الدولي للإخوان نكبات متتالية على مدى حوالي ١٠ أعوام، حتى لفظتهم المنطقة العربية تماما.
هزيمة إخوان المغرب
انقلبت الموازين رأسا على عقب داخل حزب العدالة والتنمية الإسلامي في المغرب، بعد خسارته الفادحة في النتائج الأولية بالانتخابات البرلمانية والمحلية في عموم البلاد.
وأظهرت النتائج الأولية في الانتخابات المغربية، تقدم حزب التجمع بالليبرالي برئاسة رجل الأعمال عزيز أخنوش على حساب حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي كان متصدرا للمشهد السياسي طوال ١٠ أعوام.
وأعلن وزير الداخلية عبد الوافي لفتين، أن حزب التجمع حصل على 97 مقعداً من أصل 395 بعد فرز 96 بالمئة من الأصوات، بينما انخفضت حصة حزب العدالة والتنمية من 125 مقعداً في البرلمان المنتهية ولايته إلى 12 مقعداً فقط في البرلمان المقبل.
وبعد تلك الخسارة الفادحة، سارعت قيادات الحزب الإخواني بإلصاق الفشل بالآخرين لتبرير ذلك التراجع القاسي، رغم فشلهم في إدارة الملفات والرفض الشعبي الواسع ضدهم، وخروج مظاهرات للإطاحة برئيس الوزراء المنتهية ولايته سعد الدين العثماني.
وفي أعقاب ذلك، أعلنت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية في المغرب، أمس، تقديم أعضائها وعلى رأسهم الأمين العام، سعد الدين العثماني، استقالتهم من الأمانة العامة، مع استمرارها في تدبير شؤون الحزب.
كما أقر الوزير السابق والقيادي في حزب العدالة والتنمية، لحسن الداودي، بالهزيمة، عبر استقالته من قيادة الحزب، مؤكدا أنه أقدم على هذه الخطوة من باب "ربط المسؤولية بالمحاسبة".
الإطاحة بإخوان تونس
وفي ٢٥ يوليو الماضي، شهدت تونس احتجاجات شعبية عارمة، اعتراضا على حكم الإخوان، حيث استجاب لها الرئيس قيس سعيد، ليصدر حزمة من القرارات الاستثنائية، بتعطيل عمل البرلمان ورفع الحصانة عن أعضائه، وإعفاء رئيس الحكومة، وتولي السلطة التنفيذية والتشريعية، ليجد أعضاء الإخوان أنفسهم تحت سلطة القضاء.
كما بدأت السلطات القضائية تحقيقات تتعلق بـ 3 أحزاب سياسية، منها حركة النهضة، فيما يتعلق بتلقيها تمويلات أجنبية أثناء الانتخابات، بالإضافة لحزبي "قلب تونس، وعيش تونسي"، الذين صدرت ضدهم إجراءات تحفظية تتعلق بتلقيهم تمويلات أجنبية لحملات انتخابية، وتمويلات مجهولة المصدر.
وفي يوم 14 يوليو، بدأت تحقيقات قبل قرارات قيس سعيد بشأن حزب قلب تونس الذي يترأسه قطب الإعلام نبيل القروي، وهما أكبر حزبين في البرلمان.
وعقب ذلك توالت الأزمات داخل الحزب الإخواني، واشتد الخناق على راشد الغنوشي، في محاولات للإطاحة به لاستعادة الشعبية بين المجتمع التونسي.
انتفاضات عربية
لم تكن تلك الانتفاضات المغربية والتونسية وليدة الأحداث، حيث بدأت التحركات في سوريا، قبل أكثر من ١٠ أعوام، حينما شكل تنظيم الإخوان جزءا كبيرا من المعارضة ضد الرئيس بشار الأسد، وحصل على ربع مقاعد "المجلس الوطنى السوري" فى أعقاب حراك العام 2011، ثم خاضت فى التحالفات مع التنظيمات الإرهابية واختارت العمل العسكرى بحثًا عن تواجد فاعل فى السلطة بعد أن أدركت أن الشارع لن يكون فى صفها.
فيما تلقوا خسارة مدوية في مصر، بعد عام واحد من حكمهم، ليخرج الشعب في احتجاجات ضخمة بكل أنحاء الجمهورية للفظهم، بعد إدراك مخطط الجماعة لتفتيت البلاد ومنح السيطرة للدول الأجنبية، ليساند الجيش ثورة يونيو، وهو ما كان بمثابة ضربة قاصمة للتنظيم الدولي، أثرت عليه بكل البلدان.
كما أنه في السودان، تخلصت ثورة ديسمبر من تنظيم الإخوان الإرهابى بعد 30 عاماً من سيطرة "نظام الإنقاذ" الذى يقوده الرئيس السابق عمر البشير، ليفقد التنظيم قوته بها.
إخفاقات بالمنطقة العربية
وفي دراسة للمركز الفرنسي للأبحاث والدراسة السياسية، أصدرها في أغسطس الماضي، أكد أن جماعات الإسلام السياسي فشلت في أن تقدم نفسها كبديل مقنع للشعوب العربية، ولم تستطع أن تنشئ مشروعا سياسيا أو أن تكون له قيادات فاعلة ومحبوبة من قبل الشعب، بل دخلت في خلافات مع الأطراف الأخرى ومؤسسات الدولة من أجل البقاء في السلطة.
وقالت الدراسة: إن جماعات الإسلام السياسي تؤمن بالوطن كحيز معنوي وليس كحيز وطني، فيكفي أن تبايع هذه الجماعات أحد قادتها كخليفة ليصبح لديهم خلافة دون فرض السيادة على الجغرافيا من خلال تحسين ظروف المجتمع والتفكير في تنميته، فهي لا ترى نفسها إلا امتداداً للتنظيم في كل مكان، فهي تحاول أن تستنزف مقدرات الوطن من أجل الانتماء والبيعة للتنظيم الدولي، حتى وإن أظهرت غير هذا، ولذلك عندما أسقطت الحركة في بعض الدول وجدت نفسها معزولة ولم يقف معها.
وأشارت إلى أن هذا لا يعني أن هذه الجماعات الإسلامية تفقد الأمل بالعودة مرة ثانية إلى المشهد السياسي، فهي تحاول بشكل مستميت التشبث بالسلطة بكل الوسائل، ففي مصر حاول من خلال نهج العنف، وفي تونس ما زالت تراوغ وتسعى إلى تغيير تكتيكات مختلفة لتحافظ على بقائها طرفا في المشهد السياسي سواء من خلال الخطابات التصالحية أو الدعوة لإجراء حوار سياسي مع الرئيس، في محاولة منها للخروج من أزمتها الحالية، بعد فشلها في حشد الاحتجاجات ضد قرارات الرئيس، وفشلها أيضا في الضغط على واشنطن، وتهديد الدول الأوروبية بورقة اللاجئين، من أجل أن يعتبروا قرارات الرئيس التونسي انقلاباً يتطلب تدخل المجتمع الدولي ضده.
وأوضحت الدراسة أن الإسلاميين في تونس كما في جميع البلدان فشلوا في بناء تحالفات قوية على الصعيد الإقليمي والدولي، لقد عادوا كثيرا من دول العالم العربي والغربي، من خلال مشاريع التدخل في أوروبا واستغلال مساحات الحرية، وهو ما جعل الأطراف الدولية تتخوف منهم، بالإضافة إلى فشلهم في بناء ثقة قوية مع الجماهير، لقد خيبوا آمال الناس وأنصارهم في كل العالم؛ لذلك قد لا تجد أصواتا للجاليات الإسلامية في أي دولة غربية ومنها فرنسا التي يقطنها عدد كبير من المسلمين، أصبحوا لا يكترثون لما آلت له حركة النهضة، كما لن يكون مستغربا في المستقبل القريب النزوح التدريجي للتأييد الإسلاميين في أي انتخابات قادمة في أي دولة يكون الإسلام السياسي فيها حزباً ينافس على السلطة.
ولفتت الدراسة أن التراجع المطرد سيكون له الآثار الأكيدة على حجم التأييد الشعبي للإسلاميين في الدول الأوروبية أيضا ولاسيما فرنسا، وهو ما يمكن أن يؤسس لحقبة جديدة بعنوان "عزلة حتمية للإسلاميين"، وقد يساعد على ذلك حالة الإنكار والتعالي الخطيرة على الواقع، وذلك مظهر آخر من مظاهر فشل الإخوان، ولعله أيضا سيكون عاملا محددا من عوامل ارتفاع الهتافات الشعبية ضد الإسلاميين.