الألغام تغلق الطرق.. مليشيات الحوثي تتحصن في الحديدة خوفًا من التقدم البري
الألغام تغلق الطرق.. مليشيات الحوثي تتحصن في الحديدة خوفًا من التقدم البري

في مشهد يعكس تصاعد التوتر العسكري على الساحل الغربي لليمن، تواصل مليشيات الحوثي المدعومة من إيران، زراعة الألغام الأرضية والبحرية في محافظة الحديدة، في محاولة لتأمين مواقعها من أي تقدم بري محتمل من قبل القوات اليمنية الحكومية، المدعومة بتنسيق استخباراتي وضربات جوية أميركية.
تكتيك التحصين الميداني
مصادر ميدانية أكدت، أن مليشيات الحوثي كثفت، خلال الأسابيع الأخيرة، عمليات زرع الألغام في نطاقات واسعة من المديريات المحيطة بمدينة الحديدة، خصوصًا في المناطق القريبة من خطوط التماس مع القوات المشتركة، بما يشمل مديريات الدريهمي، وحيس، والتحيتا، وبيت الفقيه، والجراحي.
وتقوم المليشيات بزراعة الألغام بشكل عشوائي، بما في ذلك في الطرقات الزراعية ومداخل التجمعات السكنية، في خطوة تعكس حالة استنفار عسكري وقلق متصاعد من احتمال تنفيذ هجوم بري واسع قد يغير موازين القوى في الساحل الغربي.
وقالت المصادر: إن المليشيات تسعى لتحويل هذه المناطق إلى حقول موت، لعرقلة أي تقدم بري، أو تأخير أي عملية إنزال محتملة عبر الساحل، في حال تحركت القوات اليمنية باتجاه المدينة، بالتزامن مع الضربات الجوية الأميركية التي استهدفت مراكز قيادة ومستودعات أسلحة في الحديدة خلال الأسابيع الماضية.
المدنيون في مرمى الخطر
لكن في ظل هذه التكتيكات الدفاعية، يبقى المدنيون هم الضحايا الأوائل، فزراعة الألغام في محيط منازل السكان وطرقهم المعتادة أدت إلى وقوع إصابات متكررة، بعضها مميت، وسط تحذيرات متكررة من منظمات إنسانية وحقوقية من تفاقم الكارثة.
وتعد محافظة الحديدة من أكثر المناطق اليمنية تلوثًا بالألغام، بعد سنوات من الصراع، ووفقًا لتقارير دولية، تسببت الألغام الحوثية في مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال، منذ بداية الحرب.
وفي خطوة تصعيدية أخرى، أفادت مصادر بحرية محلية، بأن مليشيات الحوثي عمدت إلى نشر ألغام بحرية في نطاقات متفرقة من البحر الأحمر، بالقرب من ميناء الحديدة، ما يشكل تهديدًا مباشرًا للملاحة الدولية وسلامة السفن التجارية، في واحدة من أهم ممرات التجارة البحرية العالمية.
تعزيزات عسكرية واستعدادات هجومية
المؤشرات القادمة من الميدان لا تقف عند التحصينات، فقد دفعت المليشيات، خلال الأسبوعين الماضيين، بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى داخل الحديدة ومديرياتها الجنوبية والشرقية، شملت مقاتلين جدد وأطقمًا عسكرية وآليات مدرعة، في محاولة لتعزيز خطوط الدفاع الأمامية، تحسبًا لأي هجوم مفاجئ.
هذا التصعيد الحوثي يأتي في أعقاب تقارير صحفية أميركية، أبرزها تقرير لمجلة وول ستريت جورنال، كشفت عن تحضيرات تجريها فصائل يمنية محلية لتنفيذ عملية برية ضد المليشيات، مستفيدة من الضربات الجوية الأميركية الأخيرة، والتي أدت إلى إضعاف قدرات الحوثيين اللوجستية والهجومية.
وذكر التقرير، أن مسؤولين في الإدارة الأميركية أبدوا استعدادًا مبدئيًا لدعم تلك العملية، في حال تم الاتفاق على توقيتها وتفاصيلها، دون اتخاذ قرار نهائي بعد.
على الرغم من الخطاب التعبوي الذي تصدره المليشيات عبر إعلامها، إلا أن تحركاتها الميدانية تكشف عن مخاوف حقيقية من تغير قادم في معادلة السيطرة بالحديدة، فالتراجع في القدرة العسكرية، بالتزامن مع الضغط الأميركي، يضع الجماعة أمام احتمال فقدان إحدى أهم معاقلها الساحلية، والتي تمثل بوابة حيوية لتهريب السلاح وتأمين الموارد.
ويقول الباحث السياسي اليمني صهيب ناصر الحميري: إن ما تقوم به مليشيات الحوثي من زراعة للألغام في الطرقات ومحيط التجمعات السكنية يعد "جريمة حرب مكتملة الأركان"، مشيرًا إلى أن الجماعة تستخدم المدنيين دروعًا بشرية في معركتها الخاسرة للبقاء، وما يجري في الحديدة هو تجسيد لحالة الذعر التي تعيشها المليشيات في مواجهة الضربات الجوية الأميركية والاستعدادات المحلية للهجوم البري.
بدلاً من الانسحاب أو فتح ممرات آمنة، يلجأ الحوثيون إلى تحويل القرى والطرقات إلى مصائد موت، ضاربين بعرض الحائط كل القوانين الإنسانية.
وأشار الحميري - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، أن هذا التكتيك لن يؤخر النهاية، لكنه سيفاقم الكارثة الإنسانية، ويترك خلفه إرثًا دمويًا من الألغام التي ستحصد أرواح المدنيين لعقود، حتى بعد انتهاء الحرب.