محلل سياسي : احتجاجات المغرب رسالة غضب ضد الحكومة واحتمال التصعيد وارد
محلل سياسي : احتجاجات المغرب رسالة غضب ضد الحكومة واحتمال التصعيد وارد

شهدت مدن مغربية عدة ليلة أمس تصاعدًا في حدة الاحتجاجات الشعبية، التي انطلقت على خلفية تردي الأوضاع المعيشية وارتفاع الأسعار، لتتحول في بعض المناطق إلى مواجهات عنيفة وأعمال شغب شملت نهب بنوك وإحراق سيارات، وسط انتشار أمني مكثف.
وأفادت مصادر محلية أن العاصمة الرباط ومدينة الدار البيضاء شهدتا تجمعات كبيرة رفع خلالها المتظاهرون شعارات تُطالب بـ إقالة رئيس الوزراء عزيز أخنوش، محملين حكومته مسؤولية الأوضاع الاقتصادية الصعبة. كما سجلت السلطات أعمال تخريب طالت ممتلكات عامة وخاصة، فيما تم حرق عدد من السيارات وإغلاق شوارع رئيسية.
وأعلنت وزارة الداخلية المغربية أنها تتابع "بقلق بالغ" ما تشهده بعض المدن، مؤكدة أنها ستتعامل بحزم مع أي أعمال شغب تهدد الأمن والاستقرار. وأشارت في بيان مقتضب إلى اعتقال العشرات من المشاركين في عمليات النهب وإضرام النار.
وبحسب شهود عيان، فإن التوتر تصاعد بشكل مفاجئ بعدما حاولت قوات الأمن تفريق المتظاهرين باستخدام الغاز المسيل للدموع، الأمر الذي أدى إلى اشتباكات عنيفة، بينما اتجهت مجموعات غاضبة إلى مهاجمة بنوك ومحال تجارية.
ويرى مراقبون أن هذه الاحتجاجات تمثل أكبر تحدٍّ يواجه حكومة أخنوش منذ توليها السلطة، إذ لم تعد المطالب مقتصرة على تحسين الأوضاع الاقتصادية فحسب، بل امتدت إلى المطالبة بتغيير سياسي على مستوى رئاسة الحكومة.
في المقابل، دعا ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى التهدئة وتجنب التخريب، مع التأكيد على حق المواطنين في التظاهر السلمي والتعبير عن مطالبهم المشروعة.
ولا تزال الأوضاع مرشحة لمزيد من التصعيد، وسط مخاوف من اتساع رقعة الاحتجاجات وتكرار مشاهد العنف في مدن أخرى، ما قد يضع المغرب أمام أزمة سياسية وأمنية غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة.
وقال المحلل السياسي المغربي د. عبدالرحيم بن عمر: إن المظاهرات التي شهدتها مدن مغربية عدة، وتخللتها أعمال عنف ونهب بنوك وإحراق سيارات، تمثل رسالة غضب قوية ضد حكومة عزيز أخنوش، محذرًا من أن استمرار تجاهل المطالب الشعبية قد يقود إلى تصعيد أكبر في الشارع.
وأوضح بن عمر - في تصريح لـ"العرب مباشر" - أن خروج الاحتجاجات عن الطابع السلمي وتحولها إلى مواجهات يعكس حجم الاحتقان الاجتماعي نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة وغلاء المعيشة وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين. وأكد أن المطالبة بإقالة رئيس الوزراء تعكس تراجع الثقة الشعبية في الحكومة الحالية.
وأشار المحلل السياسي إلى أن تعامل السلطات مع الأزمة سيكون حاسمًا في تحديد مسار الأحداث، لافتًا إلى أن المقاربة الأمنية وحدها قد تزيد من الاحتقان، بينما الحل الحقيقي يكمن في إجراءات عاجلة لتخفيف الأعباء الاقتصادية وفتح قنوات حوار مع القوى الاجتماعية والسياسية.
وأضاف أن الحكومة مطالَبة اليوم باتخاذ قرارات ملموسة وسريعة، لأن التأخر في الاستجابة لمطالب الشارع قد يضع المغرب أمام أزمة سياسية وأمنية أعمق، مؤكدًا أن الرهان الأكبر هو الحفاظ على الاستقرار مع معالجة الأسباب الجذرية للغضب الشعبي.