القمع والتطرف.. لماذا يرفض الشعب الأفغاني حكم طالبان؟
رفض الشعب الأفغاني حكم طالبان
استولت طالبان لأول مرة على سلطة أفغانستان في التسعينيات، الأمر الذي تسبَّب في هجرة جماعية من البلاد، لكن بقي كثيرون انضموا إلى المقاومة الشرسة ضد الحركة، والآن بعد ٢٥ عامًا أجبرت عودة طالبان للحكم الملايين على الفرار مجددًا وكذلك وجود رد فعل عنيف ممن بقوا في أفغانستان ضد تصرفات طالبان.
رفض شعبي
معهد "توني بلير" للدراسات البريطاني، كشف في تقرير له سر الرفض الشعبي للحركة، مشيرًا إلى أنه بعد استيلاء طالبان على الحكم والعاصمة كابول في أغسطس 2021، لم تكن المقاومة كبيرة بالقدر اللازم للتنديد بهذه اللحظة، فقد انتقلت نساء أفغانستان إلى الشوارع مرة أخرى لمعارضة النظام الشمولي.
وفي مقابلة أُجريت معها مؤخراً، تشرح إحدى المتظاهرات كيف تفرغت النساء للمقاومة والتضحية بحياتهن من أجل العدالة، بجوار الآخرين الذين يتحدّون طالبان اليوم، مؤكدة في الوقت ذاته أن الحركة المتطرفة ما هي إلا وكيل لبلد آخر.
وأشار المعهد البريطاني إلى أنه في نوفمبر 2021، نظم الآلاف من الشتات في أفغانستان-الذين تم تفريقهم الآن في جميع أنحاء العالم- مظاهرات مناهضة للحركة في وقت واحد في أكثر من 20 مدينة رئيسية، وكان هذا الاحتجاج العالمي ردًا على دعوة من أحمد مسعود، قائد الجبهة الوطنية للمقاومة (NRF) في أفغانستان.
وفي مقابلة أجريت معه مؤخراً، أكد مسعود أن قوة المقاومة المسلحة التي يقودها تضم أكثر من 3000 مقاتل ذو مهارات عالية، تدربوا على يد القوات الأميركية وحلف الناتو عندما عملت هذه المنظمات مع الجيش خلال فترة الحكومة السابقة.
وأوضح التقرير البريطاني أنه بخلاف الجبهة الوطنية للمقاومة، تشكلت جيوب أخرى من المقاومة المسلحة في جميع أنحاء أفغانستان، وكلهم تعهدوا بالوقوف مع الجبهة ضد طالبان، فهم يقاتلون من أجل العدالة والكرامة والتعددية وتقرير مصير الناس من خلال نظام واحد في أفغانستان.
فشل طالبان
ولفهم جذور هذه المقاومة يجب فهم الطرق التي استغلت بها طالبان سياسة الهُوِيَّة - وتحديداً قومية البشتون والهُوِيَّة الإسلامية ديوباندي - والسبب في أنها اكتسبت سمعة كقوة أجنبية، فهذه العوامل تقف إلى حد كبير وراء أزمة طالبان الحالية للشرعية والرفض الشعبي لها، فقد أخفقت في جذب المواطنين لها، وذلك بحسب التقرير.
وتابع التقرير أنه بمرور الوقت، طورت طالبان علاقات مع كل حركة أو جماعة متطرفة وكذلك المدافعون عن قومية البشتون، فقد ساعدت هذه الرؤية في تحديد عقيدة المجموعة والخصائص الأيديولوجية وتعزيز قدرتها على تمثيل التكوين الإثني والديني المتنوع في البلاد، حيث عملت إستراتيجية طالبان طوال العشرين عامًا الماضية على صياغة تحالفات وتعزيز الولاءات بين الجماعات المحلية والإقليمية، والممثلين غير الحكوميين، وفق هذه الأسس الأيديولوجية.
وأضاف التقرير البريطاني أنه رغم كل الجهود المبذولة للتخلي عن المعارضة وتصدير صورة للشرعية للعالم الخارجي، إلا أن هناك العديد من التوترات التي تؤثر على طالبان، بما في ذلك وضع الداخل، مثل عدم الأمان والتي تغذي عدم قدرة طالبان على تشكيل "حكومة شاملة" أو "إصلاح نفسها"، كما كان يأمل الكثيرون.
ونوه التقرير إلى أنه بدون وجود عملية ديمقراطية، فإن شعب أفغانستان يُعتبر وجود طالبان في السلطة بأنه ضرب من ضروب الإصلاح المستحيل.