تصاعد التوتر في البحر الأحمر.. هجمات الحوثيين تُشعل أزمة تجارية عالمية
تصاعد التوتر في البحر الأحمر.. هجمات الحوثيين تُشعل أزمة تجارية عالمية

كشفت مجموعة محادثة خاصة ضمت مسؤولين كبار في إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن خطة أمريكية سرية لمهاجمة الحوثيين في اليمن، ومن بين المشاركين في هذه المجموعة، نائب الرئيس جي دي فانس ووزير الدفاع بيت هيغسيث، حيث وجهوا انتقادات حادة لأوروبا، متهمينها بأنها تعتمد على الولايات المتحدة بشكل مفرط وتساءلوا عما إذا كان يتعين على واشنطن التدخل مرة أخرى لإنقاذ أوروبا، حسبما ذكرت وكالة "رويترز" الإخبارية الدولية.
هجمات في البحر الأحمر وتأثيراتها الاقتصادية
نفّذت الولايات المتحدة في 16 مارس ضربات عسكرية واسعة استهدفت مواقع الحوثيين في اليمن، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 31 شخصًا.
وجاءت هذه الضربات ردًا على تهديدات الحوثيين باستئناف الهجمات على السفن التي تمر عبر البحر الأحمر.
وكانت جماعة الحوثي المسلحة، التي سيطرت على معظم مناطق اليمن خلال العقد الماضي، قد أعلنت في 12 مارس أنها ستستأنف هجماتها على السفن الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي، ما أنهى فترة هدوء نسبي بدأت في يناير بعد وقف إطلاق النار في غزة.
ورغم التهديدات، لم تُسجل هجمات بحرية جديدة على السفن منذ ذلك الحين، إلا أن الولايات المتحدة وإسرائيل أعلنتا اعتراض صواريخ وطائرات مسيّرة أطلقت من اليمن.
منذ نوفمبر 2023، شن الحوثيون أكثر من 100 هجوم على سفن قبالة سواحل اليمن، بدعوى دعمهم للفلسطينيين في ظل الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.
تراجع الملاحة
وأدت هذه الهجمات إلى تراجع حركة الملاحة في قناة السويس بنسبة 75% خلال عام 2024، ما أجبر شركات الشحن على اتخاذ طرق بديلة أطول، ما تسبب في زيادة زمن العبور بمتوسط يتراوح بين 7 إلى 14 يومًا، وفقًا لشركة project44 الأمريكية المتخصصة في إدارة سلاسل الإمداد.
كما فرضت هذه التطورات على الجيش الأمريكي الدخول في حملة مكلفة لاعتراض الصواريخ والطائرات المسيّرة، ما أدى إلى استنزاف كبير في مخزون الدفاعات الجوية الأمريكية.
ترامب يُهدد الحوثيين ويحذر من التصعيد
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد توعد الحوثيين عبر منصة "تروث سوشيال" بأن "الجحيم سينهمر عليهم كما لم يشهدوا من قبل" إذا لم يوقفوا هجماتهم.
وأكد البيت الأبيض في بيان رسمي أن الضربات العسكرية جاءت كخطوة حازمة "لمواجهة الإرهاب وحماية التجارة الدولية".
وأشار البيان إلى أن من بين أكبر عشرة مستوردين عبر البحر الأحمر، توجد خمس دول أوروبية، موضحًا أن الحوثيين استهدفوا السفن الحربية الأمريكية 174 مرة والسفن التجارية 145 مرة منذ عام 2023.
من جانبهم، أعلن الحوثيون أنهم مستعدون للرد على التصعيد بتصعيد مماثل، دون أن تُسجل أي هجمات انتقامية حتى الآن.
تداعيات الهجمات على قطاع الشحن العالمي
أسفرت هجمات الحوثيين عن إغراق سفينتين، والاستيلاء على أخرى، ومقتل ما لا يقل عن أربعة بحّارة.
وفقًا لتقرير صادر عن وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية في أبريل 2024، تأثرت مصالح ما لا يقل عن 85 دولة و29 شركة كبرى تعمل في قطاع الطاقة والشحن البحري.
وذكرت الوكالة أن معظم السفن المستهدفة كانت مملوكة لشركات أوروبية، في حين تعرضت ثماني سفن مملوكة لشركات أمريكية لهجمات.
دفع ذلك العديد من شركات الشحن إلى تجنب المرور عبر البحر الأحمر، واختيار طرق بديلة حول رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا، ما أدى إلى ارتفاع كبير في تكاليف النقل وانخفاض أرباح هذه الشركات.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة Hapag-Lloyd الألمانية، رولف هابين يانسن، إنه لا يتوقع حل الأزمة قريبًا، مشيرًا إلى أن الوضع يزداد تعقيدًا مع مرور الوقت.
أما شركة Maersk الدنماركية، فقد حذرت العام الماضي من أن تحويل حركة الملاحة عبر طريق رأس الرجاء الصالح أدى إلى "تأثير متسلسل" تسبب في ازدحام بالمواني البديلة.
وصرح رئيس الشركة، فينسنت كليرك، في فبراير بأن حل الأزمة يتطلب إما "شلّ قدرات الحوثيين بالكامل على شن الهجمات" أو "التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة".
جهود دولية لوقف التهديدات الحوثية
وفي ديسمبر 2023، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن تشكيل تحالف دولي يضم 20 دولة تحت اسم عملية حارس الازدهار لحماية الملاحة عبر البحر الأحمر.
شمل التحالف دولًا مثل بريطانيا، البحرين، كندا، فرنسا، إيطاليا، هولندا، النرويج، سيشل، وإسبانيا.
وفي فبراير 2024، أعلنت دول الاتحاد الأوروبي عن إطلاق عملية أسبيدس بعد رفض فرنسا ودول أخرى الانضمام إلى التحالف الأمريكي؛ تجنبًا لوضع قواتها تحت قيادة واشنطن.
ووفقًا لمسؤول أوروبي، نجحت عملية أسبيدس في اعتراض أربعة صواريخ باليستية، و18 طائرة مسيّرة، وطائرتين بحريتين مسيّرتين، كما قامت بتأمين مرور أكثر من 400 سفينة تجارية.
أعلنت أسبيدس الأسبوع الماضي عن انخفاض فوري في حركة الملاحة عبر مضيق باب المندب بعد الغارات الجوية الأمريكية على اليمن.
ومن جانب آخر، نفّذت بريطانيا خمس ضربات جوية مشتركة مع الولايات المتحدة ضد مواقع الحوثيين العام الماضي، بينما واصلت الولايات المتحدة شن غارات منفصلة بشكل مستمر.
كما قدمت أستراليا، البحرين، كندا، الدنمارك، هولندا، ونيوزيلندا دعمًا غير قتالي لتلك الهجمات.
وفي 18 مارس، صرح متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بأن الأخير ناقش مع ترامب الضربات الأمريكية ضد الحوثيين، مشيرًا إلى أن بريطانيا دعمت تلك العمليات بتزويد الطائرات الأمريكية بالوقود جوًا كإجراء روتيني.
أما فرنسا، فقد رافقت سفنها الحربية سابقًا شحنات من شركة CMA-CGM الفرنسية، إلا أن الشركة أعلنت في فبراير 2024 أنها لا تزال غير مستعدة لاستئناف عمليات الشحن عبر البحر الأحمر بسبب استمرار المخاطر الأمنية