الحصاد المُرّ في أفغانستان.. عودة طالبان تنتهك حق النساء في الحياة
تواصل حركة طالبان ارتكاب جرائم حرب بحق النساء في أفغانستان
كان عام 2021 هو الأصعب على الشعب الأفغاني، لاسيما النساء، بعدما لاقين من تقييد حريات وإجبار على حياة بائسة، وربما وصل الأمر إلى تنفيذ إعدامات تعسفية وتصفية بالقتل خارج إطار القانون.
وربما لا يمكن فهم المعجزة التي ظهرت بها حركة طالبان فجأة لحكم أفغانستان مرة أخرى في أغسطس 2021، بعد حوالي 20 عامًا من خلعهم، دون فهم كيف استعانت الولايات المتحدة بمصادر خارجية لسياستها في أفغانستان، وكيف استجابت لوجود دور لقطر على مدى السنوات العديدة الماضية، الأمر الذي انتهى بأن تكون قطر ممثلا للمصالح الأميركية في أفغانستان الآن.
وفي الوقت الذي سعت فيه واشنطن إلى التحول إلى منافسات قريبة من نظيرتها مع الصين وروسيا، كان إنهاء الحرب على الإرهاب أمرًا ضروريًا، وبناء عليه. فقد سلمت أفغانستان إلى عناصر طالبان على نحو غريب.
وفي الوقت الذي عرفت فيه طالبان كجماعة مسلحة ومتطرفة تقوم بتفجير التماثيل البوذية وذبح الشيعة، كما كانت في التسعينيات، كان للمرأة نصيب الأسد من انتهاكات الحركة المتطرفة، فلاقت نساء أفغانستان الأمرين في مواجهة حركة متشددة.
واختفت وجوه النساء من الإعلانات مرة أخرى، وكانت الصورة التي نشرتها مراسلة CNN، كلاريسا وارد، من المقابلة التي أجرتها مع رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حركة طالبان، "صورة بألف كلمة" كما وصفتها الصحفية الأميركية نفسها، بما ظهر في الصورة من علامات الازدراء والرغبة على وجه عنصر الحركة المتطرفة.
حقوقهن في خطر
وكان شعار «حقوق المرأة الأفغانية في خطر» بمثابة التحذير الذي أطلقه الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، عندما أنشأ المجلس الأعلى للسلام الأفغاني المنحل في عام 2010 لبدء المفاوضات مع طالبان.
لكن تحولت تلك الجملة إلى مجرد شعار لا قيمة له، خصوصا مع استمرار المحادثات بين واشنطن وحركة طالبان المتطرفة.
تقارير حول الانتهاكات
وفي تقرير لها، كشفت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، عن سلسلة واسعة من الانتهاكات التي ارتكبتها حركة طالبان الأفغانية.
وأشارت باشيليت في تقريرها الذي صدر مؤخرا، إلى أنها تلقت تقارير جديرة بالثقة عن انتهاكات خطيرة تشمل إعدام مدنيين خارج نطاق القضاء، وقيودا على النساء، وعلى الاحتجاجات التي تخرج ضد حكم الحركة الإرهابية، حسبما نقلت وكالة رويترز.
وحثت باشيليت في افتتاح نقاشات بمجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، على ضرورة وضع آلية لمراقبة تصرفات طالبان عن كثب، مؤكدة أن طريقة معاملة "طالبان" للنساء والفتيات واحترام حقوقهن بالحرية وحرية التنقل والتعليم والتعبير والعمل، وفقًا للمعايير الدولية على صعيد حقوق الإنسان، "ستشكل خطا أحمر".
وقالت المفوضة الأممية، إنه "لا يمكن القبول بما تشهده أفغانستان من انتهاكات"، لافته إلى أن الانتهاكات بحق المرأة في أفغانستان ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.
وأضافت أن "ضمان حصول الفتيات على تعليم ثانوي ذي نوعية عالية سيشكل مؤشرا أساسيا لالتزام طالبان احترام حقوق الإنسان".
حرمان من الجامعة والكريكيت
وبحسب ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، أعلن المستشار الجديد لحركة "طالبان" في جامعة كابل أنه سيتم منع النساء من الدخول إلى الحرم الجامعي، إلى أجل غير مسمى، سواء كمعلمات أو طالبات.
وأضافت: «هناك مخاوف كبيرة على أوضاع النساء والصحفيين وقادة المجتمع المدني، الذين برزوا في السنوات الماضية».
مدارس دون فتيات
وحسب إحصاءات البنك الدولي، ففي عام من فترة تولي طالبان للحكم خلال حقبته الماضية، لم يتم تسجيل أي فتاة في المدارس الرسمية وكان هناك فقط مليون فتى مسجلون.
بحلول عام 2020، تم تسجيل 3.5 مليون فتاة في بلد يبلغ عدد سكانه حوالي 38 مليون نسمة، مع ارتفاع معدل معرفة القراءة والكتابة إلى 43% وفقًا لمنظمة اليونسكو.
أفغانيات خارج حكم طالبان
وفي تصريحات لـ"فرانس برس"، توضح محبوبة سراج، إحدى الناشطات الأفغانيات الرائدات في مجال حقوق المرأة، أنه على الرغم من الصراع والعنف، عملت النساء الأفغانيات في وظائف المحاماة والطب والهندسة، وشغلن العديد من الوظائف الحكومية والجيش، وأنشأن أعمالهن الخاصة.
وبحلول أوائل عام 2018، كانت قرابة 4,500 امرأة تخدم في قوات الدفاع والأمن الأفغانية، وكانت نسبة تمثيل النساء في البرلمان تبلغ 27,3 % أي أعلى من نسبتهن في الكونغرس الأميركي (15,2 %) والبرلمان البريطاني (19,7 %).
وتربط حركة طالبان موقفها من المرأة بالعقيدة الإسلامية، حيث يزعم التنظيم المتطرف أنه يطبق الشريعة الإسلامية، وحقيقة الأمر أن الحركة تطبق (العقيدة الطالبانية) وليس الإسلامية، ففي المدارس الدينية التي تديرها طالبان، يتعلم الطلاب الدرس الإسلامي المناسب للمرأة، وفقًا لتفسير طالبان والذي يقتصر بشكل كبير على أدائها للواجبات المنزلية.
أسوأ سجلات حقوق الإنسان
وامتلكت أفغانستان أسوأ سجلات حقوق الإنسان في العالم، حيث حرمت المواطنين من أبسط حقوقهم، وفرضت قواعد صارمة على النساء وحقوقهن.
كما واجهت هؤلاء النساء عقوبات قاسية مثل السجن والتعذيب حتى الموت بدعوى انتهاك «قوانين الشريعة الإسلامية»، أي كانت النساء يجلدن علنًا ويعدمن إذا لم يتبعن القواعد التي تفرضها طالبان.
حرمان من المواصلات
وجاء إعلان حركة طالبان التي تتولى السلطة في أفغانستان بأنها لن تسمح للنساء بالسفر لمسافات طويلة أو الصعود لوسائل النقل والمواصلات إلا إذا كن برفقة أحد أقربائهن الذكور، ليؤكد أن الأفغانيات يواجهن عصرا من التضييق والإهانة وسلب الكرامة الإنسانية.
إرشادات طالبان
وطالبت الإرشادات الجديدة الصادرة عن وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أفغانستان، الأسبوع الماضي، جميع أصحاب المركبات بنقل النساء اللاتي يرتدين الحجاب فقط.
وحسبما نقلت "مونت كارلو"، قال الناطق باسم الوزارة صادق عاكف مهاجر، الأسبوع الماضي: "يجب ألا يتم عرض نقل النساء اللواتي ينوين السفر إلى مسافات تبلغ أكثر من 72 كلم إلا إذا كن بصحبة أحد أفراد عائلتهن المقرّبين".
ضجة مجتمعية
وضجت شبكات التواصل الاجتماعي بالحديث عن الإرشادات التي تم تداولها بين المواطنين بشعور الفزع، ووسط ضجة مجتمعية ومخاوف من قرارات الجماعة المتشددة.
وقف الدراما بسبب النساء
ويأتي قرار طالبان بعد أسابيع من طلب الوزارة من القنوات التلفزيونية الأفغانية، التوقف عن عرض الأفلام الدرامية والمسلسلات التي تمثل فيها نساء.
كما دعت الوزارة التابعة لطالبان المتشددة، الصحافيات العاملات في التلفزيون إلى ارتداء الحجاب على الشاشة.
حرمان من النقل
وقال مهاجر: إن ارتداء الحجاب سيكون شرطاً للنساء اللواتي يسعين للصعود على متن وسائل النقل.
كما أمرت توجيهات الوزارة الناس بالتوقف عن تشغيل الموسيقى في مركباتهم.
وبحسب وكالة "فرانس برس"، لم توضح طالبان قصدها عندما تحدثت عن الحجاب، فقد يشير تفسيرها إلى غطاء الرأس العادي، وقد يشير إلى غطاء الوجه أو الغطاء الكامل من الرأس إلى أخمص القدمين، علما أن أغلبية النساء الأفغانيات يرتدين غطاء الرأس.
وأثارت سيطرة حركة طالبان على البلاد حالة من الذعر الكبير لدى قطاع كبير من الشعب الأفغاني الذي فر إلى مطار كابول، لينجوا من براثن حكم طالبان وسقط عدد من الأشخاص من إحدى الطائرات الأميركية التي امتلأت عن آخرها بالأفغان الفارين من كابول.