لاهاي تفتح ملفات التجويع.. العدل الدولية تلاحق الحصار الإسرائيلي على غزة
لاهاي تفتح ملفات التجويع.. العدل الدولية تلاحق الحصار الإسرائيلي على غزة

بدأت محكمة العدل الدولية في لاهاي، وهي الهيئة القضائية الأعلى في الأمم المتحدة، أسبوعًا من الجلسات للنظر في مدى التزام إسرائيل القانوني بـ"ضمان وتسهيل" وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وتحديدًا في قطاع غزة، الذي يواجه انهيارًا شبه كامل في نظام الإغاثة الإنسانية، حسبما نقلت شبكة "يورو نيوز" الأوروبية.
حصار غزة
وبحسب الشبكة الأوروبية، فإن هذه الجلسات تأني استجابة لقرار تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام الماضي، طالبت فيه المحكمة بإبداء رأيها القانوني في مسؤوليات إسرائيل بعد أن أقدمت الأخيرة على حظر عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) على أراضيها وحصار غزة.
وجاء افتتاح الجلسات في وقت حرج للغاية، حيث حذرت منظمات الإغاثة الدولية من أن نظام المساعدات في قطاع غزة ينهار بشكل متسارع، وقد كانت هيئة الأمم المتحدة القانونية أول من تقدم بمداخلته أمام المحكمة يوم الإثنين، تلتها مرافعة قدمها ممثلو دولة فلسطين.
مأساة إنسانية
وتابعت الشبكة الأوروبية، أنه في مشهد يجسد عمق المأساة الإنسانية، اصطف المواطنون الفلسطينيون للحصول على مساعدات غذائية نادرة في مركز توزيع بمدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، في السابع من أبريل 2025، حيث أكد برنامج الأغذية العالمي -في وقت سابق- أن مخزوناته الغذائية في غزة قد نفدت بالكامل، ما يعني انقطاع أحد أهم مصادر الغذاء لمئات الآلاف من السكان.
وتواصل إسرائيل، التي تنفي استهدافها المتعمد للمدنيين أو طواقم الإغاثة في إطار حربها المستمرة مع حركة حماس، منع دخول المواد الغذائية والوقود والأدوية وغيرها من الإمدادات الإنسانية منذ الثاني من مارس الماضي. كما أعادت إسرائيل إطلاق عملياتها العسكرية في 18 مارس بذريعة الضغط على حماس للإفراج عن مزيد من الرهائن.
إسرائيل تغيب عن الجلسات
وفي جلسة الاثنين، اتهم السفير الفلسطيني لدى هولندا، عمار حجازي، إسرائيل بتجويع الفلسطينيين وقتلهم وتشريدهم، وباستهداف منظمات الإغاثة التي تحاول إنقاذ أرواح المدنيين، معتبراً أن هذه السياسات تمثل خرقاً فاضحاً للقانون الدولي.
ولم يحضر أي ممثل عن الحكومة الإسرائيلية الجلسات، حيث وصف وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، الإجراءات القضائية بأنها جزء من "حملة اضطهاد ممنهجة وتجريد من الشرعية" تستهدف إسرائيل، متهماً المحكمة بـ"استغلال النظام القانوني الدولي وتسييسه".
وبررت إسرائيل قرارها بمنع الأونروا من العمل، وهو القرار الذي دخل حيز التنفيذ في يناير الماضي، بوجود مزاعم عن "اختراق" الوكالة من قبل حركة حماس.
وقدمت إسرائيل مرافعتها المكتوبة أمام المحكمة يوم الإثنين، مدعية أن الأونروا تجاهلت دلائل على استخدام منشآتها من قبل حماس قبل اندلاع الحرب.
وقال أمير فايسبرود، المسؤول في وزارة الخارجية الإسرائيلية: إن الأونروا توظف نحو 1400 فلسطيني على صلة بجماعات مسلحة، مضيفًا أن بعض هؤلاء الموظفين شاركوا في هجمات السابع من أكتوبر 2023 التي نفذتها حماس.
ورداً على ذلك، أوضحت الأونروا أنها فصلت تسعة موظفين بعد تحقيق داخلي أجرته الأمم المتحدة.
مشاركة دولية واسعة
تشارك في القضية المعروضة أمام محكمة العدل الدولية أربعون دولة وأربع منظمات دولية، ومن المقرر أن تقدم الولايات المتحدة، التي عارضت قرار الجمعية العامة، مداخلتها يوم الأربعاء.
ومن المتوقع أن تستغرق المحكمة عدة أشهر لإصدار رأيها الاستشاري، والذي لن يكون ملزماً قانونياً، إلا أن خبراء القانون يؤكدون أن قرارات المحكمة قد تحمل وزناً كبيراً على صعيد تطوير القانون الدولي وتوجيه المساعدات المستقبلية لإسرائيل، بالإضافة إلى تأثيرها على الرأي العام العالمي.
لحظة فاصلة
وأشارت الشبكة الأوروبية، أن مسألة تأثير القرار المحتمل على إسرائيل تبقى محل تساؤل، في ظل تاريخ طويل من رفض تل أبيب الامتثال لأحكام وقرارات سابقة للمحكمة، حيث سبق للحكومة الإسرائيلية أن تجاهلت قراراً استشارياً صدر في عام 2004 واعتبر الجدار الفاصل في الضفة الغربية غير قانوني.
كما رفضت إسرائيل في العام الماضي حكماً استشارياً يدعوها إلى وقف الاستيطان في القدس والضفة الغربية، حيث وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو القرار حينها بأنه "حكم قائم على الأكاذيب".
بينما تتجه الأنظار إلى لاهاي، يرى مراقبون أن هذه الجلسات تمثل لحظة فاصلة في الصراع القانوني والدولي المتعلق بممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، وسط انهيار إنساني غير مسبوق يهدد حياة ملايين المدنيين ويختبر فعالية النظام الدولي المعاصر.