محلل تونسي: النهضة زرعت أذرعها في الإدارات لتقويض الدولة من الداخل

محلل تونسي: النهضة زرعت أذرعها في الإدارات لتقويض الدولة من الداخل

محلل تونسي: النهضة زرعت أذرعها في الإدارات لتقويض الدولة من الداخل
جماعة الإخوان

تواصل السلطات التونسية جهودها المكثفة لتفكيك شبكات التغلغل الإخواني داخل مؤسسات الدولة، في إطار حملة تطهير واسعة تستهدف النفوذ الخفي الذي زرعته حركة النهضة – الواجهة السياسية لجماعة الإخوان في تونس– خلال العقد الماضي.

الجديد في هذه الحملة، وفق ما أعلنته مصادر أمنية وقضائية، هو انتقال التحقيقات إلى مرحلة تتبع "شبكات التمكين الإداري"، والتي زرعت كوادر محسوبة على الإخوان في مواقع استراتيجية داخل وزارات حساسة، من بينها العدل، والتعليم، والداخلية.

 وأفادت وزارة الداخلية، بأن فرق التفتيش الإدارية اكتشفت وجود ترقيات مشبوهة وتعيينات تمت في ظروف غير قانونية خلال فترة حكم النهضة، مشيرة أن هذه التعيينات ساهمت في تمكين الجماعة من التأثير على القرارات السيادية.

وفي هذا السياق، أمرت النيابة العامة بفتح تحقيقات جديدة مع مسؤولين سابقين في وزارات حيوية، يشتبه في تورطهم في تسهيل تغلغل عناصر محسوبة على الحركة داخل الإدارات العمومية، وتوفير غطاء قانوني لتحركات مشبوهة تتعارض مع مبادئ الحياد الوظيفي.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد شدد مرارًا على أن "الدولة لن تبقى رهينة لأطراف حاولت اختطافها من الداخل"، مؤكدًا أن معركة استرداد مؤسسات الدولة من براثن التمكين الإخواني تمثل أولوية وطنية.

وتأتي هذه التطورات في وقت تتعالى فيه الدعوات من قبل منظمات مدنية ونقابات مهنية لتوسيع دائرة المحاسبة، وعدم الاكتفاء بالرؤوس السياسية، بل الوصول إلى كل من ساهم في شبكة النفوذ التي خنقت الإدارة التونسية خلال السنوات الماضية.

التحركات الأخيرة، بحسب مراقبين، تعكس تصميم السلطة على تطهير مؤسسات الدولة من نفوذ حركة النهضة، وسط تأكيدات بأن الأشهر المقبلة ستشهد مزيدًا من الإقالات والإحالات على القضاء في هذا الملف.

قال المحلل السياسي التونسي د. نزار الجليدي: إن ما تكشفه السلطات التونسية اليوم من شبكات تغلغل إخواني داخل مؤسسات الدولة، يثبت أن حركة النهضة اعتمدت طيلة سنوات على سياسة "التمكين الصامت" لزرع أذرعها في مفاصل الإدارة بهدف السيطرة على القرار العمومي وتقويض الدولة من الداخل.

وأوضح الجليدي - في تصريح للعرب مباشر -: أن الحركة استغلت وجودها في السلطة بعد 2011 لإحكام قبضتها على الوزارات الحساسة عبر تعيينات انتقائية شملت إدارات العدل والتعليم والأمن، وهو ما سمح لها بتأسيس منظومة نفوذ موازية للدولة، تخدم أجندتها السياسية والأيديولوجية.

وأضاف: أن الحملة التي يقودها الرئيس قيس سعيّد حاليًا لتطهير الدولة من هذا التغلغل ليست مجرد تصفية حسابات سياسية كما تدعي بعض الأطراف، بل "محاولة متأخرة لإنقاذ الإدارة من قبضة شبكة ظلت تنخر مفاصلها لسنوات".

وأشار أن حجم الملفات المعروضة على القضاء يؤكد أن الاختراق لم يكن عرضيًا، بل "عملية منظمة ومدروسة"، لافتًا أن بعض من تم تعيينهم في مواقع إدارية حساسة ما زالوا يعرقلون الإصلاحات ويحاولون حماية مصالح الحركة حتى بعد خروجها من الحكم.

ودعا الجليدي إلى دعم هذه الإجراءات بمحاسبة شاملة، تشمل ليس فقط السياسيين، بل كل من تورط إداريًا في تمكين الجماعة من مؤسسات الدولة، مشددًا على أن "الحياد الإداري خط أحمر، وأحد أعمدة الدولة المدنية".