على الرغم من محاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لقمع المعارضة وإسكاتها واتخاذ الإجراءات التي تضمن بقاءهم بعيدًا عن السلطة، إلا أن الفيديوهات التي نشرها زعيم المافيا التركية مؤخرًا كشفت عن حجم الصراع على السلطة الذي يواجه أردوغان أمام المقربين منه في حزب العدالة والتنمية.

صراع عائلي على السلطة

وتشير التقارير التركية نفسها إلى صراع محتدم بين فصيلين من المقربين من الرئيس التركي؛ إذ يقود الفصيل الأول صهر أردوغان ووزير ماليته السابق بيرات البيرق، وهو ما يعرف بـ"عصابة البجع"، ومن بينهم قطب الإعلام والشقيق  الأكبر للبيرق، سرهات البيرق. 

ويقود الفصيل الثاني سليمان صويلو، وزير داخلية أردوغان، والذي يسعى لتعزيز تحالفه مع زعيم الحركة القومي المتطرف دولت بهجلي، وطاله النصيب الأكبر من اتهامات المافيا التركية، الأمر الذي جعل أردوغان في موقف حرج، فإذا حاول إقالة صويلو سيكون ذلك بمثابة انتصار واضح للبيرق، وهو أمر سيفضي إلى مزيد من الاحتكاك بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية اليميني.  

غضب  داخل العدالة والتنمية

أبدى 15 نائبًا من حزب العدالة والتنمية الحاكم انزعاجهم بسبب طريقة تعاطي نظام أردوغان مع الفساد الذي كشفه زعيم المافيا سادات بيكير. 

وفِي هذا الصدد قال تقرير للنسخة التركية من هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، اليوم الخميس، إن النواب الأتراك أعربوا عن انزعاجهم من طريقة التعاطي مع الجرائم ووقائع الفساد  التي يجري نشرها منذ أكثر من شهر، وإصرار  نظام أردوغان على عدم  التحقيق  بها.

وبحسب الإذاعة البريطانية طالب نواب العدالة والتنمية بالاجتماع  مع أردوغان على خلفية تلك الاتهامات التي أثارت جدلاً واسعًا، بعد رفض أردوغان التحرك في أي تحقيق ضد وزير الداخلية سليمان صويلو، الذي طالته  اتهامات زعيم المافيا سادات بيكير. 

وقال نواب العدالة والتنمية الـ 15: إنه "إذا لزم الأمر، يجب رفع الحصانة عن كل من ورد ذكرهم في تلك الفيديوهات، وبدء الإجراءات القضائية بحقهم، ويتعين على صويلو الاستقالة أيضًا وفتح تحقيق برلماني، كما ينبغي على هيئة الرقابة التابعة لرئاسة الدولة التركية، التحقيق في هذه الادعاءات".

أردوغان يخشى التحقيق 

بينما على الجانب الآخر، عمل الحزب الحاكم على إغلاق الأبواب أمام أي محاولة لإنشاء لجنة بالبرلمان التركي للتحقيق في فضائح الفساد التي كشف عنها سادات بيكير، ضد رموز الحزب والحكومة، منهم وزير الداخلية صويلو، وعضو اللجنة المركزية لحزب العدالة والتنمية متين كولونك خشية من إثبات صحة التسريبات خلال التحقيقات، اضطر أردوغان لدعم وزير داخليته صويلو، وكذلك رئيس الوزراء التركي الأسبق بن علي يلدريم، أمام مزاعم بكر، وذلك في خطاب له جاء بعد 3 أسابيع من نشر مقاطع الفيديو التى كشفت فيها المافيا تورط الحكومة في قضايا تهريب مخدرات وأسلحة واغتصاب.

وإلى جانب الجدل داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم، يواجه أردوغان فصائل المعارضة التركية، بعد أن  جاءت التسريبات بالتزامن مع مساعي الرئيس التركي لحرمان المعارضة من مباشرة حقوقهم السياسية داخل البلاد. 

حيث طالب المدعي العام في محكمة الاستئناف العليا في تركيا بمنع 451 عضوًا في حزب الشعوب الديمقراطي من مباشرة حقوقهم السياسية، بزعم دعمهم للإرهاب.

وبحسب صحيفة "سوزجو" التركية، اليوم الخميس، كشف بكر شاهين، رئيس محكمة الاستئناف العليا في تركيا، عن المذكرة الجديدة التي تضم لائحة اتهام جديدة بحق الـ451 نائبًا من صفوف المعارضة، على أن تنظر القضية خلال 15 يومًا. 

كما أشار شاهين إلى أن "لائحة الاتهام الجديدة تتكون من 850 صحيفة، وتتضمن 69 شخصًا آخر على صلة بتنظيمات إرهابية، ليصبح بذلك إجمالي من طالب بمنعهم من مباشرة حقوقهم السياسية، 451 شخصًا" من المعارضة.

وهو ما وصفته برفين بولدان رئيسة حزب الشعوب الديمقراطي المعارض، بأنه محاولة لإلهاء الشعب التركي عن الفساد الذي كشفه سادات بيكير.

وقالت بولدان: "كلما تم الكشف عن فضائح حزب العدالة والتنمية، يفكرون في إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي والأكراد بدلا من التحقيق فيها".

فساد القضاء التركي 

بدأ زعيم المافيا في كشف فساد القضاة واستغلال أردوغان القانون في قمع معارضيه من خلال سلسلة تغريدات عبر حسابه بموقع التدوينات القصيرة تويتر من بينها تغريدات استهدف فيها رئيس إحدى المحاكم، لكن سرعان ما حظرت السلطات التركية التغريدات.

ووفقا لصحيفة "سوزجو" التركية فإن السلطات حظرت  6 تغريدات نشرها سادات بيكير حول أسعد طوقلو، رئيس محكمة أنقرة الإدارية الإقليمية قائلا في واحده منها: "سأذلّك".