من هي هانا تيته المبعوثة الأممية الجديدة إلى ليبيا؟
من هي هانا تيته المبعوثة الأممية الجديدة إلى ليبيا؟

في خطوة جديدة لمعالجة الأزمة الليبية، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن تعيين الغانيّة هانا سيروا تيتيه مبعوثة خاصة ورئيسة لبعثة الأمم المتحدة في ليبيا، خلفًا للسنغالي عبدالله باتيلي الذي استقال من منصبه في أبريل الماضي.
ويُعد هذا التعيين تطورًا مهمًا، نظرًا للحساسية الكبيرة التي يتمتع بها هذا المنصب في ظل تعقيدات المشهد الليبي المستمرة منذ أكثر من عقد.
المسيرة الدبلوماسية لهانا تيتيه
تُعد هانا تيتيه الدبلوماسية العاشرة التي تشغل منصب المبعوث الأممي إلى ليبيا منذ عام 2011. شغلت منصب وزيرة الخارجية في غانا بين عامي 2013 و2017، حيث لعبت دورًا بارزًا في تعزيز العلاقات الدولية لبلادها ودعم القضايا الإفريقية على الساحة العالمية.
وفي عام 2022، تم تعيينها ممثلة خاصة للأمين العام للأمم المتحدة في منطقة القرن الإفريقي، حيث تعاملت مع تحديات سياسية وأمنية معقدة، من بينها النزاعات الداخلية والصراعات الحدودية بين دول المنطقة.
تحمل تيتيه خبرة واسعة في العمل مع المنظمات الدولية والإقليمية، ما يجعلها خيارًا قويًا لتولي قيادة البعثة الأممية في ليبيا، التي تعد واحدة من أكثر المهام الأممية تعقيدًا.
أهمية تعيين تيتيه في هذا التوقيت
يأتي تعيين تيتيه بعد فراغ استمر عدة أشهر في منصب المبعوث الأممي إلى ليبيا، وهو ما أثر على جهود التسوية السياسية في البلاد. فمنذ استقالة عبدالله باتيلي في أبريل، واجهت الأمم المتحدة صعوبة في إيجاد بديل قادر على التعامل مع التعقيدات السياسية والأمنية التي تعاني منها البلاد.
وكان باتيلي قد أشار في استقالته، أن الأمم المتحدة لم تنجح في تحقيق تقدم ملموس في العملية السياسية الليبية، متهمًا بعض الأطراف الليبية بوضع مصالحها الشخصية فوق مصلحة البلاد.
وأدى غياب القيادة الأممية إلى تعميق الخلافات بين الفرقاء الليبيين، وزيادة التدخلات الخارجية في الشأن الليبي.
ومع عودة البعثة الأممية بقيادة تيتيه، يُتوقع أن تُستأنف الجهود الدبلوماسية الهادفة إلى إعادة توحيد المؤسسات السياسية وإيجاد حل مستدام للأزمة الليبية.
التحديات التي تواجه تيتيه في ليبيا
منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في عام 2011، تعيش ليبيا حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، حيث تتنافس عدة أطراف على السلطة، وسط تدخلات دولية وإقليمية معقدة. وفي ظل هذا الواقع، تواجه تيتيه مجموعة من التحديات الكبرى، من أبرزها:
إعادة إطلاق عملية سياسية شاملة: تسعى الأمم المتحدة منذ سنوات إلى الدفع نحو تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية، لكنها تواجه عراقيل مستمرة بسبب الخلافات بين القوى السياسية، ما يجعل مهمتها صعبة.
توحيد المؤسسات الليبية: تعاني البلاد من ازدواجية في الحكم، حيث تسيطر حكومتان متنافستان، إحداهما في طرابلس مدعومة دوليًا، والأخرى في بنغازي مدعومة من الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
الحد من التدخلات الخارجية: تعد ليبيا ساحة لتنافس قوى دولية وإقليمية، حيث تدعم بعض الدول أطرافًا معينة داخل المشهد الليبي، مما يعرقل أي جهود للتسوية السياسية.
إعادة بناء الثقة بين الفرقاء الليبيين: تحتاج تيتيه إلى استعادة ثقة الأطراف الليبية في دور الأمم المتحدة، خاصة بعد الانتقادات التي طالت المنظمة بسبب فشل مبادراتها السابقة.
هل ينجح التوجه الأممي الجديد في ليبيا؟
يرى مراقبون، أن نجاح تيتيه في مهمتها سيعتمد على قدرتها في التوفيق بين الأطراف المتنازعة، وإيجاد حلول وسط ترضي الجميع، إلى جانب الدعم الدولي الذي يمكن أن تحصل عليه الأمم المتحدة في هذا الإطار.
كما أن الالتزام الليبي الداخلي سيكون عنصرًا حاسمًا، إذ لن يكون لأي جهود دولية تأثير ملموس دون إرادة حقيقية من الأطراف الليبية لحل الأزمة.
يأتي تعيين هانا تيتيه في وقت دقيق، حيث تمر ليبيا بمرحلة مفصلية قد تحدد مستقبلها السياسي. ومع سجلها الحافل في الدبلوماسية الدولية، فإنها تحمل على عاتقها مسؤولية كبيرة لإحياء مسار التسوية السياسية في البلاد، لكن نجاحها سيعتمد على مدى تجاوب الفرقاء الليبيين مع جهودها، وقدرتها على كسر الجمود السياسي الذي استمر لسنوات.