الصحافة في تركيا.. معاناة مستمرة من أردوغان للقضاة

الصحافة في تركيا.. معاناة مستمرة من أردوغان للقضاة
صورة أرشيفية

يبدو أن انتهاك الصحافة في تركيا، بات سياسة متبعة ومنهجًا عاديًّا، بعد أن رسخه الرئيس "رجب طيب أردوغان"، بقمعه لها وتكميمه للأفواه وجرائمه ضد الصحفيين، ليسير على خطاه المسؤولون التابعون له بالدولة.

قاضٍ يطالب بعقوبة لصحفيين


وفي أحدث حلقات مسلسل الانتهاكات، طالب قاضٍ تركي بعقوبة السجن لصحفيين أتراك، نشروا خبر مقتل ضابط في جهاز المخابرات التركي في ليبيا، وذلك قبل جلسة محاكمة مرتقبة.


وترجع تفاصيل الواقعة إلى أنه تم اعتقال الصحفيين، بسبب نشرهم خبرًا عن تشييع جنازة في ولاية "مانيسا" في فبراير الماضي، تعود لضابط في جهاز المخابرات قُتل في ليبيا، أثناء معارك ليبيا، وهو ما أحدث جدلاً كبيرًا في الأوساط التركية.


وقال قاضٍ تركي: إنه سيطلب عقوبة السجن لمدة تتجاوز 19 عامًا بحق عدد من الصحفيين، أبرزهم مدير التحرير لقناة Oda TV باريش بهلوان، ومراسلة Oda TV  هوليا كيلينتش، والكاتب في جريدة "يني تشاغ" مراد أغيرال.

تبرير القاضي


وأرجع القاضي تلك المطالبة، بأن الصحفيين المتحاكمين بتهم جرائم ضد أسرار الدولة ومخالفة قانون أجهزة الاستخبارات، قد نشروا أخبارًا تخص أمن الدولة لأجل مكاسب سياسية.


ومن ناحيته، علق المحامي المعروف "حسين إرسوز" في تغريدة عَبْر حسابه في "تويتر" ، على مطالبة القاضي، بقوله: "لم نتوقع من تصريح القاضي شيئًا جديدًا، وهذا ما حدث، إنه عبارة عن نص من نفس الادّعاءات، ونفس التهم المجردة صعبة الفهم"، مضيفًا أن محاكمة الصحفيين بمثل هذه القضية مثال صريح عما وصلت له معايير حرية الصحافة في البلاد.


وتابع المحامي "أن استخدام القاضي للقانون كوسيلة للحدّ من حرية الصحفيين في مثل هذه القضايا المليئة بالتهم المرمية وغير المكملة للشروط القانونية، إخلاء سبيل المتهمين هو القرار الوحيد الصائب، مضيفًا أن كل دقيقة تمر بتوقيف الصحفيين هي انحلال لحرية التعبير"، بحسب قوله.

انتهاكات ضد الصحافة بتركيا


تعتبر تركيا من أكثر دول العالم سجنًا للصحفيين، حيث احتلت المرتبة رقم 157 من بين 180 بلدًا على مؤشر منظمة صحفيين بلا حدود الخاص بحرية الصحافة في العالم لعام 2018.


وتعاني الصحافة في تركيا من أزمات شديدة خانقة، وتقييدًا لحرية الرأي والتعبير بها، لاسيما منذ الانقلاب الفاشل في 2016، لتشهد البلاد حملات ضخمة من الرئيس "رجب طيب أردوغان" لتقييد حرية الرأي والتعبير.


وسبق أن كشف تقرير حول انتهاكات الحقوق بمجال الإعلام في تركيا خلال عام 2019، عن وصول الصحفيين المعتقلين بسجون أردوغان، إلى 150 صحفيًّا، وفصل نحو 170 آخرين من أعمالهم لأسباب مختلفة، حيث فنّد التضييقات والقيود المفروضة على الصحفيين في تركيا خلال عام 2019، وأبرزها عقوبات السجن التي وقعت على العاملين بعدد من الصحف.
كما أقدمت السلطة فيها على عدة انتهاكات منها إلغاء تصاريح ما يقرب من 682 صحفيًّا في تركيا خلال الفترة من نوفمبر 2018 حتى مارس 2019.

الصحفيون في تركيا بين الاعتقال والاعتداء


وبحسب قائمة مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية، التي أعدت قائمة بالدول العشر الأولى الأعلى في عدد الصحفيين المعتقلين داخل السجون من ديسمبر 2019، ليشهد الشهر الأسبق لها حبس أربعة صحفيين في تركيا واعتقال 11 آخرين والاعتداء على صحفيين، وبلغ إجمالي أحكام السجن الصادرة ضد الصحفيين 80 عامًا، احتل رقم 2 عالميًا في اعتقال الصحفيين.


وكشف تقرير أن شهر نوفمبر 2019 شهد حبس أربعة صحفيين في تركيا واعتقال 11 آخرين والاعتداء على صحفيين، وبلغ إجمالي أحكام السجن الصادرة ضد الصحفيين 80 عامًا، وإلغاء البطاقات الصحفية الخاصة بـ685 صحفيًا، فضلاً عن اعتقال نجلة مراسل صحيفة "زمان" في أنقرة السابق والمعتقل "إبراهيم كارايايان" بحجة استخدام تطبيق بيلوك.


وتشهد الصحافة في تركيا انتهاكات ضخمة، لتكون الأسوأ فيها، بحسب تقرير مركز استوكهولم للحريات، موضحًا أنه جرى خلالها قمع ومنع وحجب وإغلاق بنسبة مرتفعة بين الصحف، موضحًا أن عدد المقالات التي حذفتها السلطات التركية من الإنترنت وصل إلى 2950 في ذلك العام، فضلاً عن حظر 77 تغريدة عَبْر موقع التدوينات القصيرة "تويتر"، و22 تدوينة و5 مقاطع فيديو بموقع "فيس بوك"، و10 مواقع إلكترونية، وأصدرت 3 أوامر بمنع البثّ، وهو ما يعني أن الانتهاكات لم تقتصر على الصحافة فقط.


وتابع أن أنقرة جاءت في المرتبة الثالثة كأكثر دولة يوجد فيها صحفيون معتقلون، وفقًا لمنظمة "صحفيون بلا حدود"، في ديسمبر 2018، فضلاً عن إعلان لجنة حماية الصحفيين، تركيا كأكثر دولة انتهكت حرية الصحافة أيضًا، في الشهر نفسه، مشيرًا إلى الحكم  القضائي التركي بتغريم وحبس الصحفية بلين أونكر، بسبب نشرها لتقارير تعود إلى "وثائق بنما" التي كشفت امتلاك نجلي رئيس الوزراء السابق ورئيس البرلمان حاليًا، بن علي يلدرم، شركات خارج حدود تركيا بهدف التهرب الضريبي.

إغلاق مكاتب ومحاكمات


ارتفعت حدة الانتهاكات التركية للصحافة، منذ محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، حيث سارع أردوغان بتكميم الأفواه وقطع الأقلام التي تكتب ضده تمامًا، حيث تم إغلاق مكاتب 5 وكالات أنباء و62 صحيفة و19 مجلة و34 إذاعة راديو و29 قناة تلفزيونية و29 بيت نشر وتوزيع، وإلغاء 620 بطاقة صحفية.


وفي الوقت نفسه، جرت محاكمة 521 صحفيا خلال العام الماضي، وصدور أحكام قضائية بإجمالي 547 عامًا بحق 112 صحفيًا، واعتقال 141 صحفيًا، وحبس 64 صحفيًا، بجانب رفع دعاوى قضائية بحق 71 صحفيًا، بينما لا يزال 171 صحفيًا آخرون داخل السجون بالوقت الحالي.


وفي أغسطس 2018، تم اعتقال 15 صحفيًا كانوا يتابعون فعاليات المعارضة المجتمعية، فضلاً عن عرقلة الصحفيين عدة مرات، كما تم حظر المتابعة الخبرية للصحفيين في "فان" و"ماردين" و"ديار بكر" و"إسطنبول" ومنح المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون صلاحية فرض الرقابة على القنوات وإذاعات الراديو التي تبثّ عَبْر الإنترنت.


بينما تعجّ السجون التركية بالصحفيين، حيث يوجد بها ما لا يقل عن 4 آلاف صحفي، فضلاً عن مداهمة منازلهم، والاعتداء بالضرب على صحفيين، وبالأسلحة النارية على صحفي، واستقالة صحفي من وظيفته بسبب الضغوط.