بين نار كورونا والإرهاب.. الأزمات تحاصر الشعب العراقي في رمضان
رغم قدوم شهر رمضان الكريم الذي تحتفي به جميع الدول العربية والإسلامية، والمسلمون بمختلف دول العالم في أجواء من الترحاب البالغة بعد انتظار 11 شهرا، إلا أن الأمر مختلف تماما بالعراق، حيث تفتك أزمات عديدة بأفراد الشعب بين التمزق والتشرذم والأطماع الإيرانية والتهديدات الإرهابية لتنظيم داعش، وحتى انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19".
كورونا ومحدودو الدخل
تفشى فيروس كورونا بشكل متفاقم في العراق، التي لا تمتلك جهازا صحيا قادرا على احتواء الأمر، لتسجل ٢.٣٤٦ حالة مصابة بـ"كوفيد 19"، و98 حالة وفاة، بعد تسجيل 50 إصابة جديدة بالفيروس أمس.
وجراء تلك الزيادة وعدم القدرة على احتواء الأمر، قررت اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية في العراق، تطبيق نظام الزوجي والفردي لحركة المركبات في الشوارع للحد من انتشار كورونا، وتمديد حظر التجوال الوقائي والتباعد الاجتماعي في العراق جراء الجائحة، بينما تبحث سبل إعادة العالقين بالخارج.
أضرت تلك الأوضاع بشدةـ أصحاب الدخل المحدود والفقراء لأنهم فقدوا أعمالهم التي يعيشون عليها بشكل يومي، فهم لا يملكون المال الكافي لاستكمال حياتهم، ما أدى لارتفاع نسبة الفقر بالبلاد، لذلك أعلنت وزارة التجارة العراقية حاجتها لمزيد من المال من أجل تكوين احتياطي استراتيجي من القمح والأرز يكفي لثلاثة أشهر لمواجهة أزمة كورونا.
كما قررت الحكومة صرف منحة طوارئ لكل فرد لا يملك أي مرتب مالي، بمبلغ لا يتجاوز 30 ألف دينار، وهو ما أثار سخرية البعض وسخطهم وبدد آمالهم، كونه مبلغا لا يكفي حاجة أسرة بسيطة، ولا تسد حاجة الملايين من العراقيين أصحاب الدخل المحدود، والذين حُرموا من مزاولة أعمالهم، وهو ما تسبب في أن تسود أجواء حزينة بينهم في رمضان وعدم قدرتهم على اقتناء مستلزمات الشهر الكريم.
داعش والإرهاب
ورغم أيضا الروحانيات برمضان، وإعلان تنظيم داعش الإرهابي وقف عملياته بسبب أزمة كورونا، إلا أنه كعادته يتبع الكذب والنفاق طوال الوقت، لذلك نفذ انتحاري هجوما أمام مبنى المخابرات في مدينة كركوك شمالي العراق، متجاهلا صيحات رجال الأمن للتوقف، ثم فجر نفسه، ما أدى إلى إصابة ثلاثة من أفراد الأمن في الأسبوع الأول من شهر رمضان.
وبعد أيام قليلة من ذلك، قتل هجوم ثلاثي منسق 10 من مسلحي الحشد الشعبي في محافظة صلاح الدين شمالي البلاد، وهي العملية الأكثر دموية وتعقيدا منذ عدة أشهر، وأيضا خلال العشر أيام الأولى من رمضان.
كما استغل المسلحون والميليشيات الإرهابية في العراق الثغرات الأمنية خلال وقت النزاع الإقليمي المستمر، وخفض عدد القوات الأميركية، حيث قال قوباد طالباني، نائب رئيس الوزراء في إقليم كردستان العراق، إن: "هذا تهديد حقيقي، إنهم يحشدوننا ويقتلوننا في الشمال، وسيبدؤون في ضرب بغداد قريبا"، مضيفا أن التنظيم يستفيد من "الفجوة" بين القوات الكردية، والقوات المسلحة الفيدرالية بسبب الاقتتال السياسي.
ويبلغ عدد مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي في العراق حوالي ما بين 2500 و3000 مسلح، بحسب ما ذكرت وكالة "أسوشييتد برس".
أين الحكومة؟
وبين تلك الأزمات العديدة التي يشهدها الشعب الذي يروح ضحية تلك الأحداث والإرهاب، مازالت الحكومة تجتهد من أجل التأسيس، حيث إنه منذ تكليف الرئيس العراقي برهم صالح لمصطفى الكاظمي، في أبريل الماضي، بتشكيل الحكومة، كثالث شخصية تكلف بهذه المهمة في عشرة أسابيع فقط، وقبل ساعات انتشرت أخبار عديدة بأنه يوجد مقترح لتأجيل التصويت على أربع وزارات مختلف عليها حتى الآن، والذي يتضمن تقديم الوزراء الأربعة ويتم إسقاطهم بالتصويت أو عدم تقديمهم كونه لم يتم الاتفاق على الصيغة النهائية حتى الآن.
بينما يسعى تيار معارض لاستغلال الساعات القادمة بنشر الشائعات للتأثير، من بينها الرسالة المزورة للسفير الأميركي المتعلقة بالشأن الداخلي العراقي من قبل هذه الجهات التي تهدف لإبقاء الوضع على ما هو عليه، حيث إن السفارة الأميركية في بغداد أرسلت رسالة توبيخ لهذه الجهات بسبب زج اسم سفيرها بذلك الوقت الهام بالبلاد.
وعلى إثر ذلك، نظم عدد من المواطنين مظاهرات قوية في محافظة واسط العراقية مساء الأحد الماضي، من أجل إعلان رفضهم لمواقف القوى السياسية المعرقلة لتشكيل الحكومة الجديدة، ورفعوا شعارات منددة بتلك القوى، بينما يستعدون لغزوة أخرى في المنطقة الخضراء ببغداد.
كما دعت عدة تنسيقيات للحراك الشعبي في العراق، للجماهير بالاستعداد لمظاهرة مليونية في 10 مايو الجاري.