لبنانيون يُخزِّنون أسلحتهم .. هل تُزجّ بيروت إلى "الحرب الأهلية"؟
عام مر على الاحتجاجات في لبنان والتي انطلقت ضد الطبقة الحاكمة الفاسدة في البلاد، وعوضًا عن التخلص من تلك الطبقة السياسية المتوغلة في البلاد، بات هناك حالة من الاقتتال الطائفي بينهم، وصراع نفوذ بينهم على تقاسم الحكم بينهم، متجاهلين أن المطالب الأساسية للشعب اللبناني هي التخلص منهم تحت شعار "كلن يعني كلن"، هذا الاقتتال على السلطة لم يخلف إلا نذير حرب أهلية وشيكة للمرة الثانية في لبنان.
عودة المخاوف من الحرب الأهلية
عاد الحديث عن الحرب الأهلية في لبنان إلى الواجهة من جديد، وقد ورد ذلك على لسان رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري، مبديا تخوفاته من احتمالات حصول مثل هذه الحرب ، لاسيما وأنه تحدث في هذا الإطار وبشكل مركز على وجود عراضات مسلحة في منطقة الأشرفية "الشمال"، فضلاً عن مناطق أخرى تكاد تشمل كل لبنان، كما تحدث عما تسببه من إشكالات وعمليات قتل وصدامات تهدد السلم الأهلي.
وتكررت التحذيرات من نشوب مثل هذه الحرب، وكان أخطرها ما ورد على لسان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد وزير خارجيته جان إيف لودريان، ما أضفى على الحديث عن احتمالات العودة إلى سيناريو العام 1975 أكثر من بُعد جدي خصوصًا في ظل احتدام الأوضاع في أكثر من بلد في المنطقة وغرق أكثر من دولة في وحول حروب داخلية بتدخلات خارجية سافرة.
تفجيرات مرفأ بيروت تتشابه مع حادث "عين الرمانة"
أسفرت الصدمة الناتجة عن انفجار بيروت الهائل، الذي وقع أغسطس الماضي، عن عشرات القتلى وآلاف المصابين، مصحوبة بحديث متزايد عن أنه بات حادثًا مفصليًا في مستقبل لبنان، مع الإشارة إلى كونه شبيهًا بحادث عين الرمانة أو بوستة الرمانة، الذي كان بمثابة تدشين للحرب الأهلية التي دامت أكثر من 15 عامًا في لبنان.
واستعاد كثير من اللبنانيين حادثة عين الرمانة، التي وقعت منذ أكثر من 45 عامًا، لإشارة إلى كون انفجار بيروت هذه المرة قد يؤدي إلى انفجار الشارع اللبناني في وجه حزب الله، لتدخل هذه الدولة التي لا تزيد مساحتها عن 10 آلاف و452 كيلومترًا مربعًا، بينما يبلغ تعداد السكان أقل من 7 ملايين نسمة، في حرب أهلية جديدة.
وقعت حادثة عين الرمانة في 13 إبريل 1975، حيث تعرض الشيخ بيار الجميل زعيم حزب الكتائب إلى إطلاق نار عند خروجه من كنيسة في ضاحية عين الرمانة، وأدّى الحادث إلى مقتل مرافقه جوزيف أبوعاصي.
وتوجهت أصابع الاتهام حينذاك إلى الفلسطينيين، وفي نفس اليوم وفي المنطقة ذاتها قام مسلحون ينتمون لحزب الكتائب باعتراض طريق حافلة متوجهة إلى مخيم "تل الزعتر" تحمل أعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية، وأطلقوا النار على الحافلة فقتلوا 27 من بين 30 راكبًا.
وتسبب ذلك في اندلاع معارك شرسة في نفس الليلة بين الفلسطينيين واليمين المسيحي، فيما حملت الحركة الوطنية اللبنانية، التي يقودها كمال جنبلاط، حزب الكتائب مسؤولية الحادثة، وما لبثت أن انضمت للفلسطينيين. وتوسع القتال ليشمل مناطق أخرى من لبنان، لتدخل البلاد في دوامة صراعات وحرب أهلية أتت على الأخضر واليابس.
لبنانيون: نستعد للحرب الأهلية والمجاعة
يقول أحمد حسن، شاب لبناني من طرابلس، إن الشعب يتهيأ إلى نشوب الحرب الأهلية في أي وقت، لافتا أن بمتابعة الصراعات القائمة بين رجال السلطة حول تشكيل الحكومة وتقسيم كعكة الحكم فإن ذلك يزيد من احتمالات أن تسقط لبنان مجددًا في بئر الحروب الأهلية.
وأضاف حسن، لـ"العرب مباشر": "لبنان يملك كافة الوسائل للحرب الأهلية، لا توجد حكومة، ولا توجد شروط للدعوة إلى انتخابات، والاحتجاجات مستمرة، وهناك إفلاس للاقتصاد، ولا توجد استثمارات وهناك حالة عدم يقين رهيبة".
من جانبها تقول منال بدر الدين، من النبطية، إن الشماليين والجنوبيين وحتى في الضيعات الجميع حوّل منازله مخازن للسلاح، بعد عمليات الاغتيالات التي نُهدَّد بها من كل طائفة، معتبرة أن الدولة اللبنانية غارقة في أطماعها وتاركة المواطنين فريسة للثنائي الشيعة وجميع الأحزاب المسلحة.
وأردفت بدر الدين لـ"العرب مباشر": "بدلاً من البحث عن تأمين حاجتنا الغذائية والبحث عن خروج من أزمتنا وتجويعنا، هم فقط يبحثون عن الحكم".
فيما قال ناشط لبناني على مراد: "لم تتوقف حالة عدم الاستقرار التي شهدتها لبنان منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005، وهذه النقطة تشكل نقطة تحول حيث لم يعد لبنان يتعافى، وأعطت حكومة الحريري لبنان بعض الاستقرار ووعدت بالعديد من الإصلاحات التي لا يزال الحديث عنها".
وأكد أن "المشكلة التي يعاني منها لبنان هي أن نظامه السياسي متعدد الأحزاب يحكمه إطار طائفي عميق للغاية، وليس السياسة نفسها، والأحزاب في لبنان تضع الدين أولاً، لذا، فإن إمكانية الإصلاح السياسي الذي يحقق توافقًا في الآراء لتحسين الاقتصاد والوضع السياسي لجعل البلاد أكثر قابلية للحكم، أرى أنها معقدة للغاية.