ترامب يهدد وحماس ترد.. هل تنهار هدنة غزة؟

ترامب يهدد وحماس ترد.. هل تنهار هدنة غزة؟

ترامب يهدد وحماس ترد.. هل تنهار هدنة غزة؟
حركة حماس

تواجه هدنة غزة اختبارًا مصيريًا بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي هدد فيها حركة حماس بـ"الجحيم" ما لم تفرج عن جميع الرهائن الإسرائيليين بحلول يوم السبت، هذا الموقف المفاجئ يأتي في وقت تتزايد فيه التعقيدات السياسية والدبلوماسية، حيث تتهم حماس إسرائيل بعدم الالتزام ببنود الاتفاق، بينما يطالب الأمين العام للأمم المتحدة بتجنب انهيار الهدنة بأي ثمن.


 من جهتها، تستعد حكومة بنيامين نتنياهو لكل السيناريوهات المحتملة، بما في ذلك التصعيد العسكري، ما يضع المنطقة على حافة مرحلة جديدة من عدم الاستقرار. وفي ظل هذه التوترات، تبرز أسئلة جوهرية حول مستقبل وقف إطلاق النار، ومدى قدرة الوسطاء الدوليين على إنقاذ الاتفاق من الانهيار الوشيك، فهل تكون الأيام المقبلة بداية لانفراجة دبلوماسية أم أنها ستعيد غزة إلى أتون الحرب؟ 

*مخاوف من انهيار الهدنة*


أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عاصفة سياسية جديدة بعد تصريحاته النارية خلال مؤتمر صحفي عقده في البيت الأبيض، حيث وجه تهديدًا مباشرًا لحركة حماس، مطالبًا إياها بالإفراج الفوري عن جميع الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لديها دفعة واحدة بحلول ظهر السبت المقبل.

وحذّر ترامب من أنه في حال عدم تنفيذ هذا الشرط، فإن إسرائيل يجب أن تتخذ "إجراءات حاسمة"، تشمل إلغاء اتفاق وقف إطلاق النار واستئناف عملياتها العسكرية في قطاع غزة دون قيود.

ولم يكتفِ ترامب بذلك، بل صعّد من لهجته قائلاً: إن "أبواب الجحيم ستفتح" إذا لم يتم الامتثال لمطلبه، في إشارة إلى إمكانية اتخاذ الولايات المتحدة خطوات إضافية ضد الحركة، دون أن يوضح طبيعة هذه الإجراءات؛ مما أثار تكهنات حول فرض عقوبات جديدة أو حتى دعم عمليات عسكرية إسرائيلية موسعة.

من جهتها، رفضت حماس هذه التهديدات بشدة، معتبرةً أنها لا تحمل أي وزن سياسي أو عملي، بل تزيد من تعقيد المشهد المتأزم بالفعل. 

وقال القيادي في الحركة، سامي أبو زهري: إن لغة الإنذارات والتهديدات لن تؤدي إلا إلى تعقيد الوضع الميداني والسياسي، مضيفًا أن اتفاق وقف إطلاق النار هو التزام متبادل يجب أن يحترمه الطرفان، وليس وسيلة للضغط أو الابتزاز السياسي.

وأكد أن أي محاولة لفرض شروط جديدة من جانب واحد ستعيد الأمور إلى نقطة الصفر، ما قد يجهض الجهود الدولية التي بُذلت لإنجاح الهدنة.


*نداء أممي*


وفي ظل هذا التوتر المتصاعد، دخلت الأمم المتحدة على خط الأزمة، حيث وجه الأمين العام أنطونيو غوتيريش نداءً عاجلًا إلى حماس، حثها فيه على الالتزام بمواصلة تنفيذ الاتفاق، مشددًا على أن انهيار الهدنة سيكون له "تداعيات كارثية" على سكان قطاع غزة.

وحذر غوتيريش، من أن استئناف القتال سيؤدي إلى مأساة إنسانية جديدة، خاصة في ظل الوضع المأساوي الذي تعيشه غزة حاليًا، حيث تفتقر المستشفيات إلى المعدات الطبية، ويعاني السكان من نقص حاد في المواد الأساسية بفعل الحصار المفروض على القطاع. 

ويرى مراقبون، أن في ظل تصاعد الضغوط السياسية والدبلوماسية، يبقى مستقبل الهدنة معلقًا بين التهديدات الأمريكية، وموقف حماس الرافض للتنازل، والجهود الدولية المستمرة للحفاظ على وقف إطلاق النار، وسط مخاوف متزايدة من اندلاع موجة عنف جديدة قد تعيد القطاع إلى مربع الصراع المفتوح.

*هدنة هشة واتفاق مهدد بالانهيار*

تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بعد أكثر من 15 شهرًا من الحرب، بوساطة مصرية قطرية أمريكية، ودخل حيز التنفيذ في 19 يناير، وفقًا للاتفاق، تتوقف العمليات القتالية مقابل الإفراج عن رهائن إسرائيليين مقابل معتقلين فلسطينيين، إلى جانب إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة.

إلا أن حماس اتهمت إسرائيل بعدم الالتزام بالبنود، وأعلنت تعليق أي عمليات تبادل جديدة "حتى إشعار آخر"، مشيرةً أن تل أبيب تماطل في تنفيذ تعهداتها.

في المقابل، ترى إسرائيل أن حماس تحاول كسب الوقت وتعزيز موقفها التفاوضي قبل المرحلة التالية من الاتفاق، والتي من المفترض أن تؤدي إلى وقف نهائي للأعمال القتالية.

حتى الآن، تم الإفراج عن 16 رهينة إسرائيليًا ضمن الاتفاق، بالإضافة إلى خمسة تايلانديين خارج إطار المفاوضات، مقابل إطلاق إسرائيل سراح 765 معتقلًا فلسطينيًا. 


ومع ذلك، ما يزال 73 رهينة في قبضة حماس، بينهم 35 يُعتقد أنهم لقوا حتفهم. 

*سيناريوهات المستقبل*


من جانبه، يقول د. محمد المنجي أستاذ العلوم السياسية: إن التصعيد الأمريكي الأخير يطرح عدة سيناريوهات لمستقبل الهدنة، فمن جهة، قد يضغط ترامب على إسرائيل لإنهاء الاتفاق واستئناف العمليات العسكرية، وهو ما قد يؤدي إلى موجة عنف جديدة في غزة، خاصة مع استعداد الجيش الإسرائيلي لـ"جميع السيناريوهات".

وأضاف في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن من جهة أخرى يسعى الوسطاء، خاصة مصر وقطر إلى احتواء الأزمة عبر تقديم ضمانات إضافية للطرفين لاستمرار الاتفاق، مضيفًا أن العقبة الحقيقية تتمثل في مواصلة نتنياهو تعزيز موقفه السياسي مستغلًا الأزمة الحالية، موضحًا أن التطورات الأخيرة تُعقد جهود السلام، وسط رفض دولي لأي محاولات لفرض تهجير الفلسطينيين من غزة، وهو ما تدعمه القاهرة والدوحة والعالم أجمع بقوة.