عودة تنظيم داعش إلى سوريا في ظل الأوضاع الملتهبة في المنطقة

عودة تنظيم داعش إلى سوريا في ظل الأوضاع الملتهبة في المنطقة

عودة تنظيم داعش إلى سوريا في ظل الأوضاع الملتهبة في المنطقة
تنظيم داعش الإرهابي

في قلب الأحداث المتقلبة التي تشهدها سوريا، تتجدد المخاوف بشأن عودة تنظيم "داعش" إلى الساحة السورية بشكل أكبر، ما يعكس تهديدًا متزايدًا على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.

في حديثه الأخير أمام مجلس الأمن، حذر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، فلاديمير فورونكوف، من قدرة التنظيم الإرهابي على التكيف مع الظروف المتغيرة ومواصلة عملياته رغم جهود مكافحة الإرهاب المستمرة من قبل الدول الأعضاء والشركاء الدوليين.

داعش..  تهديد مستمر في سوريا والمنطقة


أشار فورونكوف، أن الوضع الأمني في سوريا ما يزال غير مستقر، حيث تشكل منطقة البادية السورية مركزًا حيويًا لأنشطة داعش، ما يزيد من خطورة الوضع في المنطقة.

ولفت المسؤول الأممي، أن المخاوف تزداد بسبب إمكانية وقوع مخزونات الأسلحة المتقدمة في أيدي الإرهابيين؛ مما يعزز قدرتهم على تنفيذ عمليات إرهابية خارج حدود المنطقة.

وأضاف فورونكوف: أن العديد من المعسكرات ومراكز الاحتجاز التي تحتوي على أكثر من 42,000 محتجز، منهم أفراد مرتبطون بتنظيم داعش، ما زالت تشكل بؤر خطر.

في وقت انخفضت فيه وتيرة إعادة هؤلاء الأشخاص إلى بلدانهم، مما يزيد من تعقيد الوضع.

التهديد العالمي.. داعش في أفغانستان وأفريقيا

التقرير لم يقتصر على الوضع في سوريا، حيث كشف فورونكوف عن تمدد تهديدات داعش في مناطق أخرى مثل أفغانستان وأفريقيا.

في أفغانستان، يواصل تنظيم "داعش-خراسان" نشاطه الإرهابي ويشكل تهديدًا كبيرًا للأمن الإقليمي والدولي. أما في أفريقيا، فقد أكد فورونكوف، أن التنظيمات التابعة لداعش في مناطق مثل غرب أفريقيا والساحل الأفريقي قد كثفت هجماتها؛ ما يعكس تنامي التهديدات الإرهابية في هذه المناطق.

وفي شرق أفريقيا، كان لداعش حضور قوي في الصومال، حيث نجح في تجنيد مقاتلين إرهابيين أجانب، وهو ما يفاقم من حدة التوتر في المنطقة، أما في جمهورية الكونغو الديمقراطية، فقد استمرت جماعة القوات الديمقراطية المتحالفة في تنفيذ عمليات إرهابية رغم الجهود العسكرية الدولية.



الأمم المتحدة.. الدعوة للتعاون الدولي

في إطار الاستجابة للتحديات التي يطرحها تنظيم داعش، شددت الأمم المتحدة على أهمية التعاون الدولي لمكافحة هذه الظاهرة، فقد أعطت الأولوية لتعزيز قدرات الدول الأفريقية في مواجهة الإرهاب، خاصة في المناطق التي أصبحت معقلًا للجماعات الإرهابية.

وأكد فورونكوف، أن الأمم المتحدة تواصل دعم الدول الأعضاء في جهودهم لمقاضاة ومعالجة الأفراد المرتبطين بالإرهاب، بالإضافة إلى مساعيها في تأهيل وإعادة إدماج هؤلاء الأفراد في المجتمع.

كما أكدت ناتاليا غيرمان، مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة، في إحاطتها أمام المجلس على أهمية تبني نهج وقائي في مكافحة الإرهاب، مشيرة إلى ضرورة احترام حقوق الإنسان وتعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة تهديدات داعش بشكل فعال.

من جانب آخر، يبقى الوضع الإنساني في شمال شرق سوريا على حاله، حيث يعاني أكثر من 40,000 شخص من ظروف معيشية قاسية في معسكرات ومرافق الاحتجاز، وهو ما يتطلب استجابة عاجلة لتحسين أوضاعهم.

وقد أشارت غيرمان إلى أهمية تنفيذ مبادرات إنسانية تهدف إلى إعادة إدماج الأفراد النازحين وإعادة تأهيل السجناء.

ويقول الباحث السياسي المختتص في شؤون الإرهاب طارق البشبيشي: إن عودة تنظيم داعش إلى الواجهة في سوريا تمثل تهديدًا متجدّدًا يعكس حقيقة أن القضاء على هذه الجماعات الإرهابية ليس مهمة قصيرة الأمد، بل معركة طويلة الأمد.

 والتنظيم، رغم الضغوط العسكرية والجهود الأمنية التي استهدفته، استطاع التكيف مع الأوضاع المتغيرة في المنطقة، وها هو يعيد تموضعه في البادية السورية ويعيد استغلال الفوضى المستمرة لصالحه، ولا ننسى أن البيئة الحاضنة لهذه الجماعات، مع وجود مناطق خارجة عن سيطرة الحكومة المركزية، قد تكون أحد العوامل الرئيسية في عودة نشاطه.

وأضاف البشبيشي -في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، أن ما نراه اليوم في سوريا هو استمرارية في التغذية على الصراعات المحلية والدولية المستمرة في المنطقة، هذه البيئة توفر المساحة والموارد التي تمكن التنظيم من الاستمرار في عملياته رغم الانهيارات المتتالية التي عاناها في السنوات الماضية.


ومن الواضح أن التنظيم يستغل الفجوات الأمنية في مناطق تسيطر عليها أطراف متعددة مثل الأكراد والنظام السوري والمعارضة المسلحة؛ مما يعزز قدرته على استعادة قوته.