غضب في غزة.. حماس في أزمة والخصوم يصبّون الزيت على النار.. ما التفاصيل؟
غضب في غزة.. حماس في أزمة والخصوم يصبّون الزيت على النار.. ما التفاصيل؟

تشهد غزة تصاعدًا غير مسبوق في وتيرة الاحتجاجات الشعبية، في مشهد يعكس عمق الإحباط والغضب المتراكم لدى سكان القطاع الذين يعيشون تحت وطأة حصار مطبق، وأزمات اقتصادية خانقة، وصراعات سياسية متشابكة، هذه الموجة من الغضب لا تستهدف الاحتلال الإسرائيلي فحسب، بل تتجه مباشرة إلى داخل البيت الفلسطيني، حيث تواجه حركة حماس تحديًا داخليًا غير معتاد، عنوانه رفض الشارع وتململ داخلي في صفوف القاعدة الشعبية. في الوقت ذاته، تستغل حركة فتح هذا الانقسام لتكثيف هجومها السياسي والإعلامي، في حين تجد إسرائيل فرصة سانحة لتوسيع نفوذها واستثمار حالة الانقسام لصالح أجنداتها الأمنية والعسكرية، وبين مطرقة الاحتجاجات وسندان الخصوم، تجد حماس نفسها أمام مفترق طرق حاسم، حيث لم يعد بإمكانها الاعتماد فقط على شعارات المقاومة، بل أصبحت مطالبة بخيارات صعبة قد تعيد رسم خارطة الحكم في غزة من جديد.
الشارع ينفجر.. أزمة حكم أم رفض شعبي؟
لم تعد مشاهد الغضب الشعبي في غزة حدثًا عابرًا، بل تحولت إلى تعبير صريح عن أزمة حكم مركبة، تعاني منها حركة حماس التي تدير القطاع منذ أكثر من 17 عامًا.
ففي شوارع خان يونس ورفح وجباليا، خرجت مجموعات من الشباب الغاضب وهم يهتفون بشعارات تطالب بتغيير حقيقي، متجاوزين الخطوط الحمراء التي كانت تردع الانتقاد العلني للحركة في السابق.
هذا الحراك لا يأتي في فراغ، فالأوضاع الاقتصادية والإنسانية بلغت حدًا لا يُطاق، حيث البطالة تجاوزت 80%، وسكان يعتمدون بنسبة تفوق 80% على المساعدات الإنسانية، في ظل غياب أفق سياسي أو اقتصادي.
وتحول هذا الغضب إلى مشهد متكرر على وسائل التواصل الاجتماعي، مع تداول لافتات وشهادات مصورة تفضح تراجع الخدمات الأساسية واتساع الهوة بين القيادة وسكان القطاع.
فتح تهاجم.. ومشهد الانقسام يتعمّق
تزامن هذا الحراك الشعبي مع حملة سياسية منظمة تقودها حركة فتح، تستهدف تحميل حماس كامل المسؤولية عن تدهور الأوضاع.
في بيانات وتصريحات شبه يومية، تصف قيادة فتح حماس بأنها "عقبة أمام الحلول الوطنية"، وتتهمها بـ"احتكار القرار الفلسطيني".
يأتي ذلك ضمن سياق تنافسي داخلي محتدم، حيث تسعى فتح لتقديم نفسها كبديل قادر على إخراج غزة من أزماتها، رغم أن تجارب السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية لا تخلو من انتقادات مشابهة.
إلا أن الصراع بين الحركتين يعيد تسليط الضوء على فشل مسار المصالحة المتعثر منذ سنوات، مع استمرار الانقسام الذي بات يهدد المشروع الوطني برمته.
إسرائيل تدخل على الخط: الفرصة الذهبية للضغط
الاحتجاجات الداخلية في غزة لم تمر دون أن تلفت انتباه إسرائيل، التي سارعت إلى استغلال الانقسام الفلسطيني كأداة استراتيجية في معركتها ضد حماس.
التصريحات الصادرة عن مسؤولين إسرائيليين كشفت عن رغبة ضمنية في بقاء غزة غارقة في أزماتها الداخلية، حيث تسود قناعة بأن تفاقم الاحتجاجات قد يؤدي إلى تآكل شرعية حماس، دون الحاجة إلى تدخل عسكري واسع.
لكن هذا الرهان الإسرائيلي يحمل في طياته مخاطر، بحسب الدكتور محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية، الذي يرى أن أي ضغط إسرائيلي إضافي قد يؤدي إلى نتائج عكسية، منها تعزيز خطاب المقاومة وتوحد الفلسطينيين في وجه الاحتلال.
ويشير المنجي في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن "استمرار القصف والاغلاقات يعزز القناعة بأن إسرائيل تستهدف المدنيين أيضًا؛ مما قد يقلّص من زخم الحراك الداخلي ضد حماس".
حماس أمام امتحان الوجود: القمع أم الانفتاح؟
في ظل هذه الضغوط المركبة، تقف حماس أمام مفترق طرق حاسم، إما أن تلجأ إلى أدوات القمع لاحتواء الاحتجاجات كما حدث في سنوات سابقة، أو أن تفتح الباب أمام تسوية سياسية قد تضعف قبضتها على الحكم.
الخيار الأول قد يوفر حلاً مؤقتًا، لكنه يحمل مخاطر الانفجار الشعبي الواسع، في حال تجاوزت المواجهة حدود السيطرة الأمنية.
أما السيناريو الثاني، أي الانفتاح على شراكة وطنية، فقد يُنظر إليه كمؤشر على وعي سياسي جديد، لكنه يحتاج إلى قرار داخلي شجاع من قيادة حماس، لا سيما في ظل المعارضة التي تبديها التيارات المتشددة داخل الحركة.
ويعتقد المراقبون، أن تشكيل حكومة وحدة وطنية قد يكون مخرجًا معقولًا، لكن بشرط توافر ضمانات حقيقية بعدم تكرار تجارب الفشل السابقة.
سموتريش يضغط عسكريًا: غزة أرض مستباحة
في خضم هذا المشهد، لم يتأخر وزير المالية الإسرائيلي المتشدد بتسلئيل سموتريش في استثمار الأوضاع، حيث دعا مجددًا إلى احتلال غزة وفرض حكم عسكري دائم فيها، معتبرًا أن ذلك هو "السبيل الوحيد لإعادة الرهائن وضمان أمن إسرائيل"، وفق تعبيره.
تصريحات سموتريش، التي تأتي بالتزامن مع تصعيد العمليات البرية في القطاع، تكشف عن تيار داخل الحكومة الإسرائيلية يسعى لإعادة فرض السيطرة الكاملة على غزة، دون أي نية للبحث عن حل سياسي.