صرخة التظاهرات تهز الشوارع الأمريكية: لا ملوك هنا.. ولا مكان للطغيان

صرخة التظاهرات تهز الشوارع الأمريكية: لا ملوك هنا.. ولا مكان للطغيان

صرخة التظاهرات تهز الشوارع الأمريكية:  لا ملوك هنا.. ولا مكان للطغيان
مظاهرات أميركا

في مشهد يعكس اتساع الهوة بين الشارع الأمريكي والإدارة الجمهورية، تَحولت ميادين نيويورك وواشنطن ومدن كبرى أخرى إلى مسارح صاخبة للاحتجاج والرفض، هذه ليست مظاهرة عابرة أو صرخة موسمية، بل هي موجة تصاعدية من الغضب الشعبي الذي بات يفيض من شوارع المدن الكبرى إلى سواحل كاليفورنيا الجنوبية، متحديًا سياسات الرئيس دونالد ترامب ومناهضًا لما اعتبره المحتجون "اعتداءً على الدستور والقيم الديمقراطية"، بين لافتات "لنقاوم الطغيان" وصور للرئيس وقد شُبه بهتلر.

عبّر الأمريكيون عن رفضهم لما وصفوه بتقويض سيادة القانون وتغذية خطاب الكراهية ضد المهاجرين، هذه الاحتجاجات، التي تحمل طابعًا رمزيًا وتاريخيًا، تُذكّر بأزمنة شهدت صعود الفاشية، لكن بصيغة أميركية جديدة تتجدد على وقع الغضب الشعبي والاحتقان السياسي، وبينما تصر السلطات على التقليل من حجم الغليان، تؤكد مشاهد التظاهر الواسع أن الانقسام بات أعمق مما تُظهره استطلاعات الرأي.

*مظاهرات حاشدة*


في وقت تتزايد فيه المؤشرات على اتساع الهوة بين إدارة ترامب وجزء كبير من المجتمع المدني الأمريكي، خرج آلاف المواطنين في مظاهرات حاشدة جابت عدة مدن، من نيويورك وواشنطن وحتى غالفستون وتكساس وسان فرانسيسكو، رافعين شعارات تندد بما وصفوه بـ"الانحراف السلطوي" و"تفكيك الديمقراطية من الداخل". 
 
المتظاهرون الذين تنوعت أعمارهم وخلفياتهم، لم يكتفوا برفع اللافتات، بل أضفوا على احتجاجاتهم رمزية قوية عبر هتافات تستدعي الذاكرة السياسية الأمريكية، مثل "لا ملك في أمريكا" و"المهاجرون مرحب بهم هنا"، بينما اختار البعض تشبيه ترامب بأيقونات الاستبداد في التاريخ، مستحضرين صورًا لهتلر على اللافتات، في إشارة إلى مخاوفهم من تحوّل الولايات المتحدة إلى دولة استبدادية تحت غطاء ديمقراطي هش.  

*الأعداء الأجانب*


كاثي فالي، البالغة من العمر 73 عامًا وابنة ناجين من المحرقة، وفقًا لـ"فرانس برس"، كانت من بين أبرز الأصوات التي نقلت المخاوف الشعبية إلى بعدٍ أعمق، حين قارنت بين ما تشهده أمريكا الآن وصعود النازية في ثلاثينيات القرن الماضي.

تلك المقارنة ليست جديدة في الخطاب المناهض لترامب، لكنها بدت أكثر حضورًا في ظل تفاقم السياسات التي تطال المهاجرين والجاليات المهمشة.

سياسات ترامب، ولا سيما المتعلقة بالهجرة، كانت في قلب الاحتجاجات، فقد ندد المتظاهرون بمحاولات الإدارة تفعيل قانون "الأعداء الأجانب" العائد لعام 1798، وهو قانون استخدمه ترامب لتبرير ترحيل نشطاء ومهاجرين على خلفيات سياسية، إلا أن المحكمة العليا علّقت مؤخرًا العمل بهذا الإجراء، معتبرة أنه يتعارض مع المبادئ الدستورية المعاصرة.


*برج ترامب*


في نيويورك، احتشد المتظاهرون قرب مكتبة المدينة المركزية، على مرمى حجر من برج ترامب، في تجسيد رمزي للمواجهة المباشرة مع رموز السلطة والمال.

أما في واشنطن، فقد حمل بنجامين دوغلاس، الناشط في مجال حقوق الإنسان، لافتة دعم للطالب الفلسطيني محمود خليل، المهدد بالترحيل بسبب مشاركته في مظاهرات ضد الحرب في غزة.

دوغلاس اتهم الإدارة باستهداف الأفراد وتغذية الكراهية العرقية وتقويض الحماية القانونية الراسخة.

وعلى الشاطئ الغربي، حيث يتمتع الوعي السياسي بتقليد احتجاجي طويل، اجتمع مئات من سكان سان فرانسيسكو لرسم عبارة "عزل واستقالة" بأحرف ضخمة على الرمال، في تعبير فني عن رغبتهم في إنهاء تأثير ترامب على الحياة السياسية.

ولم تكن تلك الاحتجاجات منسقة من قبل جهة واحدة، بل جاءت ضمن تعبئة لا مركزية نظمتها حركة "50501"، التي أعلنت عن تنظيم 400 مظاهرة متزامنة في كافة ولايات البلاد، ما يعبّر عن حالة احتجاج وطني شاملة وغير تقليدية.

المثير في هذه التحركات أنها لا تتوقف عند الاحتجاج الرمزي، بل تسعى لبناء حراك سياسي ممتد، يسعى لإعادة رسم العلاقة بين الشعب والدولة من جديد.

فالتعبئة التي قادتها "50501" تستند إلى خطاب يربط بين الأزمة السياسية الحالية وأصول الجمهورية الأمريكية التي تأسست على رفض الحكم الفردي والملكي، وهو ما يفسر تكرار الشعارات التي تحذر من "الطغيان".

وفي ظل امتناع الشرطة عن إصدار تقديرات رسمية لأعداد المشاركين، تبقى صور الحشود الضخمة والهتافات المدوية وشهادات المشاركين، هي البرهان الأوضح على حجم الغضب الشعبي، الذي لم يعد بإمكان الإدارة السابقة أو حلفائها تجاهله بسهولة.

هذه الموجة من الغضب المدني قد تكون من أبرز التحديات أمام الطموحات السياسية لترامب.