خطر صحي جديد.. مرض دماغي غامض يهدد مئات الأرواح في كندا.. ما القصة؟
خطر صحي جديد.. مرض دماغي غامض يهدد مئات الأرواح في كندا.. ما القصة؟
وسط قلق متزايد في كندا، تتصاعد التحذيرات بشأن مرض دماغي غامض يهدد حياة سكان مقاطعة نيو برونزويك، المرض الذي بدأ بالظهور بشكل متفرق منذ عام 2015، أصاب حتى الآن مئات الأشخاص وخلف عشرات الوفيات، مع أعراض غير مألوفة تتراوح بين القلق وصعوبة النوم، وتصل إلى تشنجات عضلية عنيفة وهلوسات بصرية، تزداد حيرة العلماء والأطباء في تفسير هذا التهديد الغامض.
رئيسة وزراء المقاطعة، سوزان هولت، دعت إلى تدخل فوري من الحكومة الفيدرالية لإجراء تحقيق شامل حول المرض، وسط اتهامات بوجود علاقة محتملة بين استخدام المبيدات الحشرية والتلوث البيئي في المنطقة.
ورغم محاولات سابقة للتحقيق في الأسباب، فإن الجهود لم تسفر عن نتائج ملموسة، مما يزيد من تعقيد الأزمة.
مطالبات بالتحرك الفوري
تحدثت هولت عن المعاناة التي يواجهها سكان نيو برونزويك، حيث أكدت: "نحن بحاجة إلى إجابات حاسمة. المرض لا يهدد فقط الأرواح، بل يخلق حالة من الذعر بسبب غموضه وغياب علاج واضح".
بعد لقاء مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، أكدت هولت أن الدعم الفيدرالي سيُخصص لتوسيع التحقيقات، مع تخصيص مبلغ 5 ملايين دولار من قبل المعاهد الكندية لأبحاث الصحة لدعم الدراسات العلمية.
أعراض المرض
المرض يظهر بأعراض أولية قد تبدو بسيطة مثل القلق واضطرابات النوم، لكنه يتطور ليشمل آلاماً في الأطراف، صعوبة في التوازن، وارتطام الأسنان، في الحالات المتقدمة، يعاني المرضى من تشنجات عنيفة واضطرابات في الرؤية، وصولاً إلى الهلوسات.
الدكتور أليير ماريريو، طبيب أعصاب في نيو برونزويك، وصف المرض بأنه "كارثة صحية عصبية غير مسبوقة"، مؤكدًا أن الأعراض ظهرت لدى مئات المرضى، بمن فيهم أشخاص تحت سن 45 عاماً، مما يثير قلقاً خاصاً حول تأثير المرض على الشباب.
السموم البيئية تحت المجهر
تشير أصابع الاتهام إلى تأثير المواد الكيميائية المستخدمة في الزراعة، خصوصًا مبيد الأعشاب "الغليفوسات"، الذي يستخدم بكثرة في المناطق الريفية.
ماريريو أوضح أن وجد مستويات عالية من هذه المبيدات في دماء المرضى، ما يجعله يشتبه في أن المرض قد يكون ناجماً عن تلوث بيئي طويل الأمد، ومع ذلك، تظل هذه الفرضية بحاجة إلى تحقيق معمق، حيث لم يتم بعد إثبات علاقة سببية قاطعة بين المبيدات والمرض.
تاريخ المرض: تصاعد مستمر
بدأت الحالات الأولى في الظهور عام 2015 بين مجموعة صغيرة من المرضى، ومع مرور الوقت، زادت الحالات بشكل كبير.
في 2022 وحدها، تم تسجيل 147 إصابة جديدة، وبحسب صحيفة "ناشيونال بوست"، فقد تم الإبلاغ عن 9 وفيات منذ 2021، في حين تشير التقارير المحلية إلى وفاة 40 شخصاً حتى الآن، التحقيق الحكومي الأولي، الذي أغلق عام 2021، توصل إلى أن السموم البيئية قد تكون السبب، لكنه لم يقدم دلائل كافية لتأكيد هذه النتيجة.
التداعيات لا تقتصر على الصحة الجسدية فقط، بل تمتد إلى الجانب النفسي والاجتماعي. يعيش المصابون وعائلاتهم في حالة من الخوف الدائم بسبب عدم وضوح التشخيص أو العلاج.
تقول هولت: عدم القدرة على تفسير هذا المرض يجعل الأمر مرعباً. كيف يمكن للناس العيش بسلام عندما يشعرون أن حياتهم مهددة بسبب شيء مجهول؟
الحاجة إلى الشفافية
في ظل هذه الأزمة، تتزايد المطالب بمزيد من الشفافية من قبل السلطات الصحية والعمل الجماعي بين الحكومات المحلية والفيدرالية.
يقول ناشطون بيئيون: إن التحقيقات يجب أن تشمل دراسة تأثير النشاط الصناعي والزراعي في المقاطعة، مع فرض قيود أكثر صرامة على استخدام المبيدات الحشرية.
ويرى الخبراء، أن فهم المرض بشكل كامل قد يستغرق سنوات من البحث العلمي.
ومع ذلك، فإن اتخاذ خطوات عاجلة مثل تحسين المراقبة البيئية وزيادة التوعية العامة قد يساعد في تقليل الانتشار، كما أن الكشف عن المسببات سيفتح المجال لتطوير علاجات فعالة تقلل من تأثير المرض على المصابين.