أفغانستان.. كيف تحوّلت حياة الأفغانيات إلى جحيم تحت حكم طالبان؟

تحوّلت حياة الأفغانيات إلى جحيم تحت حكم طالبان

أفغانستان.. كيف تحوّلت حياة الأفغانيات إلى جحيم تحت حكم طالبان؟
صورة أرشيفية

منذ انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان وسيطرة حركة طالبان على مقاليد الحكم في البلاد تغيرت الحياة في أفغانستان بالنسبة للنساء بشكل جذري، وبشكل ممنهج تم انتهاك حقوقهن وتقييد حرياتهن، ولم تفلح الحملات التي أطلقها نشطاء في السماح للفتايات بالعودة للتعليم - الذي حرمن منه بأمر طالبان - وتم إجبار النساء على التخلي عن وظائفهن، صحيفة الغارديان البريطانية أجرت سلسلة من المقابلات مع أفغانيات فقدن كل ما يملكنه منذ سيطرة طالبان وتحولت حياتهن من موظفات في مناصب مرموقة في البلاد إلى متسولات وتنظر لهم الحكومة الأفغانية المتطرفة على أنهن مجرمات لمجرد أنهن نساء.

عصابات مسلحة

تقول سامانا، من العاصمة الأفغانية كابول: "كنت أسير إلى المنزل بمفردي عندما توجهت إلى زقاق مهجور ووجدت اثنين من طالبان يحملان سلاحا على أكتافهم وكأنهم تابعون لعصابات مسلحة وليس حكومة أو نظام يدير البلاد، يصرخون في وجهي قائلين إنني عاهرة لأنني كنت غير محجبة، وطالبوا بمعرفة سبب عدم ارتدائي للحجاب، وصوبوا أسلحتهم في وجهي، ووضع أحدهم إصبعه على الزناد، أخفضت رأسي رعبًا وقلت لن يحدث ذلك مرة أخرى، عندما وصلت إلى المنزل جلست وبكيت لمدة ساعة، قلت لنفسي: هذا تحذير لما سيأتي بعد ذلك، منذ ذلك الحين، وقعت في ظلام عميق، لا أستطيع تحمل النظر إلى كل ملابسي الملونة في خزانة ملابسي لأنها تذكرني بكل شيء فقدته"، بينما تقول الزهراء "بعد إعلان أمر الحجاب، قبض علي مقاتلو طالبان، سألوني لماذا لا أرتدي الحجاب، وعلى الرغم من أنني لا أنوي اتباع أوامرهم، فقد اعتذرت واعتقدت أنهم سوف يسمحون لي بالذهاب، لكن بعد أيام زاروا المنزل فجأة وقالوا لعائلتي إنهم سيتم القبض علي المرة القادمة علنًا وسأعتقل ولن أغادر محبسي، ومنذ ذلك الحين، نادراً ما يسمح لي والدي أو أخواتي بمغادرة المنزل، ويقول إنه لا يمكننا الذهاب إلى الجامعة، حتى إخوتي يعرفون الآن ما أرتديه وأين أذهب في جميع الأوقات".

وقال زارلاشت من العاصمة كابول: "في يونيو، كنت أسافر مع أخي وأوقفنا مقاتلو طالبان عند نقطة تفتيش، أولاً، استجوبونا بشكل منفصل لفهم ما إذا كنا مرتبطين ببعضنا البعض، ثم طلبوا بطاقات الهوية الوطنية الخاصة بنا، عندما قال أخي إننا لم نحمل بطاقات الهوية معنا، غضبوا وقام أحدهم بضربه ببندقية وكان على وشك إطلاق النار، وأجبرنا على الجلوس هناك لمدة ساعتين، ثم اضطررنا إلى الاتصال بأسرتنا لإحضار بطاقات الهوية حتى نتمكن من العودة إلى المنزل، منذ ذلك الحين، لا أجرؤ على مغادرة المنزل".

في السياق ذاته، قالت صبيرة من محافظة باميان: "على الرغم من أنه ليس إلزاميًا، فنحن مجبرون على ارتداء الحجاب الأسود للسماح لنا بدخول الجامعة، بمجرد دخولنا، تخضع النساء للمراقبة المستمرة، فهناك ملاحظات حول الحجاب على الأبواب والجدران، لم أتخيل أبدًا أنه في يوم من الأيام، في باميان، ستُجبر جميع الطالبات على العيش على هذا النحو، لا أصدق ما تحولت إليه الحياة هنا".

انفلات أمني

في السياق ذاته، يقول "عباسي" يقيم غرب كابول: "كنت أنا وصديقي نتحدث في الحافلة في طريقنا إلى العمل في حي الهزارة الشيعي في غرب كابول عندما انفجر العالم من حولنا فجأة، ووجدنا أنفسنا وسط المذبحة، فمنذ سيطرة طالبان، تدهور الوضع الأمني، حيث قصف مسلحو داعش حافلتنا، اكتشفنا لاحقًا أن العديد من الأشخاص قتلوا، أصبت في ساقي وصدري وصديقي في ساقه اليمنى، عندما انفجرت القنبلة، تغير كل شيء بالنسبة لي، فبعد سيطرة طالبان، كانت الأمور صعبة لكنني واصلت عملي وكنت مصمماً على العيش بشجاعة".

وتابع: "الآن، بعد الهجوم، أعيش في خوف دائم، كانت الإصابات مؤلمة، حيث أجريت خمس عمليات جراحية ولا يمكنني الذهاب إلى الحمام أو ارتداء الملابس بدون مساعدة، لكن الجروح النفسية عميقة أيضًا، لا بد لي من المرور من المكان الذي انفجرت فيه القنبلة للوصول إلى مواعيد الطبيب، وفي كل مرة أشعر بصدمة السيارة وحرارة الانفجار وصراخ الناس، إنه كابوس يتكرر أمام عيني عندما أحاول النوم، واليوم لا أجرؤ على مغادرة المنزل".

شرطية تتسول

في السياق ذاته، تقول "سكينة"، تعيش في "قندهار"، لم تكن الحياة سهلة لوقت طويل، لقد فقدت زوجي في غارة جوية قبل خمس سنوات، وقبل تولي طالبان السلطة كنت أعمل وأبيع الطعام في الشارع لإعالة أطفالي، والآن لا يسمح لي بالعمل، وأعطتني طالبان وأرامل أخريات بطاقة للمطالبة بكيس من القمح وثلاثة لترات من زيت الطهي و1000 أفغاني ما يعادل 9 جنيهات إسترلينية كل ثلاثة أشهر، لكن هذا لا يكفي لاستمرار الحياة، أعيش مع ثلاث أرامل أخريات وأطفالهن، لكن إيجارانا 40 ألف أفغاني شهريًا ولا يمكننا دفعه، إذا لم نتمكن من العمل أو التسول فأنا قلقة من أننا سنموت جوعا".

بينما قالت مريم، شرطية سابقة تعيش في قندهار، "قبل استيلاء طالبان على السلطة، كنت أعمل شرطية، مات زوجي، ولكن كنت أملك القدرة على إعالة أطفالي من راتب الشرطة، الآن فقدت وظيفتي، وتقوم طالبان بمطاردة النساء اللائي يعملن في الأجهزة الأمنية، ما زلت مرعوبة من أنهم سيجدونني"، وتابعت "خلال الأشهر السبعة الماضية، اضطررت للتسول في الشوارع لإطعام فتياتي، أجلس طوال اليوم في الشارع تحت البرقع حتى لا يتعرف علي أحد ويبلغ عني، أنا لا أعرف من أصبحت، في أحد الأيام، ألقى صبيان بعض العملات المعدنية علي، وقال أحدهم إنني عاهرة وعدت إلى المنزل مع ما يكفي فقط لشراء رغيفين من الخبز لأولادي، وبكيت طوال الليل".