حزب الله يصعّب مهمة المبعوث الفرنسي لحل أزمة الشغور الرئاسي في لبنان

حزب الله يصعّب مهمة المبعوث الفرنسي لحل أزمة الشغور الرئاسي في لبنان

حزب الله يصعّب مهمة المبعوث الفرنسي لحل أزمة الشغور الرئاسي في لبنان
صورة أرشيفية

مع وصوله إلى بيروت في زيارة هي السادسة، يجد الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان نفسه أمام تحديات معقدة ومتناقضة، مهمة لودريان، التي تتمثل في تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، تواجه تعقيدات من شأنها أن تعرقل مساعيه، خاصة في ظل ارتباط حزب الله بين تهدئة الأوضاع في جنوب لبنان ووقف إطلاق النار في غزة، هذا الوضع يزيد من تعقيد مهمة لودريان في سعيه لإيجاد صيغة توافقية لا تزعج المعارضة اللبنانية ولا تُقلق محور الممانعة.

*معركة البحث عن رئيس*

من جانبه، أكد مصدر لبناني مطلع، أن لودريان سيجد نفسه مضطرًا للبحث عن صيغة توافقية تتناسب مع مواقف مختلف الأطراف اللبنانية، تتركز هذه الجهود حول إقناع الثنائي الشيعي بالتحفظ على بيان سفراء الدول الخمس الكبرى، والذي يدعو إلى التشاور للاتفاق على مرشح لرئاسة الجمهورية.

وأضاف المصدر في حديثه لـ"العرب مباشر"، إذا فشلت هذه المساعي، قد تضطر القوى النيابية رافضة لتعنت حزب الله، وتسعى إلى تقديم قائمة بثلاثة مرشحين للبرلمان، لتجري الانتخابات في جلسة مفتوحة حتى يتم انتخاب رئيس جديد.

وأوضح المصدر، أن قوى المعارضة ترحب بهذا البيان وتعتبره خريطة طريق ضرورية لوقف تعطيل انتخاب الرئيس، رغم كون رئيس مجلس النواب نبيه بري ما يزال مترددًا في تحديد موقفه النهائي، مضيفًا، أن بري يفضل التريث حتى يستقبل لودريان ليبني موقفه على ما سيسمعه منه، رغم أن مصادر مقربة منه تشير إلى أنه يعتبر الدعوة للحوار خيارًا يمكن تحقيقه خلال فترة قصيرة، إذا توافقت الكتل النيابية.

*المواقف المتباينة: عقبة أم فرصة؟*

من جانبهم، يرى مراقبون أن بري، الذي استغرب مواقف بعض الأطراف الرافضة لدعوته للحوار، يؤكد أن التوافق يمكن أن يتحقق بسرعة إذا ما كانت النوايا صادقة، في الوقت ذاته، يطرح تساؤلات حول جدوى عقد الحوار في باريس بدلاً من بيروت أو دولة عربية. مع ذلك، لا يمكن لأحد أن ينكر الدور الإيجابي الذي يمكن أن تلعبه فرنسا في تسهيل انتخاب الرئيس.

وأوضحوا أن في ظل هذا الوضع، تبدو الطريق أمام لودريان غير ممهدة، خاصة إذا لم يحمل معه أفكارًا جديدة تساهم في كسر الجمود السياسي الذي يعرقل انتخاب الرئيس. رغم الجهود التي يبذلها سفراء الدول الخمس، إلا أن التعقيدات الداخلية اللبنانية تستمر في إعاقة التوصل إلى حل نهائي.

*العقبات السياسية: ما وراء الكواليس*

في السياق ذاته، أكد مصدر لبناني مطلع، أن حزب الله يربط بين تهدئة الأوضاع في جنوب لبنان وانتخاب الرئيس بوقف إطلاق النار في غزة، مما يطيل من أمد الأزمة، مضيفًا أن هذا الربط يعقد مهمة لودريان، الذي يسعى للتوصل إلى صيغة توافقية تعيد الحرارة إلى ملف انتخاب الرئيس.

الوسيط الأمريكي أموس هوكستين ينتظر أيضاً لحظة ملائمة لتفعيل دوره في تطبيق القرار 1701 بين لبنان وإسرائيل، لكن ربط حزب الله للجنوب بغزة يجعل من الصعب عليه المضي قدمًا في مهمته.

*الخيار الرئاسي الثالث: المخرج الممكن؟*

تتجه الأنظار نحو الخيار الرئاسي الثالث كحل ممكن لتجاوز الأزمة، إلا أن هذا الخيار يواجه تحديات من قبل الثنائي الشيعي الذي يتمسك بمرشحه سليمان فرنجية، في المقابل، تفضل المعارضة المسيحية وحلفاؤها دعم مرشح لا يشكل تحديًا مباشرًا للثنائي الشيعي، التوازنات الحالية بين القوى السياسية تجعل من الصعب تحقيق توافق سريع، ما لم يبدِ بري مرونة في موقفه. لذلك، يبقى أمام لودريان مهمة صعبة، خاصة إذا لم يحمل معه أفكاراً جديدة يمكن أن تغير المعادلة وتفتح الطريق نحو انتخاب رئيس جديد.

*هل يحمل لودريان الحل؟*

في النهاية اختتم المصدر حديثه قائلًا: زيارة لودريان إلى بيروت تحمل في طياتها الكثير من التحديات، ولكنها قد تكون أيضًا فرصة لإعادة تفعيل الحوار وإيجاد مخرج للأزمة الرئاسية في لبنان، مضيفًا، أن نجاح هذه المهمة يعتمد بشكل كبير على قدرته على التوصل إلى توافقات جديدة بين الأطراف المتنازعة، وعلى استعداد هذه الأطراف لتقديم تنازلات متبادلة تسهم في إنهاء الشغور الرئاسي.

في ظل هذه الأجواء المتوترة، يبقى الأمل معلقًا على قدرة الدبلوماسية الفرنسية على إحداث خرق في جدار الأزمة، وتحقيق تقدم ملموس يفتح الطريق أمام انتخاب رئيس جديد يخرج لبنان من أزمته السياسية الراهنة.