حزب الله على مفترق طرق.. هل انتهت أسطورة القوة في لبنان؟

حزب الله على مفترق طرق.. هل انتهت أسطورة القوة في لبنان؟

حزب الله على مفترق طرق.. هل انتهت أسطورة القوة في لبنان؟
حزب الله

شهد جنوب لبنان عودة آلاف اللبنانيين النازحين إلى قُراهم بعد نزوح دام أكثر من عام بسبب الحرب، أواخر شهر يناير الماضي، عادوا في قوافل تحمل أغاني ثورية وترفع بفخر علم حزب الله الأصفر، لكن ما وجدوه كان مدمرًا، فقد دُمرت منازلهم بالكامل، ولم يتبق سوى أنقاض وصور تذكارية لزعيم الحزب الراحل، حسن نصر الله، على جدران مهدمة، حسبما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

اتفاق هش وانسحاب غير مكتمل


وبحسب الإذاعة البريطانية، فقد جاءت هذه العودة بعد انتهاء المهلة المحددة لانسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم بوساطة أمريكية وفرنسية، وشمل الاتفاق أيضًا شروطًا تقضي بإبعاد حزب الله عن المنطقة الجنوبية ونشر آلاف الجنود اللبنانيين هناك. لكن التوتر استمر، حيث اتهمت إسرائيل لبنان بعدم تنفيذ بنود الاتفاق بالكامل، فيما اتهم لبنان إسرائيل بالمماطلة.  


واندلعت أعمال عنف في بعض المناطق، حيث أطلق جنود إسرائيليون النار، مما أدى إلى مقتل 24 شخصًا بينهم جندي لبناني. بالنسبة لحزب الله، كانت هذه الأحداث فُرصة لإظهار قوته رغم الخسائر الكبيرة التي تعرض لها خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل.

مصير حزب الله


وتابعت الإذاعة البريطانية، أنه على مدى عقود، عزّز حزب الله موقعه كأقوى قوة في لبنان، بدعم إيراني واسع النطاق بالأسلحة والأموال. 


ويتمتّع الحزب بقوة عسكرية تتفوق على الجيش اللبناني، إضافة إلى نفوذ سياسي يُتيح له عرقلة أي قرار كبير في البلاد.  


لكن الحرب الأخيرة مع إسرائيل، التي بدأت في أكتوبر 2023، كشفت نقاط ضعف الحزب، استُهدفت قياداته بأساليب غير مسبوقة، قُتل خلالها أكثر من 4000 شخص، بما فيهم زعيم الحزب حسن نصر الله، خلفه نائبه نعيم قاسم، لكنه يفتقر إلى الكاريزما والنفوذ الذي كان يتمتع به نصرالله.


والهدنة التي أُبرمت في نوفمبر 2024 كانت أشبه باستسلام من الحزب، الذي خسر قدراته العسكرية بشكل كبير. 


وفي تطور جديد، انتخب البرلمان اللبناني رئيساً جديداً، قائد الجيش السابق جوزيف عون، بدعم أمريكي. كما تم تعيين نواف سلام رئيسًا للحكومة، وهو شخصية غير محسوبة على الحزب.

أزمة شعبية


ويواجه حزب الله الآن استياءً متزايدًا من قاعدته الشعبية، خصوصًا مع تدمير القرى الجنوبية وتقديرات البنك الدولي للأضرار التي بلغت أكثر من 3 مليارات دولار. 


وحاول الحزب دفع تعويضات للعائلات، لكنه يُواجه تحديات اقتصادية خانقة في بلد يُعاني من انهيار اقتصادي شامل.


ويقول نيكولاس بلانفورد، خبير في شؤون حزب الله: "إذا استمر الناس بالعيش في خيام أو على أنقاض منازلهم خلال الأشهر المقبلة، فقد يبدأون في لوم حزب الله بدلًا من الحكومة أو إسرائيل".

الدور الإيراني


وتظل مسألة نزع سلاح حزب الله مرتبطة بالقرارات الإيرانية. لسنوات، كان الحزب جزءًا من محور المقاومة المدعوم من إيران، والذي شكّل تهديدًا مباشرًا لإسرائيل. لكن، مع سقوط نظام الأسد في سوريا وفقدان الحزب لممرات التسليح البرية، تراجعت قدرته على الردع.  


ويقول بلانفورد: "قد تُطرح مسألة نزع السلاح كجزء من مفاوضات إقليمية أكبر بين إيران والغرب".

أمل في مستقبل جديد


وفي خطابه أمام البرلمان، تعهد الرئيس جوزيف عون بإجراء إصلاحات جوهرية، بما في ذلك تعزيز دور الجيش كحامل وحيد للسلاح في البلاد، ورغم أن حزب الله لا يزال يُشكل تهديدًا عسكريًا، إلا أن تراجعه يفتح الباب أمام تغييرات جذرية في لبنان.  
وبينما يترقب اللبنانيون مصير حزب الله، يبقى السؤال الأهم: هل يستطيع لبنان تجاوز هذا الفصل المؤلم ليعيد بناء دولته على أسس جديدة بعيدًا عن العنف والانقسام؟