تحديات ضخمة.. هل تتجاوز سوريا أزمتها الاقتصادية؟ خبراء يجيبون

تحديات ضخمة.. هل تتجاوز سوريا أزمتها الاقتصادية؟ خبراء يجيبون

تحديات ضخمة.. هل تتجاوز سوريا أزمتها الاقتصادية؟ خبراء يجيبون
سقوط بشار الأسد

تواجه الحكومة السورية الجديدة تحديات اقتصادية هائلة، تركتها سنوات من الفساد والاضطراب، ففي أعقاب تغيير سياسي طال انتظاره، يجد المواطن السوري نفسه بين أمل محدود بتحسين الأوضاع وخوف من استمرار المعاناة. التحديات التي تعصف بالاقتصاد السوري تتراوح بين تدهور العملة الوطنية وانهيار البنية التحتية، وصولاً إلى مشكلات حادة في الطاقة والزراعة والصناعة.

في هذا السياق، تبرز تساؤلات حول مدى قدرة القيادة الجديدة على تقديم حلول حقيقية.

*تفاقم الأزمة*


في مقابلة صحفية، أكد رئيس الحكومة السورية المؤقتة، محمد البشير، أن الوضع المالي الراهن في البلاد صعب للغاية، مشيرًا أن السنوات الماضية شهدت استشراء الفساد في مؤسسات الدولة، ما أسهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية، وهو ما أظهر لمراقبين أن الجهود الحالية تصطدم بإرث ثقيل من التحديات، الأمر الذي يجعل التفاؤل مشوبًا بالحذر في أوساط السوريين.

تدهور اقتصادي مستمر 


تشير التقديرات، أن أكثر من 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وفقًا لإحصاءات أممية حديثة.

وعلى الرغم من الإطاحة بالنظام السابق، لم يظهر حتى الآن تحسن ملموس في الظروف المعيشية، فقد انعكس الصراع الطويل على مختلف القطاعات الاقتصادية، بدءًا من النفط والطاقة، وصولًا إلى التصنيع والزراعة، التي تعد من الأعمدة الرئيسة التي يقوم عليها الاقتصاد الوطني.

متوسط الأجور الشهرية للعمال في القطاع العام، الذي يشكل مصدر دخل للغالبية، لا يتجاوز 300 ألف ليرة سورية (ما يعادل 119 دولارًا فقط)، هذا الدخل المتواضع لا يفي بمتطلبات الحياة الأساسية، ما يدفع الكثيرين إلى البحث عن مصادر دخل إضافية أو الاعتماد على المساعدات الإنسانية.

*محاولات لإحياء الاقتصاد*


رغم التحديات، أبدت الحكومة المؤقتة التزامًا بتحسين الخدمات ورفع مستوى الأجور، حيث أعلنت عن خطط لاستعادة الاستقرار المالي.

في الأيام الأخيرة، شهدت العملة السورية تحسنًا نسبيًا، إذ ارتفعت قيمتها أمام الدولار بنسبة 20% على الأقل.

ووفقًا لتصريحات بعض العاملين في مجال الصرافة بدمشق، تراوحت أسعار الصرف بين 10 آلاف و12500 ليرة مقابل الدولار، مقارنة بالسعر السابق الذي بلغ 15 ألف ليرة. ومع ذلك، فإن تقلبات السوق تبقى مصدر قلق كبير.



*دعم دولي محدود* 


في ظل هذه الأزمة، تعتمد سوريا بشكل متزايد على الدعم الدولي للتعامل مع الاحتياجات الإنسانية الملحة.

وقد أعلنت المفوضية الأوروبية عن تخصيص 4 ملايين يورو إضافية لرفع إجمالي مساعداتها الإنسانية في سوريا إلى 163 مليون يورو خلال هذا العام.

يُتوقع أن تُخصص هذه المساعدات لتغطية احتياجات الغذاء والرعاية الطبية الأساسية وتوفير الملاجئ للسكان في شمال البلاد، حيث تتزايد الاحتياجات نتيجة الدمار واسع النطاق.

من جانبه، يقول د. محمود البنا، أستاذ الاقتصاد الدولي: إن الأزمة الاقتصادية في سوريا تتطلب حلولًا هيكلية بعيدة المدى، وليست مجرد إجراءات سطحية.

ويرى البنا في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن استعادة الثقة في العملة المحلية تبدأ بإجراءات جادة لمكافحة الفساد وإعادة هيكلة القطاعات الإنتاجية الأساسية كالصناعة والزراعة.

ويشير أن تحسين الأجور وحده لن يكفي لتحقيق الاستقرار، إذا لم يُرفق بخطط تنموية شاملة تشمل تحديث البنية التحتية، وتوفير بيئة مناسبة للاستثمار المحلي والأجنبي.

ويشدد البنا، على أن الدعم الدولي، على أهميته، يجب أن يُدار بفعالية لضمان وصوله للمستفيدين الحقيقيين. 

*التعافي يحتاج لاستقرار سياسي*


في السياق ذاته، يقول د. محمد المنجي، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، أن التحديات الاقتصادية في سوريا تتجاوز بكثير الأزمات الظاهرة كالتضخم وانخفاض الأجور.

وأضاف - في تصريحات لـ"العرب مباشر"-، أن غياب رؤية واضحة للسياسات الاقتصادية يُفاقم الوضع، مشيرة إلى ضرورة تعزيز الشفافية في توزيع الموارد، وإعادة تشغيل القطاعات الحيوية مثل النفط والغاز بشكل مستدام.

كما انتقد المنجي، الاعتماد الكبير على المساعدات الدولية، معتبرة أنه يجب أن يكون مؤقتًا وموجهًا نحو بناء قدرات محلية مستدامة، مضيفًا، أن التعافي الاقتصادي يتطلب استقرارًا سياسيًا؛ مما يستدعي حوارًا داخليًا شاملًا لتحقيق التوازن بين الأولويات الاقتصادية والاجتماعية.