البريكس تمهد لنظام مالي عالمي جديد.. هل اقترب نهاية عصر هيمنة الدولار؟
البريكس تمهد لنظام مالي عالمي جديد.. هل اقترب نهاية عصر هيمنة الدولار؟
في الوقت الذي أعرب فيه المسؤولون الأمريكيون عن عدم قلقهم من تحول مجموعة البريكس، التي عقدت قمتها الأخيرة في مدينة قازان الروسية، إلى منافس جيوسياسي للغرب، يرى المحللون أن دول البريكس تعمل على قضايا قد تثير قلق العالم الغربي في المستقبل، وأن نتائج قمة البريكس الـ 16 من المتوقع أن تثير مخاوف غربية كبرى.
نظام دفع بديل
وأكدت شبكة "فويس أوف أمريكا"، أنه من بين أبرز الموضوعات التي نوقشت بين أعضاء المجموعة – البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا – هي السبل الممكنة لإنشاء نظام دفع بديل لا يعتمد على الدولار الأمريكي، بالإضافة إلى دراسة إطلاق عملة رقمية خاصة بالبريكس، وتطوير بدائل للمؤسسات المالية الغربية مثل صندوق النقد الدولي.
وأضافت، أن هذه التحركات تأتي في سياق مساعي الصين وروسيا وإيران – الدول التي تواجه قيوداً تجارية صارمة تفرضها الولايات المتحدة – لتعزيز أهداف البريكس المعلنة، وتركز هذه الأهداف على تقليل الاعتماد على النظام المالي العالمي المهيمن عليه من قبل الغرب.
وأعرب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، خلال مشاركته في قمة البريكس، عن اهتمامه الكبير بتعزيز التكامل المالي بين دول المجموعة.
وقال مودي: "نرحب بالجهود الرامية إلى تعزيز التكامل المالي بين دول البريكس. إن التجارة بالعملات المحلية وتسهيل المدفوعات عبر الحدود ستعزز تعاوننا الاقتصادي".
من جانبه، أكد رئيس مجلس الدوما الروسي، فياتشيسلاف فولودين، على أهمية القضايا التي تطرحها البريكس كجزءٍ من تحول عالمي أكبر.
وفي تصريحات نُشرت على تطبيق تليجرام قبل انعقاد القمة، قال فولودين: "إن زمن الهيمنة الغربية بقيادة واشنطن وبروكسل يقترب من نهايته. الدول الآن تختار طريق الحوار المتكافئ والتعاون الذي يخدم مصالح الشعوب، وليس من أجل إرضاء الولايات المتحدة وحلفائها".
تجاهل أمريكي
وتابعت الشبكة الأمريكية، أنه على الرغم من هذه التصريحات، أبدت الولايات المتحدة موقفاً غير مبالٍ تجاه تطورات مجموعة البريكس.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، في مؤتمر صحفي: "نحن لا ننظر إلى مجموعة البريكس على أنها تتطور إلى منافس جيوسياسي، هذا ليس تصورنا.. لا تجاه الولايات المتحدة ولا أي دولة أخرى".
وأضافت، أن نتائج القمة والموضوعات التي تمت مناقشاتها من شأنها إثارة ارتباك وقلق الغرب، حيث يمتلك تجمع البريكس أكثر من نصف سكان العالم، بالإضافة إلى أن الناتج الإجمالي له يتجاوز الناتج الإجمالي لدول السبع، ما يعني أن تأثيره سيكون أقوى بكثير من مجموعة دول السبع.
وأشارت إلى أن حل الخلافات بين الدول الاعضاء في التجمع وخصوصًا الهند والصين من شأنه أن يمنح التجمع ثقل جيوسياسي كبير.
اتفاق هندي صيني
وعلى هامش قمة البريكس، عقد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اجتماعاً مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، ما يعكس بوادر تقارب بين الدولتين المتنافستين في بعض الأحيان، ويرى بعض المحللين، أن هذا التقارب قد يكون له تأثيرات جيوسياسية هامة.
وقبل يومين من القمة، توصلت الهند والصين إلى اتفاق لحل قضية دوريات قواتهما العسكرية على الحدود المتنازع عليها.
ويهدف الاتفاق إلى سحب القوات من المواقع المتقدمة في المناطق المتنازع عليها وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل اندلاع النزاع الحدودي في عام 2020.
وفي تصريحات علنية خلال القمة، قال مودي للرئيس الصيني: "نرحب بالتوافق الذي تم التوصل إليه بشأن القضايا التي نشأت خلال السنوات الأربع الماضية على طول الحدود. ينبغي أن يكون أولويتنا الحفاظ على السلام والاستقرار على حدودنا".
من جانبه، أكد شي، أن هذا التقارب يصب في "المصالح الأساسية لكلا البلدين".
ثقل جيوسياسي
يطرح المحللون تساؤلات حول دوافع الهند للسعي إلى التقارب مع الصين في هذا التوقيت، خصوصًا أن الهند تُعد جزءاً من تحالفات تقودها الولايات المتحدة لمواجهة النفوذ الصيني.
تلعب الهند دوراً رئيسياً في استراتيجية الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وهي جزء من الحوار الأمني الرباعي (QUAD) الذي يضم الولايات المتحدة، اليابان، أستراليا، والهند. وتعتبر الصين هذا التحالف تهديداً لمصالحها.
وفي هذا السياق، يقول ب. ستوبدان، الدبلوماسي الهندي السابق والخبير في الشؤون الصينية: "أن تكون الهند جزءاً من تحالف QUAD لا يفيدها في مواجهة التحديات العسكرية الصينية في منطقة جبال الهيمالايا. بالإضافة إلى ذلك، الولايات المتحدة تطور علاقات مع باكستان، وهو ما يتعارض مع مصالح الهند".
مستقبل جديد
تشير تطورات قمة البريكس في قازان إلى أن العالم قد يشهد مستقبلاً نظاماً مالياً بديلاً يهدف إلى تقليل هيمنة الغرب، ومع تعزيز التعاون المالي والتجاري بين دول البريكس، قد تكون هناك تداعيات بعيدة المدى على النظام المالي العالمي الحالي.
ومع التقارب الهندي-الصيني، تظل التساؤلات قائمة حول ما إذا كانت هذه التحركات ستمهد الطريق لتشكيل نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب.