مستقبل التهجير الفلسطيني في ظل التصريحات الأمريكية الأخيرة: بين الرفض المصري والأردني وتداعياته على الأمن الإقليمي
مستقبل التهجير الفلسطيني في ظل التصريحات الأمريكية الأخيرة: بين الرفض المصري والأردني وتداعياته على الأمن الإقليمي

في تطور لافت في ملف القضية الفلسطينية، أدلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بتصريحات مثيرة للجدل بشأن اقتراح الولايات المتحدة استقبال الأردن ومصر لعدد من سكان قطاع غزة.
هذه التصريحات جاءت في سياق الحديث عن حلول محتملة للوضع الإنساني في غزة، والذي شهد تصعيدًا كبيرًا في الأشهر الأخيرة، ومع أن التصريحات الأمريكية حاولت أن تعرض هذا المقترح كحل إنساني، إلا أن ردود الفعل من الأطراف المعنية كانت سريعة وقوية، وأبرزها الرفض القاطع من الحكومتين المصرية والأردنية.
التصريحات الأمريكية
الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وفي إطار تصريحاته التي أدلى بها لوسائل الإعلام، اقترح أن تتحمل كل من مصر والأردن عبء استقبال آلاف من سكان غزة، الذين يتعرضون لأوضاع إنسانية قاسية نتيجة الحصار الإسرائيلي والاقتتال الداخلي.
ترامب أكد على أن هذه الخطوة قد تخفف من الأوضاع المتأزمة في قطاع غزة وتوفر ملاذًا آمنًا للأهالي الذين يعيشون في ظل ظروف صعبة للغاية، وأضاف أن هذا الاقتراح يمكن أن يمثل خطوة نحو إعادة بناء غزة، مع توفير الظروف الأفضل للفلسطينيين في المنطقة.
الرفض المصري والأردني
ردت الحكومة المصرية بسرعة على هذه التصريحات، حيث أكدت أن مصر ليست في وضع يسمح لها بتولي هذا العبء، وأن هذا الاقتراح يتناقض مع الموقف المصري الثابت في دعم حقوق الفلسطينيين.
واعتبرت القاهرة أن التهجير الجماعي للفلسطينيين ليس هو الحل، بل يجب التركيز على إعادة إعمار غزة وتحقيق الحل السياسي العادل بناءً على قرارات الشرعية الدولية.
أما في عمان، فقد صرح مسؤولون أردنيون، بأن الأردن يرفض أيضًا أي محاولات لتهجير الفلسطينيين إلى أراضيه. وأكدوا أن موقف المملكة الأردنية ثابت في دعم الحقوق الفلسطينية، وأن أي محاولة لتوطين الفلسطينيين خارج حدودهم لن تؤدي إلا إلى تعميق الأزمة وتهديد استقرار المنطقة.
تداعيات على القضية الفلسطينية
تثير هذه التصريحات الأمريكية تساؤلات عديدة حول مستقبل القضية الفلسطينية وحول محاولات تغيير واقع اللاجئين الفلسطينيين.
حيث يرى العديد من المحللين، أن هذه التصريحات قد تُستخدم كوسيلة لتفكيك القضية الفلسطينية تدريجيًا عبر التهجير الجماعي للفلسطينيين، وهو ما يعتبره البعض خطوة نحو فرض "صفقة القرن" جديدة أو تسوية تساهم في تقويض الحقوق الفلسطينية، خصوصًا حق العودة.
وعلق المحلل السياسي الأردني، الدكتور نادر الفقيه، على التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بشأن اقتراح استقبال الأردن ومصر لعدد من سكان قطاع غزة.
ووصف الفقيه هذه التصريحات بأنها "غير واقعية"، مشيرًا أنها تتناقض مع الثوابت الوطنية الأردنية التي ترفض التوطين أو أي محاولة لتغيير الواقع الديموغرافي في المنطقة.
وفي تصريح خاص لـ"العرب مباشر"، أكد الفقيه أن هذه الاقتراحات لا تمثل حلًا حقيقيًا لمعاناة الفلسطينيين في غزة، بل قد تؤدي إلى تهديد الأمن الوطني الأردني واستقرار المنطقة.
وأضاف: أن "الأردن متمسك بمواقفه الثابتة في دعم حقوق الفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم، وأن أي مسعى لتوطينهم في دول أخرى، خاصة الأردن، هو بمثابة انتهاك للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة".
الرفض الأردني للتوطين:
وأوضح الفقيه، أن موقف الأردن من التوطين واضح وثابت، وهو يتفق مع باقي الدول العربية التي ترفض أي محاولات لتوطين اللاجئين الفلسطينيين خارج أراضيهم.
ولفت، أن الأردن استضاف مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين على مدار عقود، ولكنه لا يمكن أن يتحمل المزيد من العبء السكاني، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة التي يمر بها.
كما أكد الفقيه، أن الأردن لا يمكن أن يتخلى عن دوره الريادي في دعم القضية الفلسطينية في محافل السياسة الدولية.
وأضاف: أن "أي محاولة لتوطين الفلسطينيين في دول الجوار قد تؤدي إلى مزيد من التوترات في المنطقة، وتعميق الأزمة بدلاً من إيجاد حل لها".
التهجير الفلسطيني
وفي تحليل أعمق، حذر الفقيه من أن مثل هذه التصريحات قد تُستخدم كجزء من محاولات لتصفية القضية الفلسطينية عبر تحريف الحلول.
ورأى، أن "الحديث عن التهجير الجماعي أو حتى استقبال الفلسطينيين في دول الجوار قد يكون بمثابة خطوة نحو فرض حلول تتجاهل الحقوق الفلسطينية، خصوصًا حق العودة وتقرير المصير".
وشدد المحلل الأردني على أن "أي حل عادل للقضية الفلسطينية يجب أن يكون قائمًا على مبدأ إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وليس عبر التهجير أو التوطين في دول أخرى".
مستقبل التصريحات الأمريكية
في ختام حديثه، لفت الفقيه إلى أن التصريحات الأمريكية الأخيرة قد تكون جزءًا من محاولات الضغط على الدول العربية لتغيير مواقفها حيال القضية الفلسطينية، ولكن هذه التصريحات لن تجد صدى في عمان أو القاهرة.
وأكد، أن "الموقف العربي، بقيادة مصر والأردن، سيظل ثابتًا في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، ولن يسمح لأي محاولات لتصفية قضيتهم عبر فرض حلول غير عادلة".
وأضاف: أن "العلاقة بين الأردن وفلسطين هي علاقة تاريخية ومصيرية، ولن يكون هناك أي حل للقضية الفلسطينية إلا بما يرضي الشعب الفلسطيني ويضمن حقوقه الشرعية".
وعلق الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، على التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حول مقترح استقبال الأردن ومصر لعدد من سكان قطاع غزة، قائلاً: إنها "مقترحات خطيرة وغير مدروسة"،. قد يكون لها تداعيات سلبية على الأمن الإقليمي ومستقبل القضية الفلسطينية.
وفي حديثه للعرب مباشر، أكد فهمي أن هذا النوع من التصريحات يأتي في إطار محاولات غير مباشرة لتغيير المعادلات السياسية في المنطقة، وتهديد الأمن القومي العربي بشكل عام.
وقال: "هذه التصريحات تعكس رؤية سياسية غير واقعية، وتفتح الباب أمام حلول تنتقص من حقوق الفلسطينيين، وأهمها حق العودة، الذي يمثل جوهر القضية الفلسطينية".
مخاطر تهجير الفلسطينيين
أوضح الدكتور طارق فهمي، أن التصريحات الأمريكية تأتي في وقت حساس، حيث يعاني الفلسطينيون في غزة من ظروف إنسانية قاسية، ولكن الحلول المقترحة من قبل ترامب لا تأخذ في اعتبارها حقوق الفلسطينيين المشروعة في تقرير المصير.