تصاعد الإرهاب في إفريقيا: ساحة صراع بين الإرهابيين والقوى الخارجية.. ما الحل؟
تصاعد الإرهاب في إفريقيا
تشهد القارة الإفريقية تصاعدًا ملحوظًا في الأنشطة الإرهابية، مع تهديدات متنامية من جماعات مثل القاعدة وداعش والانقلابات العسكرية وتنامي نفوذ الجماعات المتطرفة يضعان الأمن القومي للدول الإفريقية تحت الخطر؛ ما يستدعي تركيزًا دوليًا وتدابير منسقة لمواجهة هذه التحديات، وخاصة العوامل التي تسهم في زيادة تنامي الإرهاب سواء كانت العوامل تعود للجغرافيا السياسية أو السياسات المحلية، أو الانقسامات الاقتصادية والاجتماعية، أو الحدود التي يسهل اختراقها.
الإرهاب يهدد إفريقيا وأوروبا
أظهرت دراسة أجراها المركز الأوروبي لدراسة مكافحة الإرهاب والاستخبارات أن الدول الإفريقية تواجه تحديات كبيرة في مواجهة الإرهاب والتطرف، وأن الانقلابات العسكرية وانسحاب القوات الغربية من بعض البلدان قد زادت من تفاقم الوضع الأمني والسياسي في المنطقة، كما تناولت الدراسة تأثير الإرهاب على أوروبا، والتهديدات التي تواجهها من جانب الجماعات المتطرفة والإرهابية التي تنشط في إفريقيا.
وبحسب الدراسة، فإن أبرز المناطق التي تشهد نشاطاً إرهابياً مكثفاً في إفريقيا هي المنطقة الحدودية بين النيجر وبوركينا فاسو ومالي، التي تُعرف بـ"المثلث الأخطر"، حيث تسيطر عليها جماعات مرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش، وتنفذ هجمات دامية على القوات الحكومية والمدنية والأجنبية. وقد ازدادت قوة هذه الجماعات بعد الانقلاب العسكري الذي وقع في النيجر في أكتوبر 2023، والذي أدى إلى تدهور الوضع الأمني والسياسي في البلاد.
داعش أصبح لاعبًا أساسيًا
وأشارت الدراسة إلى أن تنظيم داعش أصبح لاعباً أساسياً في منطقة الساحل الإفريقي، وأنه يسعى إلى فرض أجندته الإرهابية والتوسع في نفوذه في الدول المجاورة. وأوضحت أن التنظيم يسيطر على مناطق واسعة شمال مالي وبوركينا فاسو، وأنه يمارس أنشطة اقتصادية وتجارية مع النيجر والمناطق الخاضعة لسيطرته. كما أنه يحاول التوغل في الدول الأطلسية، مثل بنين وتوغو وساحل العاج، ويستهدف تجنيد واستقطاب الأشخاص في شمال بنين.
وفي سياق متصل، كشفت تقارير استخباراتية أوروبية في أبريل 2023 عن مخططات إرهابية تستهدف سفارات وكنائس ومراكز تجارية في أوروبا، وعن محاولات داعش لصنع أسلحة كيماوية وتشغيل طائرات بدون طيار وخطف دبلوماسيين أوروبيين.
وحذرت الدراسة من أن الإرهاب يشكل تهديداً حقيقياً للأمن والاستقرار في أوروبا، ودعت إلى تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي بين الدول الأوروبية والإفريقية لمواجهة هذا الخطر.
روسيا وتركيا تتنافسان على النفوذ في إفريقيا
الدراسة أشارت إلى أن روسيا وتركيا تسعيان إلى توسيع نفوذهما في القارة الإفريقية، مستغلتين التراجع الغربي في المنطقة، وقد أقامت روسيا علاقات واسعة مع الدول الإفريقية، وأرسلت مجموعة (فاغنر) العسكرية الخاصة لتقديم الحماية والتدريب للقوات الحكومية في بعض الدول، مقابل حصولها على امتيازات في مجال التعدين.
كما تعمل روسيا على تشكيل "الفيلق الإفريقي"، وهو هيكل عسكري جديد يضم وحدات من (فاغنر) ومقاتلين أفراد، والذي من المتوقع أن ينتشر في خمس دول إفريقية بحلول منتصف 2024.
من جهة أخرى، تركيا تنشط في غرب إفريقيا، حيث تقوم بتقديم الدعم السياسي والدفاعي للدول المواجهة للانقلابات والتهديدات الأمنية. وقد سلمت تركيا طائرات (بيرقدار) المسيّرة لمالي، وتشارك في تنفيذ مشاريع تنموية في عدة دول، بالإضافة إلى تزويدها بالمعدات العسكرية.
وترى تركيا نفسها بديلاً عن فرنسا، التي خسرت جزءً من نفوذها في المنطقة بعد الانقلابات الأخيرة، وقد ارتفع حجم التجارة والاستثمارات بين تركيا وإفريقيا بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
محاربة الإرهاب في إفريقيا تحتاج لتعاون دولي
من جانبه، يقول د. طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية، إن الإرهاب يتطور باستمرار، ويتبنى أشكالا جديدة وأساليب جديدة لتحقيق أهدافه، إن الإرهاب بلا قيادة، الذي يمارسه أفراد أو خلايا صغيرة دون انتماء تنظيمي واضح، هو أحد أخطر أنواع الإرهاب في الوقت الحاضر.
وأضاف لـ«العرب مباشر»: أن هذا النوع من الإرهاب يستغل الفرص الانتهازية والنقاط الضعيفة في الأمن والاستقرار، ويستفيد من التكنولوجيا والإنترنت والتواصل الاجتماعي لنشر الفكر المتطرف والتحريض على العنف؛ لذلك يجب على الدول الإفريقية والدولية تبادل الخبرات والمعلومات والموارد لمكافحة هذا النوع من الإرهاب، وتعزيز القدرات الوطنية والمحلية للتصدي له.
وأشار فهمي إلى أن مكافحة الإرهاب في إفريقيا تتطلب تنسيقا وتعاونا إقليميا ودوليا لمواجهته، حيث لا يقتصر على الجانب الأمني فقط، بل يمس الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمعات الإفريقية؛ لذلك، يجب على الدول الإفريقية تبني إستراتيجيات شاملة ومتوازنة لمكافحة الإرهاب، تركز على الوقاية والرد والتعافي، وتشمل تعزيز الحوكمة والديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية الشاملة والتضامن الاجتماعي.