السماء تمطر نيرانًا على صنعاء.. تصعيد أميركي يستهدف معسكرات الحوثي

السماء تمطر نيرانًا على صنعاء.. تصعيد أميركي يستهدف معسكرات الحوثي

السماء تمطر نيرانًا على صنعاء.. تصعيد أميركي يستهدف معسكرات الحوثي
الضربات الأمريكية

في ساعات الليل الأولى، تحوّلت سماء العاصمة اليمنية صنعاء إلى ساحة نار مشتعلة، حيث أمطرت المقاتلات الأميركية وابلًا من الغارات على مواقع حوثية استراتيجية، في تصعيد غير مسبوق ضمن حملة عسكرية متصاعدة تقودها واشنطن منذ أسابيع، هذه الضربات جاءت عقب يوم دامٍ عاشته الجماعة الحوثية، إذ تكبدت خسائر كبيرة في عدد من المحافظات، ما دفع الولايات المتحدة لتكثيف هجماتها على معاقل السلاح والقيادة التابعة للحوثيين.

معسكر الحفا في جبل نقم، أحد أكثر المواقع تحصينًا في صنعاء، كان الهدف الأبرز لهذه الموجة الجوية، التي وصفها السكان بأنها الأعنف منذ بدء الحملة، وتُظهر التطورات الميدانية أن واشنطن انتقلت من مرحلة الردع التكتيكي إلى استراتيجية الاجتثاث المركّز للبنية العسكرية الحوثية، في مسعى لتقويض قدرتهم على تهديد الملاحة في البحر الأحمر، ويبدو أن الرسائل الأميركية هذه المرة أكثر صرامة، وربما تمهّد لمرحلة جديدة من المواجهة المفتوحة في اليمن.

*غارات مكثفة*


شنّت القوات الجوية الأميركية سلسلة من الغارات الجوية المكثفة، فجر الأربعاء، استهدفت مواقع حوثية في العاصمة اليمنية صنعاء، في تصعيد مفاجئ يشير إلى تحول نوعي في طبيعة العمليات العسكرية ضد الجماعة المدعومة من إيران.

وأفادت مصادر محلية وسكان من العاصمة، أن مقاتلات أميركية استهدفت معسكر الحفا عند سفح جبل نقم، شرق صنعاء، في هجوم هو الأعنف من نوعه منذ بدء الضربات الجوية الأميركية في اليمن.

وبحسب شهود عيان، فقد تسببت الانفجارات في موجات اهتزاز قوية شعر بها السكان في عدة أحياء من المدينة، رغم أن موقع القصف بعيد عن المناطق السكنية المباشرة، وفقًا لـ"رويترز".

سلسلة من الهجمات


معسكر الحفا يُعد من المواقع العسكرية المحصنة، ويضم مستودعات للأسلحة والذخائر، بالإضافة إلى مواقع قيادة ميدانية، وفقًا لمصادر أمنية، بدأ الهجوم بغارتين متتاليتين، تبعتهما سلسلة من الانفجارات، ما يشير إلى احتمال تدمير مخازن أسلحة أو انفجار ذخائر كانت داخل الموقع.

وصلت حصيلة الضحايا حتى الآن إلى 4 قتلى وعدد من المصابين، وفق ما أكدته مصادر طبية في مستشفى الثورة في صنعاء.

ونُقل الجرحى بواسطة مركبات عسكرية، ما يرجّح أنهم من عناصر الحوثيين، وتشير المعطيات إلى أن الغارات لم تكن عشوائية، بل استهدفت نقاطًا محددة بدقة عالية، ما يعكس استخدام تقنيات استخبارية متقدمة في تحديد الأهداف.

ويأتي هذا القصف بعد يوم حافل بالغارات على مواقع حوثية في ست محافظات يمنية، من بينها الحديدة، ومأرب، وذمار، وعمران. وبلغ عدد الغارات يوم الثلاثاء فقط أكثر من 37، طالت مخازن أسلحة ومراكز اتصالات ومواقع إطلاق صواريخ.

*استهداف الحديدة*


في محافظة الحديدة الساحلية، أعلنت جماعة الحوثي مقتل 8 أشخاص وإصابة 16 آخرين جراء غارات استهدفت محيط مديرية الحوك، القريبة من مطار المدينة، والذي استخدمته الجماعة سابقًا لشن هجمات على السفن العابرة للبحر الأحمر.

وتعد هذه الموجة من الغارات جزءًا من حملة عسكرية موسعة بدأت منتصف مارس الماضي، بعد تصاعد الهجمات الحوثية على خطوط الملاحة الدولية. ومنذ بداية هذه العمليات، تؤكد بيانات الحوثيين أن أكثر من 81 من عناصرهم لقوا مصرعهم، فيما لم تعلن القيادة المركزية الأميركية رسميًا عن تفاصيل العمليات.

ورغم التكتم الرسمي الأميركي، إلا أن البيت الأبيض أعلن تنفيذ أكثر من 200 ضربة جوية حتى الآن ضمن هذه الحملة، مؤكدًا أن العمليات ستستمر "حتى ردع الحوثيين عن تهديد الاستقرار الإقليمي".

وفي هذا السياق، قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث خلال مؤتمر مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض: "نعلم تمامًا حجم الضرر الذي ألحقناه بالبنية الحوثية، ولن نتراجع".

تحليل سياق الحملة الأميركية يكشف عن تحول جذري في قواعد الاشتباك، إذ لم تعد واشنطن تكتفي بضرب منصات الإطلاق، بل باتت تستهدف قيادات عسكرية ومراكز قرار، في عملية توحي بتطبيق استراتيجية "قطع الرأس" لتحجيم قدرات الحوثيين العسكرية.

وتشير تقارير استخبارية غربية، أن الحملة الأميركية باتت تحمل أهدافًا مزدوجة: من جهة وقف الهجمات الحوثية على الملاحة الدولية، ومن جهة أخرى إرسال رسائل ردعية إلى طهران، التي تُتهم بدعم وتسليح الجماعة كذراع ضغط إقليمي في مواجهة الضغوط الأميركية بشأن ملفها النووي.

وتجدر الإشارة إلى أن جماعة الحوثي كثّفت منذ نوفمبر الماضي هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيّرة على السفن المرتبطة بإسرائيل، ما تسبب بإغراق سفينتين ومقتل أربعة بحارة على الأقل. 
وردت الولايات المتحدة بتوسيع رقعة العمليات العسكرية، لتشمل أهدافًا أكثر حساسية.