مقرات غير معلنة وتمويل غامض.. ملف حزب الإخوان على طاولة السلطات الأردنية
مقرات غير معلنة وتمويل غامض.. ملف حزب الإخوان على طاولة السلطات الأردنية

في تطور جديد يعيد تسليط الضوء على ممارسات حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسي لجماعة الإخوان الإرهابية في الأردن، دخل الحزب دائرة التدقيق الرسمي من جديد، بعدما وجهت الهيئة المستقلة للانتخاب إنذارًا رسميًا إليه، مطالبة إياه بتصويب أوضاعه التنظيمية خلال فترة لا تتجاوز 60 يومًا، في أعقاب مخالفات واضحة لقانون الأحزاب الأردني.
المخالفة.. مقر غير موثق وممارسات غير شفافة
الإنذار، الذي لم يكن وليد الصدفة، جاء نتيجة اكتشاف الهيئة استخدام الحزب مقرًا غير مسجل لدى الجهات المختصة، دون أي "يافطة" أو دليل يدل على تبعيته الحزبية، في ما اعتبر مخالفة صريحة لمواد القانون الناظم للعمل الحزبي.
التستر، كما وصفته مصادر مطلعة، يعكس نمطًا من العمل التنظيمي الموازي الذي يتعارض مع مبادئ الشفافية والمكاشفة، ويثير الشكوك حول أهدافه الحقيقية.
الهيئة شددت في تحركاتها الأخيرة على أهمية علنية المقرات وطبيعة استخدامها، إذ لا يسمح قانونًا لأي حزب سياسي بالعمل من خلال أماكن غير مصرح بها أو مجهولة النشاط.
ويعد عدم الكشف عن العقارات المستأجرة أو عناوينها خرقًا إداريًا خطيرًا يفتح الباب أمام احتمالات تتجاوز الطابع الحزبي المشروع.
شقة العقبة.. تسريبات ووثائق تُثير الريبة
وفي حادثة منفصلة تحمل دلالات مشابهة، ضبطت شقة سكنية في مدينة العقبة كانت تستخدم كمنشأة سرية لتخزين ملفات ومعدات يشتبه بانتمائها لجماعة الإخوان المسلمين، دون أن تكون تلك الشقة مدرجة ضمن سجلات الحزب أو أي كيان سياسي مرخص.
المثير للقلق أكثر، أن التحقيقات الأولية كشفت أن الشقة مرتبطة باسم نائب حالي في البرلمان الأردني، معروف بتقاطعاته السياسية مع الجماعة، ما يطرح تساؤلات حول استغلال المنصب النيابي كغطاء لتحركات غير معلنة، وتوظيف شبكة العلاقات السياسية لتجاوز القيود القانونية والرقابية.
وبعض التسريبات أشارت إلى وجود محتويات حساسة داخل الشقة، شملت وثائق تنظيمية، بيانات لأعضاء، خطط تحرك داخلية، إضافة إلى أجهزة إلكترونية تستخدم عادة في إدارة النشاط اللوجستي والتنظيمي، وكلها كانت في بيئة غير خاضعة لأي إشراف رسمي أو حزبي معلن.
التمويل المجهول.. ثغرة قديمة تتجدد
إلى جانب الغموض حول المقرات، يبرز ملف التمويل الحزبي كواحدة من أبرز الإشكاليات المرافقة لحزب جبهة العمل الإسلامي.
حتى الآن، لا توجد بيانات واضحة عن مصادر التمويل الحقيقية، ولا طبيعة الدعم اللوجستي الذي يمكن الحزب من إدارة عدد كبير من الأفرع والنشاطات، في ظل تضييق المراقبة المالية على معظم الأحزاب الأخرى.
السلطات الأردنية كانت قد شددت في أكثر من مناسبة على ضرورة الإفصاح الدوري عن الحسابات المالية ومصادر الدعم، لكن الممارسات الفعلية على الأرض تشير إلى حالة من الغموض المستمر، تُبقي الحزب في دائرة الشك وتُعزز المخاوف من وجود دعم خارجي أو شبكات تمويل موازية لا تمر عبر القنوات الرسمية.
يأتي كل ذلك في وقت يتزايد فيه الضغط الشعبي والسياسي من أجل تنظيم الحياة الحزبية في البلاد بما يضمن سلامة الممارسة السياسية ويمنع استغلال العمل الحزبي كغطاء لمشاريع إيديولوجية أو تنظيمات ذات طابع غير وطني.
ورغم إقرار حزمة من القوانين الإصلاحية خلال الأعوام الماضية، يبدو أن بعض التيارات ما تزال تناور من أجل الاحتفاظ ببنيتها التقليدية وممارساتها القديمة، مستفيدة من الرمادية القانونية أو ضعف الرقابة في بعض الأحيان.
ويقول المحلل السياسي الأردني، خالد شنيكات: إن الإنذار الذي وجهته الهيئة المستقلة للانتخاب لحزب جبهة العمل الإسلامي يعكس تحولًا في التعامل الرسمي مع المخالفات الحزبية، خاصة من الجهات التي لطالما استفادت من "مساحات رمادية" في العمل السياسي والتنظيمي.
وأضاف شنيكات -في تصريح خاص للعرب مباشر-، أن السلطات الأردنية باتت أكثر تشددًا حيال ملف التنظيمات التي يشتبه في أن لها امتدادات خارجية، أو تستخدم العمل الحزبي كغطاء لتحركات تنظيمية موازية، مؤكدًا أن ما تم ضبطه في العقبة يثير علامات استفهام حول نوايا بعض الجهات في تجاوز القوانين تحت مظلة النشاط السياسي.
وأشار أن "الإخوان المسلمين في الأردن ما زالوا يُراهنون على أساليب التنظيم السرّي، رغم الإصلاحات التشريعية التي طالت قانون الأحزاب، ورغم التحولات الإقليمية التي باتت تُضيّق الخناق على أي امتدادات خارج الأطر القانونية".