طشهدت مدينة نيويورك لحظة تاريخية، مساء أمس، الثلاثاء، بعد إعلان فوز النائب الديمقراطي الاشتراكي زهران ممداني بمنصب عمدة المدينة، ليصبح بذلك أول مسلم يتولى هذا المنصب في تاريخها الممتد لأكثر من قرنين، حسبما نقلت صحيفة "الجارديان" البريطانية.

وقد تحولت قاعة باراماونت في بروكلين إلى ساحة احتفال ضخمة غصت بالمئات من أنصاره ومؤيديه، في أجواء طغى عليها الفرح والهتاف والدموع احتفالًا بانتصار غير مسبوق.

فوز تاريخي يعيد رسم خريطة السياسة في نيويورك

نجح زهران ممداني، البالغ من العمر 34 عامًا، في تحقيق فوز كبير حاصدًا أكثر من 50% من أصوات الناخبين، متفوقًا على حاكم الولاية السابق أندرو كومو والمرشح الجمهوري كورتس سلياوا. 

وقد اعتبر فوزه نقطة تحول كبرى في المشهد السياسي الأمريكي، إذ مثّل انتصارًا لتيار العدالة الاجتماعية والتمثيل الشعبي في أكبر مدن الولايات المتحدة.

تجمعت الحشود منذ التاسعة مساءً بتوقيت نيويورك أمام القاعة التي زُينت بشعارات حملته الانتخابية، حيث ارتدى الكثيرون قبعات وقمصانًا كتب عليها الأمل والتغيير. 

وبينما كانت النتائج تُعلن تباعًا، ارتفعت أصوات الموسيقى والرقص في المكان وسط حالة من الترقب التي تحولت سريعًا إلى موجة فرح عارمة بعد تأكيد فوزه رسميًا.

حضور سياسي بارز واحتفال شعبي واسع

حضر الحفل عدد كبير من الشخصيات البارزة في الحزب الديمقراطي، من بينهم ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، وجمانة ويليامز، وبراد لاندر، والمدعية العامة ليتيشا جيمس، والممثلة الأمريكية سينثيا نيكسون. 

كما شارك الناشط الإعلامي المعروف حسن بيكر بين الحضور متحدثًا إلى الصحفيين وسط الحماس الجماهيري الكبير.

مع إعلان فوز زهران ممداني رسميًا عند الساعة التاسعة والنصف مساءً، دوى المكان بالتصفيق والهتاف، فيما رفع الحاضرون هواتفهم لتوثيق اللحظة. 

وبكى بعض المتطوعين فرحًا بعد أشهر من العمل الشاق في حملته، مؤكدين أن فوزه يمثل بداية عهد جديد لمدينة نيويورك.

رؤية جديدة لمدينة أكثر عدلًا وإنسانية

عند صعوده إلى المنصة في الحادية عشرة والنصف مساءً، استُقبل زهران ممداني بهتافات مدوية نادت باسمه. 

بدأ خطابه بشكر جميع المتطوعين والمؤيدين، مؤكدًا أن هذا الانتصار لا يعود لشخصه بل لكل من آمن بفكرة أن السياسة يمكن أن تكون صوتًا حقيقيًا للناس.

أعلن زهران ممداني التزامه بمحاربة التفاوت الطبقي وتحقيق العدالة الاجتماعية، مشيرًا إلى أن تنصيبه في الأول من يناير المقبل سيكون انتصارًا لجيل جديد من سكان المدينة الذين يؤمنون بإمكانية التغيير. 

وشدد على أن السلطة يجب أن تعود إلى المواطنين بعد أن احتكرتها النخب الثرية لسنوات طويلة.

أجندة إصلاحية طموحة

تضمن برنامجه مجموعة من الوعود أبرزها توفير رعاية أطفال مجانية للجميع، وتحسين وسائل النقل عبر حافلات سريعة ومجانية، وتجميد الزيادات على الإيجارات في الوحدات الخاضعة للرقابة، إلى جانب سياسات تهدف لجعل المدينة أكثر إنصافًا واستدامة.

وفي أحد أكثر مقاطع كلمته حماسة، وجه زهران ممداني رسالة مباشرة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤكدًا أن مواجهة الاستبداد تبدأ من تفكيك الظروف التي سمحت له بالتمدد، وأضاف: أن الطريقة المثلى لإيقاف ترامب ومن يشبهه هي ببناء نظام سياسي أكثر عدلًا وشفافية.

اختتم زهران ممداني كلمته بالإشارة إلى خصمه أندرو كومو، مؤكدًا أن هذا الفوز أنهى سلالة سياسية تقليدية طالما احتكرت القرار في نيويورك، وأن المرحلة المقبلة ستكون عنوانها التغيير.

 ثم وضع يده على صدره قائلًا: إن القوة التي حصل عليها جاءت من الناس ولأجلهم، وإن المدينة تعود إلى سكانها.

بعد الخطاب، صعدت والدته المخرجة الشهيرة ميرا ناير إلى المنصة لتقبّل يده وسط تصفيق الجماهير، فيما احتضنه والده وزوجته في مشهد مؤثر اختصر رمزية الانتصار.