ازدواجية تركيا في معاملة العرب.. الإنسانية لمواطني الدول الغنية والعنف للفقراء
منذ الدولة العثمانية، لم تتسم السياسة التركية أبداً بالشفافية والمصداقية، فسعت دائمًا خلف مصالحها وأطماع سلاطينها، وهو ما رسخه بشدة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي وطد من سياسة الازدواجية والمصلحة بين أنقرة وباقي الدول.
ازدواجية تركية جديدة تظهر في السياسة الخارجية، والتي يحركها أردوغان، ولكن هذه المرة ليست بشكل مباشر أو من جهة حكومية، وإنما من إحدى الشركات التابعة لها وهي شركة "رويال شارت" حيث تتعمد التعامل مع الدول على حسب مصالحها؛ فتتعامل بإنسانية مع الدول الغنية وتصدر العنف وتتعامل به مع الدول التي ليس لها معها مصالح أو من تقف ضد سياساتها في المنطقة.
ازدواجية "رويال شارت"
نشرت "رويال شارت" إعلانًا مثيرًا للجدل، حيث أوردت فيه الشركة التركية في إسطنبول أنها: "تعلن أنها على استعداد تام بمد يد العون لجميع أو لأي سائح أو طالب من دولة الكويت خاصة أو خليجي بشكل عام تقطعت به السبل ويحتاج لأي معونة أو مساعدة أو مؤونة أو المأوى فإن الشركة تفتح أبوابها ومقراتها لأبنائنا وتؤكد استعدادها لتقديم المعونة اللازمة لأبنائنا"، وأرفقت بالإعلان العديد من أرقام للتواصل مع جهاتها في الكويت وإسطنبول.
ومن الواضح أن الإعلان موجه للكويت فقط، وليس لأي دولة أخرى، حيث إنها الدولة الوحيدة المذكورة فيه صراحة والأرقام المخصصة منها فقط أيضًا، وهو ما يعني أن الشركة التركية لا تريد تقديم يد العون حقًّا لأي عربي أو خليجي مثلما ذكرت وإنما الكويت تحديدًا، ربما لعدة مصالح منها أطماعها في ثروات الكويت أو لتحسين صورتها بالمنطقة.
المثير للجدل أن الشركة لم توفر الأمر نفسه أو الإعلان عن مساعدة أي من أبناء حليفتها قطر، التي تدعمها بكل ما أوتيت من قوة وإنما اكتفت بذلك فقط، وركزت كل اهتمامها على الكويت لاستقطابها، متجاهلة غيرها من الدول الفقيرة التي بالفعل يحتاج أبناؤها للرعاية والمؤن والإيواء.
من هي رويال شارت؟
تعتبر Royal Chart واحدة من مؤسسات الاستثمار في تركيا والمنطقة وتوفر خدمات الاستثمار الإلكتروني، وهي شركة غير مرخصة خارج تركيا ولا يوجد عليها أي نوع من المراقبة أو غطاء مالي، أو مركز أو فصل بين حسابات العملاء والشركة.
تستهدف الشركة التركية المثيرة للجدل العرب خاصة الخليج، ويمتلكها رجل أعمال تلاحقه العديد من قضايا النصب والاحتيال، ما يثير حولها الكثير من الشبهات، وتدعي الشركة أن مقدم السيولة هو البنك السويسري بينما في الواقع لا يتم الأمر من خلاله على الإطلاق.
العلاقات التركية الكويتية
وفي الوقت الذي تدعي فيه تركيا تقديم يد العون للعرب، تهمل الدول الفقيرة والمحتاجة حقًّا لذلك وتتجه لاستقطاب الدول الغنية، مثل الكويت، لذلك سعت للتقارب منها بشدة في الأشهر الأخيرة.
انخفض حجم التبادل التجاري بين البلدين تدريجيًّا في الفترة بين 2015-2017، ولكنه وصل إلى حدود 678 مليون دولار في عام 2018، كما أنه حاليًا توجد أكثر من 300 شركة تعمل في تركيا برأسمال كويتي، والتي ضخت استثمارات في تركيا بلغت قيمتها 1.7 مليار دولار.
وتنشط الشركات الكويتية المستثمرة في تركيا في القطاعات المالية والعقارية والتجارية والصناعية بشكل عام، وهناك ميل متصاعد لدى الكويتيين فيما يخص الاستثمار في المجال العقاري وشراء العقارات في تركيا، حيث قام المواطنون الكويتيون بشراء 1691 عقارًا في تركيا في عام 2017.
كما أعفت أنقرة المواطنين الكويتيين حاملي جوازات السفر العامة من تأشيرات الدخول إلى تركيا في عام 2017، من أجل ضخ المزيد من الاستثمارات بها لعلاج التدهور الاقتصادي الضخم فيها ونفور العديد من المستثمرين منها لانهيار عملتها.